التخطي إلى المحتوى الرئيسي

المشاركات

على مذهب فرانكو

  لوحة بيكاسو الخالدة «غارنيكا»، المستوحاة من مأساة اسبانيا في حربها الأهلية ثلاثينيات القرن الماضي، لم يبدعها بابلو (بيكاسو) لوحده، بل شارك فيها الجنرال فرانكو وجيوشه، بصناعة تلك المأساة الإنسانية التي لولاها لما جاءت تلك اللوحة، فمن قال إن أباطرة الحرب أناس غير مبدعين؟ رسم الفنان أمجد رسمي مستوحى من لوحة بيكاسو الشهيرة  إنهم يطلقون عناوين روائية وشعرية ساحرة على حروبهم التي لا تنتهي، والتي يكتبون من خلالها كتب أمجادهم بدماء الأطفال وعظام المسكين من الناس، فمن «النسر النبيل» إلى «التمساح الوفي»، مرورا بـ"السلحفاة الفسفورية"، وليس انتهاء عند "الدبابة الحنون"، تبدأ ملاحمهم، وتنتهي أحلام الشعراء والمثاليين في رؤية عالم بلا حرب ولا حقد ولا كراهية . للحرب مؤرخ يجمّلها، ويعلمها للأجيال، ويسوّقها بتعليب إنساني، ولها ملكات جمال من لحم ودم، وهن فتيات فتكت بهن تلك المعارك وألغامها.   ومن أطرف المسابقات في هذا السياق ما تنظّم في دولة أنغولا الأفريقية التي أنهكتها الحروب الطويلة، فأنغولا التي استقلت عن البرتغال منتصف سبعينيات القرن الماضي دخلت في حرب أهلية مدمرة لم تنتهي
آخر المشاركات

الفتى الشوكي

  بعد طول ترحال بين مختلف الوسائط الإعلامية، وجد له قبل سنين مكانا «مثاليا»، على شبكات التواصل الاجتماعي، واحتل الكثير من «الجدران» والكثير من الصفحات. ورغم تجاوزه الخمسين بسنوات، يبقى ذلك الفتى بملامحه الطفولية، يرتدي تبّانا وبعض الألبسة المرقعة، ويدير ظهره منذ سنة 1973 دون كلل أو ملل، ولا أحد يعرف الآن إن كان وجهه قد تغيّر وهل أصبح بشارب كث، أو لحية طويلة أم غزاها الشيب؟ هو حنظلة، ولاسمه من مذاق طعم لحمه نصيب، قيل إنه من مواليد سنة 1969، لم يولد في مصحة ولا مستشفى ولا حتى في البيت أو سيارة الإسعاف، وإنما من أنامل الفنان الكاريكاتوري ناجي العلي. الفتى وعلى غير العادة، ولد طفلا في العاشرة تقريبا من عمره، بملابسه تلك التي عرفه بها الناس، وبرجيله الحافيتين، وبشعره الشوكي، الذي يشبه شوك القنافذ، وذلك هو سلاحه الوحيد. ويذكر البعض أن حنظلة عندما ولد لأول مرة، لم يكن يدير ظهره، بل كان يستقبل الناس، تماما مثلما استقبل الدنيا، وأهله من تشرد إلى آخر، لكنه اضطر سنة 1973 إلى «إعطاء» ظهره للناس، وهو على ذلك الحال إلى يومنا هذا، وقيل بأنه لم يتحرك من تلك الوضعية إلا في حالات معدودة جدا، عندما

الرواية المستحيلة

الأمر يتعلق بأغرب وأعجب كتاب في تاريخ (وخيال البشرية)،  الرواية التي لا يمكن لعبقري كتابتها، تضم عددا لا يحصى من الشخصيات وفي كل لحظة تتطور الأحداث في كل الاتجاهات المتشابكة، إنه كتاب التراب الذي لا يمكن الإحاطة به . لقد ذهب خيال متطرف، هو خيال خورخي لويس بورخيس ، لتصور الأمر وتحدى بخياله التكنولوجيا الرقمية التي انفجرت بعد موتته بسنين، ورأى أن الأمر يتعلق بـ"كتاب الرمل"، حيث فصّل يقول: «صفحات هذا الكتاب غير متناهية بشكل واضح، لا واحدة منها هي الأولي ولا واحدة منها هي الأخيرة، لكنني لا أعرف لماذا تم ترقيمها بهذه الطريقة، ربما لإفهام الآخرين بأن السلسلة اللامتناهية تقبل أي ترقيم ما دامت غير متناهية»، وسماه صاحبه «كتاب الرمل» لأن « الرمل والكتاب معا ليست لهما بداية ولا نهاية» . ولم يكن بورخيس يفعل أكثر ممن يحاول إعادة اكتشاف البارود من جديد، وكتابه العجيب، كتاب الرمل، موجود على أرض الواقع منذ لا ندري من السنين، إنها المعادل الموضوعي للكتب الورقية، وكتب الرقوق الجلدية القديمة وحتى المنقوشة على الأحجار والألواح وتلك الرقمية التي تزاحمنا في عصرننا. الأمكنة، أقدم الكتب على الإط

عبد الحميد بورايو: لهذا السبب ينسب الجزائريون أنفسهم إلى «الساقية الحمراء»

دور القبيلة الذي انحسر في الجزائر مع إقرار نظام الحالة المدنية في نهاية القرن التاسع عشر الميلادي وظهور الألقاب العائلية الحالية، بدأ يعود ولو افتراضيا من خلال النقاشات الكثيرة التي تحملها صفحات شبكات التواصل الاجتماعي، التي تحاول جمع الروايات المتناقضة وبعض الوثائق المكتوبة من أجل العودة إلى «الأصل». في هذا الحوار مع البروفيسور عبد الحميد بورايو، الباحث البارز في الثقافة الشعبية، نحاول الاقتراب من «سؤال القبيلة» والتراث الشعبي عموما وبعض القضايا ذات الصلة.  حوار: الخير شوار  مع ظهور شبكات التواصل الاجتماعي، برزت صفحات تعيد الجزائريين إلى «القبيلة» بالبحث عن الأصول، كيف تقرأ هذه الظاهرة؟ العودة إلى الأصول القبليّة والأسريّة والجهويّة، مسألة تندرج في النزوع إلى البحث عن الهوية الجمعيّة وهو مبدأ العصبيّة الذي تحدث عنه ابن خلدون بالنسبة للمجتمع العربي والبربري؛ وهو بحث أعتقد أنه يمثل هاجسا بالنسبة للجزائريين منذ القديم، بفعل تعرض الوحدات الاجتماعية المكونة للمجتمع الجزائري (القبيلة، العشيرة، العرش، العائلة إلخ...) للتهجير والانتقال عبر قرون بسبب عمليات احتلال الأرض والتهجير القسري، وكذلك

الوباء

كانت قرية عين المعقال تقضي أيامها المكررة برتابة تامة، يولد الناس، يتزوجون، ينجب بعضهم، ثم يموتون واحدا وراء الآخر، ولم يكن من مصدر للرزق سوى الزراعة والرعي، ولا يكسّر ذلك الروتين سوى بعض الوافدين القليلين جدا، وكان التجار من بين هؤلاء الوافدين القليلين، وحين يأتي تاجر ما يقبل الأطفال بفرح وانطلاق ويهتفون بأهازيج جميلة، بعضهم يحمل بعض ما هو موجود في البيت من جلود أنعام وصوف يقايضونها بالحناء وبعض الحلوى والتين والزيتون، ومن لا يملك الجلد والصوف يقضي حي نا من الوقت في حسرة وغيرة وحسد . الخير شوار لكن ما حدث في ذلك اليوم، غيّر من مصير القرية وبقيت الأجيال تتناقله، فبينما كان الرعاة يتأهبون للعودة بالقطيع في آخر النهار، لمح أحدهم رجلا بجوار دابة محملة بالبضائع، الرجل الغريب كان في حالة غير طبيعية أثارت دهشة وخوف من رآه بعد ذلك . - ما الذي جعل الرجل في تلك الحالة؟ تساءل الرعاة والدهشة تملأ القلوب، ثم أسرعوا في العودة إلى القرية ليلقوا على كبارها بتلك الأسئلة المحيّرة بخصوص ذلك الغريب، وما أن سمع الشيوخ بالأمر حتى أرسلوا فورا ببعض الشبان للإتيان بالغريب الذي يبدو عليه المرض،