التخطي إلى المحتوى الرئيسي

عن النسخ واللصق في عصر غوغل



رحم الله زمنا، كانت فيه السرقة الفكرية والادبية، تحتاج إلى مرجع مفقود أو شبه مفقود، وتحتاج أيضا إلى جهد حقيقي في النقل من هذا الكتاب إلى تلك الصفحات التي تنشر في بعض الصحف أو المجّلات أو بين دفتي كتاب.

الخير شوار  
في العصر الرقمي هذا أصبح الامر لا يحتاج إلا إلى تحديد النص، ثم النسخ وبعدها اللصق، ومن هنا وصف عصرنا هذا بعصر النسخ واللصق، وتفنن في ذلك الصحفيون وأصحاب البحوث والمداخلات الجامعية والأدباء. ومقابل هذه السهولة في النقل، أصبحت هناك سهولة أكبر في كشف السارق، ولا يحتاج الامر إلا إلى نسخ جملة من المتن ثم وضعها على محرك البحث غوغل يحيلك مباشرة على النص الأصلي.
ويبدو أن أمر النسخ واللصق هذا، أقدم بكثير من العصر الرقمي، وحتى أصبح أمر السرقات الفكرية والادبية من أقدم المهن في التاريخ. وكان الامر شبه مقتصر على سرقات الشعراء والأدباء من أجل الشهرة بالدرجة الاولى. لكن الأمر تعدى ذلك إلى سرقات للبحوث والرسائل الجامعية، وأصبح بإمكان احدهم أن ينجز رسالة في ساعات معدودات بفضل المشرف الأول السيد غوغل. وطال الامر شهادات الدكتوراه التي لم يعمل البعض فيها إلا على «جزأرة» و«تحيين» رسائل جامعية أجنبية. وبدا أن الكثير من الجامعيين في مأمن من «كشف المستور» لأن رسائلهم بقيت داخل أدراج الجامعة، لولا أن البعض غامر ونشر منتوج غيره المنسوخ ضمن كتب لعموم الناس، ومن هنا جاءت الفضيحة تلو الاخرى. وما نخشاه هو أن تتم رقمنة التراث الجامعي بالكامل وساعتها، يصبح من الصعب بل من المستحيل أن نجد إنتاجا علميا أصيلا. إنها التداعيات الخطيرة للثورة الرقمية التي ستسقط الكثير من الآلهة المزيفين. 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

لعنة كريستوف كلومب التي أصابت أجيال الجزائريين: كشف الغمّة في تاريخ الشمّة

لم يكن الرحالة المستكشف كريستوف كلومب، وهو يبحث عن طريق غربية نحو الهند، أن اسمه سيرتبط إلى الأبد بأمريكا (العالم الجديد)، وبالتبغ وبـ ''الشمة'' أيضا التي غزت الجزائر منذ قرون، ومازالت تسيطر على عقول الناس عندنا، مثلما سيطر ''القات'' ويسيطر على عقول اليمنيين · عندما اكتشف الرحالة الإسباني من أصل إيطالي كريسوف كلومب القارة الأمريكية، اكتشف معها مادة التبغ التي كان يُعتقد بأنها دواء شافي لبعض الأمراض، ومع بدايات القرن السادس عشر الميلادي بدأت تنتشر عادة استهلاك هذه المادة في شكل سجائر انطلاقا من إسبانيا والبرتغال قبل أن تكتسح السيجارة العالم وتعود من جديد إلى بلد الهنود الحمر في شكلها الجديد· وغير بعيد عن إسبانيا انتشرت في الضفة الجنوبية للمتوسط عادة من نوع آخر·· التبغ لا يحرق في سجل سجائر وإنما تعاد معالجته إضافة إلى مواد أخرى ليوضع في الفم ويسمى ''الشمة''، أو يسحق تماما ليشم على طريقة الكوكايين والهيروين ويسمى في هذه الحالة ''النفة''، ولئن كانت النفة محصورة إلى حد ما لدى فئة محدودة من الناس، فإن شقيقتها الشمة كثير

زوكربيرغ و"الربعة دورو أنتاع الكبش"

الخير شوار لا يملّ الكثير من الجزائريين من مرتادي شبكات التواصل الاجتماعي من إعادة نسخ صورهم القديمة التي تعود إلى زمن الأبيض والأسود وإعادة نشرها من جديد، مثلما "يبدعون" في نشر كل ما له علاقة بطفولتهم أو ماضيهم البعيد نسبيا، من علب حليب "لحظة"، وعلب السجائر مثل "الأفراز" و"الصافي" و"النسيم"، وعلبة "الهقار" التي تمثل جماعة من التوارق جالسين وأحدهم واقف، التي تذكّر بنكتة مفادها أن أحدهم قال إنه لن يقلع عن التدخين حتى يجلس ذلك "التارقي الواقف"، حتى الأوراق والقطع النقدية على غرار ورقة الخمس دنانير "أنتاع الثعلب" وورقة العشر دنانير الكبير، أو حتى ورقة الخمسمائة دينار التي سُحبت بشكل مفاجئ من التداول سنة 1982 وكشفت حينها عن متسولين وفقراء يمتلكون الأكياس منها. ولا يتردد البعض في نشر روابط من اليوتيوب تمثل مسلسلات ذلك الوقت مثل "ستارسكي وأتش" والمسلسل الموسيقي الأمريكي "فايم" وغيرها كثير. أشكال كثيرة منشورة تملأ الفيسبوك، ربما لا تعرفها الأجيال الجديدة التي تعتمد لغة "العربيز

الباحث فوزي سعد الله: الفنانون اليهود غنوا التراث الجزائري الذي كان تراثهم بحكم انتمائهم للجزائر

يرى الباحث فوزي سعد صاحب كتاب ''يهود الجزائر•• مجالس الغناء والطرب'' الصادر حديثا عن منشورات ''قرطبة'' بالجزائر، أن علاقة يهود الجزائر بالغناء المحلي الجزائري، لم تكن طابو، لكنها تحولت إلى ذلك بفعل أسباب تاريخية معقدة، ويرى أن عودة بعض الفنانين اليهود إلى الغناء بعد انقطاع طويل يعود إلى أسباب كثيرة لا تخلو من التجارة، بعد أن أصبح هذا النوع من الغناء موضة في أوروبا، ويؤكد أن ارتباطهم بهذا النوع من الغناء وجداني ولا علاقة له بالسياسة: منتجين وإن نبغ بعضهم حاوره: الخير شوار وأنت الباحث في علاقة يهود الجزائر بـ ''مجالس الطرب'' المحلي، لماذا تحوّل هذا الموضوع إلى طابو؟ هل هي جناية السياسة على الفن؟ علاقة اليهود بمجالس الطرب الجزائرية لم تولد طابو كما تقول، بل تحولت إلى طابو لأسباب تاريخية • اليهود والمسلمون كانوا يغنون مع بعض في نفس المجالس، في نفس الأجواق الموسيقية، في نفس المدارس والجمعيات الموسيقية على غرار ''المطربية'' و''الأندلسية'' و''الجزائرية - الموصلية''، وحتى في جوق الإذاعة