التخطي إلى المحتوى الرئيسي

أجساد الجزائريين سجلات يرسمون عليها مسارات حياتهم.. الوشم التقليدي يطاردهم وتقليعاته الحديثة لا تغويهم



رابح... وهو كهل جزائري يشتغل في التعليم، ظل إلى وقت طويل يضع على ظهر يده اليسرى ضمادة طبية، وكان يحرص على تجديد الضمادة لسنين طويلة، ولم يكن السبب إلا أنه يحمل وشما في ذلك المكان، وقد ظل يخفي الأمر على الكثير من الناس إلى أن تمكن بفضل تطور الطب من إزالته وإزالة الضمادة التي لازمته سنين طويلة. والحقيقة أن الوشم المرسوم على الأجساد ظل جزءا أساسيا من الهوية الجزائرية، بل إن أي شخص يحمل على جسده وشماً، يسجل ذلك على بطاقة هويته الرسمية، فيقال مثلا: العلامات الخصوصية، وشم على الوجه، أو في ظاهر اليد.
ظل الوشم التقليدي إلى زمن قريب، جزءاً من شخصيات الناس في الجزائر، وبدأ يختفي شيئا فشيئا مع اختفاء أشياء كثيرة من صميم الخصوصية المحلية. واللافت أن أوشام الموضة العصرية، لم تنتشر بشكل كبير، وسط الأجيال الجديدة، كما هو الحال في دول عربية أخرى، ربما بسبب العقدة النفسية التي لازمت بعض الذين ما زالوا يحملون أوشاما تقليدية في أجسادهم.
في الإقليم الذي كان يسمى في السابق «المغرب الأوسط» امتزجت الثقافة الأمازيغية الأصيلة بالثقافة العربية الإسلامية، وأصبحت الكثير من أجساد النساء والرجال تتزين بلوحات فنية تحتاج إلى قراءات وفق آليات جديدة، وهي تتمثل في بعض الأشكال ذات الصلة بخط التفناغ المستعمل في الثقافة الأمازيغية. ولا يقتصر الأمر على الأجساد الأمازيغية (البربرية)، بل الكثير ممن لا يتقنون هذه الأبجدية يستخدمون بعضها عن جهل في كثير من الأحيان، إضافة إلى بعض الأيقونات والأشكال الفنية الأخرى.
ما زالت الكثير من الأوشام مرسومة في أجساد النساء المتقدمات في السن والرجال، في الأطراف والوجه ومناطق أخرى، عبارة عن كتب مفتوحة على القراءة المتعددة، ولئن كانت الأوشام الخاصة بالرجال قليلة لأسباب سيأتي ذكرها، فإنه من النادر أن تجد امرأة من الأجيال السابقة خاصة في القرى والمدن الصغيرة والبادية لا يتوفر جسدها على أشكال مختلفة من الأوشام، عند الحاجبين وبينهما وعلى الجبين والخدين وفي الذراعين حتى على الساقين. وعادة ما تتم عملية الوشم مع بداية سن النضج ويكون بمثابة دعوة صريحة للزواج بطريقة خاصة جدا. وفي العادة كانت عمليات الوشم تتم بطريقة طقوسية وهي نوع من «تجهيز» المرأة وتهيئتها للزواج، لكن بعض النسوة يقمن بمزيد من العمليات في مراحل أخرى من العمر. وهنا مثل شعبي جزائري تبين قراءته الكثير من الأمور المتعلقة بالموضوع، فالمثل يقول بلهجة محلية «اللي طحناته سفاتو، واللي قعد وشمت بيه». ولكي نفهم الموضوع لا بد من امتلاك بعض المفاتيح، فالمرأة القروية في بعض المناطق الزراعية كانت تقوم بطحن القمح بنفسها بطاحونة يدوية عبارة عن صخرتين متطاحنتين، على الصخرة العليا مقبض وفي وسطها ثقب تضع فيه القمح ليخرج طحينا بين الصخرتين. وكانت المرأة الناجحة هي من تطحن بنفسها، لكن بعض سيئات السيرة يعمدن إلى رسم المزيد من الأوشام والمبالغة فيها وذلك مقابل بعض الطحين يدفعنه للغجريات المتجولات. والغجر الجوالون يسمون في تلك المناطق «بنو عداس»، والمثل السابق تفصيحه «ما طحنته قامت بأكله دقيقا وما تبقى استعملته ثمنا للوشم».
وطريقة الوشم قاسية جدا وتتم بالوخز بالإبر، مع استعمال نوع من الكحل الخاص في موضع الجرح. وبعد أيام، يتضح الوشم إن كان جميلا متقنا أو غير ذلك. وإذا لم يرض صاحب الوشم بوشمه لا يمكن له التراجع عنه ويصبح جزءا من هويته. وعلى ذكر الهوية فكثيرا ما تصور الحكايات الشعبية قصص أشخاص، هويتهم أوشام سرية يحملونها في أماكن غير مرئية من أجسادهم، حتى إذا حدث الفراق لسبب أو لآخر في مجتمع كثيرا ما تأسس على الرحيل من مكان إلى آخر بحثا عن الماء والكلأ والنار، كان الأمل في تلك الإيقونات الخفية التي تكشف صاحبها مهما تغرب عن أهله، ومهما غيرت الأيام ملامحه. فالوشم هو الملمح الوحيد الذي لا يتغير، وكثيرا ما تفتخر المرأة بأوشامها المميزة، وأنجح الأوشام هي تلك التي تمثل الأشكال المتميزة والمرسومة على البشرة البيضاء. وإذا كانت المرأة فائقة الجمال فإن الوشم يزيدها رونقا، وكثيرا ما تقول المرأة مفتخرة بنفسها، «أنا زرقة (زرقاء) الوشمة»، وعندما تكبر المرأة وتكون في أرذل العمر تبكي جمالها الضائع قائلة إنه لم يبق منه إلا الوشم لا يتبدل ولا يتغير، وسيذهب معها إلى القبر وهو الوحيد الذي يبقى وفيا لها بعد أن تخونها الصحة، والجسد، وحتى أقرب أقربائها.
الوشم في الثقافة التقليدية الجزائرية لا يخص المرأة فقط. وفي العادة تكون الأوشام الرجالية بسيطة وغير مبالغ فيها، أما إذا كانت غير ذلك فالرجل يكون سيئ السمعة ويبقى معقدا من هويته تلك بقية عمره ويندم حيث لا ينفع الندم. فالرجل «الصالح» في المجتمع التقليدي يزين نفسه بأوشام بسيطة، سواء في وجهه وهذا أمر نادر أو على زنده وهو الأمر المتواتر، أما إذا كان الرجل منحرفا ومن مرتادي السجون ففي السجن يعمل على وشم جسده كله تقريبا، في بطنه وظهره وعلى أطرافه بأشكال مختلفة وغريبة. وعادة ما تكون تلك النوعية من الأوشام متقنة بشكل عجيب وينفذها فنانون حقيقيون صقلت السجون ومحنها مواهبهم. فكثيرا ما تنكشف الرسوم الموجودة على خريجي السجون في الحمامات المعدنية والحمامات التقليدية، وترى العجب العجاب... ثعابين كأنها حقيقية، وعقارب وحيات والكثير من التعابير الأخرى تشبه إلى حد بعيد ورقة مقتطعة من صحيفة يومية، وكل ذلك تستره الثياب إلا ما ظهر منها. وكثيرا ما يندم الواشم على فعلته فيتقدم في السن، ويتوب عن جرائمه، لكن شبح الوشم يبقى يطارده إلى الأبد. وفي الكثير من المرات يقلع السجناء الواشمون عن الذهاب إلى الحمامات المعدنية والشعبية التقليدية حتى لا تفضحهم الأوشام المنقوشة على أجسادهم في غير الرأس والأطراف، وكثيرا ما يدخل الرجل السجن لا يعرف شيئا عن أسرار الوشم ويخرج منه فنانا حقيقيا في هذا المجال، يستطيع أن يبدع لوحات رائعة لا تنتمي إلى أي من المدارس الفنية لكن أي فنان حقيقي يقف أمامها مدهوشا.
ولا يرتبط الوشم عند الرجال، بتلك الأشكال البسيطة عند الناس العاديين ولا عند تلك اللوحات «العملاقة» التي «تزين» أجساد خريجي السجون. فالعاشقون، لهم نصيبهم من الوشم، وكثيرا ما يعشق الفتى فتاة وترتطم إرادته بالعادات والعلاقات الاجتماعية المتشابكة التي تمنعه من الزواج بمن يحب، وقد يفشل هذا الحب الكبير لأسباب أخرى معروفة، وفي هذه الحالة وعوضا عن الانهيار أو الانتحار يعمد العاشق إلى نقش الحرف الأول من اسمه والحرف الأول من اسم حبيبته على ظهر يده أو على زنده، ليبقى ذلك الحب خالدا مدى الحياة، فبعضهم يطهر ذلك الفعل نفسه من نار العشق التي تأكله من الداخل ويعيش بشيء من التوازن مع حزن دفين وبعضهم لا يبرأ من ذلك الحب المستحيل إطلاقا، وفي كل الحالات يبقى الوشم المنقوش على ظهر اليد لعنة يحملها العاشق البائس إلى قبره، أما المرأة العاشقة، فالتقاليد تمنعها من وشم اسم حبيبها في جسدها، فلو فعلت لانكشف أمرها ودفعت الثمن غاليا، وفي هذا الحال تلجأ إلى وشم آخر وهو «الافتراضي» الذي يكون في قلبها ويبقى كذلك مدى حياتها التي عادة ما تقضيها تعاسة في تعاسة.
الوشم بأشكاله وطقوسه جزء أساسي من الثقافة المحلية في الجزائر ولا عجب والحال هكذا أن ارتبطت واحدة من أشهر قصائد الحب في الشعر الشعبي بالوشم ونعني بها قصيدة «الوشام» لأقدم شاعر شعبي جزائري معروف وهو محمد بن مسايب الذي عاش قبل قرون، فالقصيدة تصور عاشقا يخاطب من ينفذ الوشم مسلما له جسده، ويملي عليه في كل مرة حرفا إلى أن تنتهي الأحرف الأبجدية ومع كل حرف من الحروف التي يذكرها، يذكر وصفا من أوصاف حبيبته أو حكاية تذكره به، والقصيدة الشهيرة، غناها الكثير من أقطاب الطرب في الغرب الجزائري من أشهرهم في القرن العشرين الشيخ حمادة والشيخ بلاوي الهواري، وكثيرا من الكتابات الأدبية الجزائرية المعاصرة تستلهم من فنون الوشم، حتى في العناوين. ومن الذين استلهموا الوشم في عناوين كتبهم، الشاعرة نورة بوراس في مجموعتها الشعرية «أوشام بربرية»، والقاص الجديد يوسف بوذن الذي يكتب القصة القصيرة بشكل متميز جدا وعنوان مجموعته القصصية الأولى التي صدرت منذ سنوات هو «وشم في الذاكرة»، بل إن ديوانا شعريا هو «وشم على زند قرشي» صدر في ثمانينات القرن العشرين، كان حمله يشكل خطرا على حياة صاحبه ليس بسبب مضمونه وإنما بسبب مؤلفه الشاعر عبد الله عيسى لحيلح الذي كان عضوا قياديا في تنظيم الجيش الإسلامي للإنقاذ المنحل قبل أن يستفيد من العفو وهو حاليا أستاذ في الجامعة الجزائرية، والحديث عن الوشم في الثقافة الجزائرية يبدو بلا نهاية.
الخير شوار

ملحق

قصيدة الوشام للشيخ محمد بن مسايب

يا الوشام دخيل عليــــك *** كن حاذر فاهم نوصيك
اخفض والخفض يواتيك *** منيتي بالك تاذها
يا الوشام
أعمل كتاب من عشر ميا *** من العرب ونجوع قويا
والعساكر الكليــــــــــــا *** جابها الباي وجابها
يا الوشام
أعمل ألف ألف زناد *** والعساكر حتى القياد
الطبول ترعد ترعاد *** والخيول تشالي بها
يا الوشام
أعمل البا بهجة الأسرار *** القيب معدل والديار
شيد البنيان والأســــوار *** اعمل العسة تحضيها
يا الوشام
أعمل التا تاج مرصع *** بالكواكب نوره يسطع
الشمس والقمر يتبـــع *** بين الأيام ولياليها
يا الوشام
أعمل الثا ثيث في الأوشام *** فايت الزنجي يكون ظلام
طايح للورا والقــــــــــدام *** مايل مخبل كاسيها
يا الوشام
أعمل الجيم مجمع الزين *** الغُرَّا والحاجب والعين
والبياض الناصح مسكين *** طابع حمورة خدها
يا الوشام
أعمل الحا حلة وحلي *** غير من تحَّوِف مولى علي
يسعد من يبات مسلــي *** عندها وتعرس بها
يا الوشام
أعمل الخا خال مـــورد *** عنبري فوق بياض الخد
كل من شافه وقت الصد *** خاف من لحظة عينيها
يا الوشام
أعمل الدال دلال بهيــج *** كأنه ياقوت يوهج وهيج
فوق التيت مخلج تخليج *** طابع مناقش وذنيها
يا الوشام
أعمل الذال من ذال العز *** كل من جاه منه ينهز
جند الروم وبــــــــــــرز *** خاف من العدو يديها
يا الوشام
أعمل الرا رمز المحبوب *** واجمع الطالب والمطلوب
عمر الجدول بالمقلـــوب *** كل شي را اسمه فيها
يا الوشام
أعمل الزين زهرة الأغصان *** في العلالي من البعد تبان
والطيور تحنن تحنــــــــــان *** كل بلبل جا من جيها
يا الوشام
أعمل الطا طير في الأدواح *** بين الأغصان يصيح صياح
المخمر بكيوس الــــــــراح *** بيها النفس يسليها
يا الوشام
أعمل الظا ظبي التصبيـح *** بيه يتونس كل مليح
طار ورباب والعود فصيح *** والكياتر بين يديها
يا الوشام
أعمل الكاف كتاب عجيب *** شغل سلطان حكيم لبيب
كل شي جابه بالترتيــــب *** جاب تفسير معانيها
يا الوشام
أعمل اللام لمن يقـــــراه *** اكتم السر وافهم معناه
شاين ما يطلب من مولاه *** حاجته يبغي يقضيها
يا الوشام
أعمل الميم مياه تفـور *** بالجنينة دور السور
أعمل منازه يا مغرور *** للريام تقصر فيها
يا الوشام
أعمل النون نوار ظريف *** في الربيع مصنف تصنيف
قبل أن يدخل حر الصيف *** جاها النطح وجا ليها
يا الوشام
أعمل الصاد أصحاب اللهو *** وانطرب معهم بالزهو
أركب سفاين بحر السهــــو *** وسطها والداير بها
يا الوشام
أعمل الضاد ضيا العينين *** حد ما يوصلها في الزين
شمي وقمر وبدور آخرين *** شارقين على خديها
يا الوشام
أعمل العين عيون وقاح *** نائمين وشفارهم ذباح
المراشف للبوس مــلاح *** ريق مثل الشهدا فيها
يا الوشام
أعمل الغين غرفة من عاج *** سقفها والطيقان زجاج
باهيا كالبدر الوهــــــــــاج *** ءاش يجمع شملي فيها
يا الوشام
أعمل الفا فراش أهل الجود *** فوق منزه عالي مرفود
الشمع في الحسكة موقـــود *** والخيال يميل عليها
يا الوشام
أعمل القاف قمر ونجوم *** والبها في الجو معلوم
أعمل اللازم والملــزوم *** كل من فات يراعيها
يا الوشام
أعمل السين سما برفاق *** وكل ما يدريوا العشاق
السما وسبع طبـــــــاق *** في أوقات الله يحضيها
يا الوشام
أعمل الشين شهور وأعوام *** ولا تخمم فيهم تخمام
أعمل الليالي والأيـــــــــام *** كل يوم في القصر اجليها
يا الوشام
أعمل الها هيفات مــلاح *** نورهم يضوي كالمصباح
جالسين كل مسا وصباح *** عند من يجمعني بها
يا الوشام
أعمل الواو وكن ظريف *** ركب حروفك للتأليف
بعد الواو اعمل لام أليف *** للظريفة الحلا اهديها
يا الوشام
يا إله اغفر لي ما فات *** أغفر للناظم ذي الأبيات
بعد ميا وألف مضــات *** عام عشرين تكلم بها
يا الوشام
أعمل الهمزة همزة خيـر *** اجمع أيامي بالتسيير
ابن مسايب يحب التحرير *** من جهنم وأهلها
يا الوشام

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

لعنة كريستوف كلومب التي أصابت أجيال الجزائريين: كشف الغمّة في تاريخ الشمّة

لم يكن الرحالة المستكشف كريستوف كلومب، وهو يبحث عن طريق غربية نحو الهند، أن اسمه سيرتبط إلى الأبد بأمريكا (العالم الجديد)، وبالتبغ وبـ ''الشمة'' أيضا التي غزت الجزائر منذ قرون، ومازالت تسيطر على عقول الناس عندنا، مثلما سيطر ''القات'' ويسيطر على عقول اليمنيين · عندما اكتشف الرحالة الإسباني من أصل إيطالي كريسوف كلومب القارة الأمريكية، اكتشف معها مادة التبغ التي كان يُعتقد بأنها دواء شافي لبعض الأمراض، ومع بدايات القرن السادس عشر الميلادي بدأت تنتشر عادة استهلاك هذه المادة في شكل سجائر انطلاقا من إسبانيا والبرتغال قبل أن تكتسح السيجارة العالم وتعود من جديد إلى بلد الهنود الحمر في شكلها الجديد· وغير بعيد عن إسبانيا انتشرت في الضفة الجنوبية للمتوسط عادة من نوع آخر·· التبغ لا يحرق في سجل سجائر وإنما تعاد معالجته إضافة إلى مواد أخرى ليوضع في الفم ويسمى ''الشمة''، أو يسحق تماما ليشم على طريقة الكوكايين والهيروين ويسمى في هذه الحالة ''النفة''، ولئن كانت النفة محصورة إلى حد ما لدى فئة محدودة من الناس، فإن شقيقتها الشمة كثير

زوكربيرغ و"الربعة دورو أنتاع الكبش"

الخير شوار لا يملّ الكثير من الجزائريين من مرتادي شبكات التواصل الاجتماعي من إعادة نسخ صورهم القديمة التي تعود إلى زمن الأبيض والأسود وإعادة نشرها من جديد، مثلما "يبدعون" في نشر كل ما له علاقة بطفولتهم أو ماضيهم البعيد نسبيا، من علب حليب "لحظة"، وعلب السجائر مثل "الأفراز" و"الصافي" و"النسيم"، وعلبة "الهقار" التي تمثل جماعة من التوارق جالسين وأحدهم واقف، التي تذكّر بنكتة مفادها أن أحدهم قال إنه لن يقلع عن التدخين حتى يجلس ذلك "التارقي الواقف"، حتى الأوراق والقطع النقدية على غرار ورقة الخمس دنانير "أنتاع الثعلب" وورقة العشر دنانير الكبير، أو حتى ورقة الخمسمائة دينار التي سُحبت بشكل مفاجئ من التداول سنة 1982 وكشفت حينها عن متسولين وفقراء يمتلكون الأكياس منها. ولا يتردد البعض في نشر روابط من اليوتيوب تمثل مسلسلات ذلك الوقت مثل "ستارسكي وأتش" والمسلسل الموسيقي الأمريكي "فايم" وغيرها كثير. أشكال كثيرة منشورة تملأ الفيسبوك، ربما لا تعرفها الأجيال الجديدة التي تعتمد لغة "العربيز

الباحث فوزي سعد الله: الفنانون اليهود غنوا التراث الجزائري الذي كان تراثهم بحكم انتمائهم للجزائر

يرى الباحث فوزي سعد صاحب كتاب ''يهود الجزائر•• مجالس الغناء والطرب'' الصادر حديثا عن منشورات ''قرطبة'' بالجزائر، أن علاقة يهود الجزائر بالغناء المحلي الجزائري، لم تكن طابو، لكنها تحولت إلى ذلك بفعل أسباب تاريخية معقدة، ويرى أن عودة بعض الفنانين اليهود إلى الغناء بعد انقطاع طويل يعود إلى أسباب كثيرة لا تخلو من التجارة، بعد أن أصبح هذا النوع من الغناء موضة في أوروبا، ويؤكد أن ارتباطهم بهذا النوع من الغناء وجداني ولا علاقة له بالسياسة: منتجين وإن نبغ بعضهم حاوره: الخير شوار وأنت الباحث في علاقة يهود الجزائر بـ ''مجالس الطرب'' المحلي، لماذا تحوّل هذا الموضوع إلى طابو؟ هل هي جناية السياسة على الفن؟ علاقة اليهود بمجالس الطرب الجزائرية لم تولد طابو كما تقول، بل تحولت إلى طابو لأسباب تاريخية • اليهود والمسلمون كانوا يغنون مع بعض في نفس المجالس، في نفس الأجواق الموسيقية، في نفس المدارس والجمعيات الموسيقية على غرار ''المطربية'' و''الأندلسية'' و''الجزائرية - الموصلية''، وحتى في جوق الإذاعة