التخطي إلى المحتوى الرئيسي

المشاركات

عرض المشاركات من يناير, ٢٠٠٨

قراءة تأويلية في رواية "حروف الضباب"- الحروف والمحنة

يوسف بوذن -1- هذه مؤانسة تبتهج كلما كان للحرف طعم الصمغ المعتق، والمحنة مُرّة كطعمه أو يزيد، هي ريحانة تجرّب عطرها في دروب الجمال، والجمال حظ ونصيب . نشأت على حدود الكتاب كما ينشأ النبات على ضفاف الساقية، والنبات نافع كله متى كانت للسواقي لغة وفصاحة وخيال. إن درس المؤانسة كتابة ثانية وموال يلحّن معاني المحنة. وقد سبقها إمتاع، وهو جواد يبدأ تعريفه في الصحراء، أو البحر ربما، أو في الضباب! والإمتاع ليلة واحدة، وكفى. في الليل تـنزّلت الحكاية، والليل مهبط الوحي والسرد، والليل ينادي اليقظة، والنهار مؤجل أو وباء يفتك بالقبيلة. ولولاه (الإمتاع)، لظلت الحاشية، رهينة البياض، والبياض غربة واحتمال. هو حكاية بسيطة وغيبٌ، أما الرواية فهي شوق، أولّه كما بدأت:"في سابق الزمان..." وتعني:" الآن في هذا الزمان...." وآخره الموت والسقوط في العتمة حيث الفم يرغب في الكلام، لكن الأفكار تهرب بعيدا. -2- كان الراوي مطمئنا في روايته، أمينا في نقلها، محايد إلى درجة البرودة، يعرف ما يزول وما يبقى، يعرف تفاصيل الحكاية وكأنها قامت دفعة واحدة، وفي ليلة واحدة، طويلة. وعندما كان بلغته الواضحة، ال

المسرح الجزائري ينطق بالعربي الفصيح

مشهد من مسرحية صرخة أوفيليا ظاهرة جديدة تخترق المسرح الجزائري بقوة، انها ظاهرة اللغة العربية الفصحى، التي باتت لغة الممثلين المفضلة كما هي مطلب الجماهير الذين يأتونها مستمتعين ومصفقين. أمر كان يبدو غريباً، في مرحلة بدا وكأن العامية هي سيدة الخشبة وسرّها. لماذا هذه العودة الحماسية للفصحى؟ وكيف؟ الخير شوار عاش المسرح الجزائري العام المنصرم أزهى أيامه مع العروض التي لم تنقطع، غير أن ظاهرة لافتة بدأت قبل سنين وترسخت أكثر في السنة الأخيرة وهي التمثيل باللغة العربية الفصحى، بنجاح لافت في الأداء، وتجاوب ملحوظ من الجمهور، الذي صفق كثيرا لعروض من هذا القبيل رغم «نخبويتها» ولغتها التي توصف أحيانا بالقاموسية. مسرحية «هاملت بلا هاملت» التي كتبها العراقي خزعل الماجدي، تحولت مع فرقة «النوارس» المسرحية بمدينة بوقرة ضاحية مدينة البليدة (50 كيلومترا من الجزائر العاصمة)، إلى «صرخة أوفيليا»، وهي تنطلق من لحظة موت هاملت في مسرحية شكسبير الشهيرة، لتصبح حبيبته أوفيليا المحور الذي تدور حوله الأحداث. والمسرحية التي أنتجت هذه السنة حسب مخرجها كمال عطوش تدخل في سياق عمل تجريبي شاق سوف يشمل

حميد كشّاد: سلطان الهامش الذي اختفى

غاب ذلك ''التروبادور'' بزيه المميز الذي كان يرتدي سترة ''البلو دو شانغهاي'' بالشاش الصحراوي، وهو يحمل القفة بشكل دائم، فبعد اليوم لن يرى في دار الصحافة ولا الإذاعة الوطنية ولا حتى بين المدن الصحراوية التي تجول فيها كثيرا· حميد كشاد الخير شوار عندما اضطر حميد كشّاد إلى مغادرة هذا العالم، ترك إضافة إلى ملابسه المميزة، قفة بقيت كئيبة بعده، لا نعلم ما كان بداخلها، هي علامته المميزة و''علبته السوداء'' التي قد يكون فيها السر الذي يميّزه عن غيره، وجعل منه ذلك الفنان المثقف المتمرد، عاشق الهامش إلى حد التضحية في سبيله بكل شيء، حتى بـ''الخبزة'' مثلما حدث له أكثر من مرة وغادر المؤسسة التي كان يعمل فيها مكرها، فلم يمهل الموت حميد شهرا آخر حتى يحتفل بعيد ميلاده الثالث والخمسين، واضطر حميد للرحيل صباح الخميس الماضي، ودفن في مساء اليوم ذاته قريبا من مسقط رأسه بمنطقة القليعة (ولاية تيبازة)، بعد أزمة قلبية حادة نتيجة لمرض في الأوعية الدموية، إضافة إلى مرض السكري الذي كان يعاني منه· كان حميد مثلما عرفه الناس، عاشقا للح

واسيني الأعرج: حكاية مع ''أمير'' لا تنتهي

يبدو أن قدر الروائي الجزائري واسيني الأعرج مع جائزة الشيخ زايد الإماراتية للكتاب لن يتوقف عند التتويج بها الذي حدث فعلا في السنة المنقضية، فقد أعلن عن انضمامه إلى اللجنة الاستشارية للجائزة ذاتها في طبعتها الثانية، وجاء ذلك التتويج والكاتب بصدد الاشتغال على مشروع سردي تاريخي كبير بعنوان ''سراب الشرق''· واسيني الأعرج الخير شوار كان حلم واسيني الأعرج سنة ,2007 هو أن تتحول روايته ''كتاب الأمير'' إلى فيلم سينمائي ضخم من إنتاج المخرج الجزائري المغترب عبد العزيز طولبي، الذي اقترح المخرج كوستا غافراس لتجسيده، لكن الحلم تبخر عند مسألة التمويل، وتعذَّر إنجاز ذلك الفيلم الذي كان ينتظر أن يتم بمقاييس عالمية، ولم يتوقف واسيني عند ذلك الأمر بل تجاوز ذلك التعثر بتتويج غير مسبوق له، وقد فاز في شهر مارس من السنة ذاتها بجائزة الشيخ زايد للكتاب في طبعتها الأولى، وهي أضخم جائزة عربية للكتاب وتقدر القيمة المالية لمجموعة اختصاصاتها بأكثر من مليوني دولار أمريكي عن رواية ''كتاب الأمير'' نفسها، تلك الرواية التي سبق لها وأن تُوّجت بجائزة المكتب

الطاهر بن عيشة: حزب يرفض الاعتماد

الطاهر بن عيشة الآن، وقد تجاوز الشيخ الطاهر بن عيشة سن الثمانين، مازال ذلك المثقف الموسوعي مشاغبا، مثيرا للجدل بآرائه ومواقفه الصريحة من مختلف القضايا، وهو الذي كان قريبا من التيارات اليسارية دون أن ينخرط فيها، وقد اعتبر نفسه ''حزبا قائما بذاته''· الخير شوار الطاهر بن عيشة، هو بمثابة ذاكرة للجزائر المعاصرة دون أن يؤلف كتابا واحدا، بل هو كتاب يشبه كتاب ''الرمل'' العجيب الغريب في قصة خورخي لويس بورخيس الشهيرة· مازال يؤمن بالماركسية في جانبها الذي يدافع عن حقوق العمال، وهو الذي التقى المناضل الكولومبي السجين حاليا ''كارلوس'' وكانت له علاقة مع الثائر الأرجنتيني الراحل أرنستو تشي غيفارا الذي كاتبه قبل أن يلقى حتفه هناك في بوليفيا· لم يوثّق كل تلك المعلومات النادرة في مذكرات، وهو الذي يؤكد قائلا: ''كنت شاهدا على مرحلة طويلة بكل ما فيها من تناقضات وكنت مترددا هل أقول الحقيقة أم لا؟'' ذلك التردد الذي حرّم القارئ الجزائري من الاطلاع على جوانب مهمة من تاريخ الحركة الوطنية في كتاب مستقبل· ويظل ''عمي الط

رشيد بوجدرة: روائي خارج التصنيف

رشيد بوجدرة الذي طرح اسمه لأكثـر من مرة للفوز بجائزة غونكور للأدب الفرانكفوني، وحتى جائزة نوبل للآداب، يفوز هذه السنة بجائزة المكتبيين الجزائريين عن روايته الأخيرة ‘’نزل سان جورج'’، ومن سخرية الأقدار أن الكاتب صاحب الشهرة العالمية الذي فرح بالجائزة اعتبرها أول تكريم له في بلده· رشيد بوجدرة الخير شوار بقي رشيد بوجدرة الذي أصدر روايته الأولى قبل 38 سنة ظاهرة تستعصى على الفهم، وهو الواقف بين العربية والفرانكفونية، وكأنه فعلا في ‘’المنزلة بين المنزلتين'’ بتعبير المعتزلة، بل أن وقوفه في تلك المنزلة، وعدم انخراطه في هذا المعسكر أو ذلك جعله يدفع الثمن غاليا، ولم ينل أي تكريم يستحق الذكر، إلا هذه السنة مع جائزة المكتبيين الجزائريين، السنة التي قرر العودة فيها إلى الكتابة الروائية باللغة العربية وقد بدأها لأول مرة سنة 1982 برواية'’التفكك'’، لموقف حضاري مبدئي، لكنه عاد مكرها إلى الكتابة الفرنسية بعد ‘’تميمون'’ سنة 1995 التي يقول بأنها تجربة مرّة والبلد كان داخلا في ذلك النفق الدموي، وكان يحملها في الحقائب اليدوية من أجل توزيعها، ليضطر إلى العودة إلى الكتابة ب