التخطي إلى المحتوى الرئيسي

واسيني الأعرج: حكاية مع ''أمير'' لا تنتهي


يبدو أن قدر الروائي الجزائري واسيني الأعرج مع جائزة الشيخ زايد الإماراتية للكتاب لن يتوقف عند التتويج بها الذي حدث فعلا في السنة المنقضية، فقد أعلن عن انضمامه إلى اللجنة الاستشارية للجائزة ذاتها في طبعتها الثانية، وجاء ذلك التتويج والكاتب بصدد الاشتغال على مشروع سردي تاريخي كبير بعنوان ''سراب الشرق''·


واسيني الأعرج


الخير شوار
كان حلم واسيني الأعرج سنة ,2007 هو أن تتحول روايته ''كتاب الأمير'' إلى فيلم سينمائي ضخم من إنتاج المخرج الجزائري المغترب عبد العزيز طولبي، الذي اقترح المخرج كوستا غافراس لتجسيده، لكن الحلم تبخر عند مسألة التمويل، وتعذَّر إنجاز ذلك الفيلم الذي كان ينتظر أن يتم بمقاييس عالمية، ولم يتوقف واسيني عند ذلك الأمر بل تجاوز ذلك التعثر بتتويج غير مسبوق له، وقد فاز في شهر مارس من السنة ذاتها بجائزة الشيخ زايد للكتاب في طبعتها الأولى، وهي أضخم جائزة عربية للكتاب وتقدر القيمة المالية لمجموعة اختصاصاتها بأكثر من مليوني دولار أمريكي عن رواية ''كتاب الأمير'' نفسها، تلك الرواية التي سبق لها وأن تُوّجت بجائزة المكتبيين الجزائريين سنة ,2006 كأول عمل مكتوب باللغة العربية يفوز بها، وكان التتويج بجائزة الشيخ زايد للكتاب تمهيدا لانضمامه إلى المجلس الاستشاري للجائزة في دورتها الثانية لهذه السنة التي تظم، إضافة إلى أمينها العام راشد العريمي، كل من الدكتور علي راشد النعيمي من الإمارات والدكتور عبد الله الغذامي من السعودية والدكتور صلاح فضل من مصر والشيخة مي خليفة من البحرين والدكتور سعيد بن سعيد العلوي من المغرب والدكتور رضوان السيد من لبنان·
واسيني الأعرج الكاتب المكثار الذي نشر الكثير من الروايات في الجزائر وخارجها، والذي ترجمت أعماله إلى مختلف اللغات العالمية، كان عليه انتظار منتصف هذه العشرية الجديدة من القرن الجديد، حتى يحقق التتويج تلو الآخر بفضل رواية واحدة هي ''كتاب الأمير- مسالك أبواب الحديد'' وبفضل كلمة سر واحدة هي الأمير عبد القادر الجزائري الذي يحقق من خلاله نجاحات لم يكن يتوقعها، وبفضل الأمير عبد القادر و''روايته''، دخل واسيني الأعرج تجربة سردية مطولة في إطار جائزة قطر الدولية للرواية التاريخية، التي يشتغل فيها مجموعة من الكتّاب العالميين على الفترة الزمنية الممتدة من اتفاقية سايكس بيكو سنة 1916 إلى يومنا هذا، وفي هذا الإطار فإن واسيني اشتغل على وثائق تاريخية تقول بأن حامل علم الوحدة العربية هو ابن سعيد أخ الأمير عبد القادر الجزائري، وهي الوثيقة التي يقول واسيني بأنها قادته إلى إعادة اكتشاف الأمير عبد القادر عربيا، والذي في إطاره كتب مشروع ''سراب الشرق'' الكبير الذي تشرف عليه منظمة اليونيسكو وتموله دولة قطر·
وبعيدا عن حكاية واسيني الأعرج مع الأمير عبد القادر الجزائري والتي يبدو أنها ستطول، فإن واسيني الأعرج الذي أصدر الكثير من الروايات يؤكد بأن الرواية الأقرب إلى ذاته هي ''فاجعة الليلة السابعة بعد الألف'' (رمل ماية)، وفي هذا الصدد سبق لواسيني أن قال: ''أنا أكثر ارتباطا بـ''رمل ماية'' الذي جاءت بعده ''المخطوطة الشرقية''، وسيأتي الجزء الثالث·· هذه نصوص اشتغلت عليها بهدوء، الأول أخذ مني ثماني سنوات، والثاني حوالي تسع سنوات، والثالث مستمر في الزمان ولا توجد مشكلة في هذا الصدد''، وعن سر الارتباط بتلك الرواية دون غيرها أضاف: ''أقول بأنه نص مرجعي بالنسبة لي وشكل تحولا بالنسبة لي من الناحية السياسية، فمن خلاله اخترت الأدب، رغم أني مازلت أومن بالفكر الاشتراكي لكن ليس في جانبه البيروقراطي·· أنا أعرف بأن الرأسمالية ليست حلا، والرأسمالية المتوحشة أخطر، والعولمة أخطر وأخطر''، وهنا يكشف واسيني عن إيديولوجيته السياسية، وقد بدأ حياته مناضلا يساريا: ''أنا أرى بأن البشرية ستذهب إلى مزيد من الليبرالية التي تحرر الذهن، ولكن نحو المزيد من العدل، ونحن نرى ما يحدث من انتفاضات ومن مسيرات لإسقاط أنظمة الحكم الشمولية، ليس سياسيا فقط بل واجتماعيا، لأن أموال الدولة باسم الاشتراكية تستثمرها عصابة بينما تفقّر بقية الشعب وهذا ما حدث في الجزائر إلى فترات قريبة، أرى أن المسافة ستتضاءل بين اليسار واليمين للدخول في نسق بشري يكاد يكون موحدا والنظام السويدي هو الأقرب إلى هذا، هناك ليبرالية ببعد اجتماعي''، وعودة إلى نضاله السياسي الذي تخلى عنه لصالح الكتابة الروائية يقول: ''أنا سياسي فاشل ولا أستطيع أن أكون في منصب سياسي، لكني أقول بأن المثقف يمكن أن يلعب دورا مهما ليس في التوعية المباشرة، فالفرنسي يدين بالكثير لفيكتور هيغو وإميل زولا وباسكال وفولتير وغيرهم، هؤلاء لم يغيروا بشكل مباشر وإنما طرحوا أفكارا في المجتمع فوجدت السند وترسخت بعد ذلك''·

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

لعنة كريستوف كلومب التي أصابت أجيال الجزائريين: كشف الغمّة في تاريخ الشمّة

لم يكن الرحالة المستكشف كريستوف كلومب، وهو يبحث عن طريق غربية نحو الهند، أن اسمه سيرتبط إلى الأبد بأمريكا (العالم الجديد)، وبالتبغ وبـ ''الشمة'' أيضا التي غزت الجزائر منذ قرون، ومازالت تسيطر على عقول الناس عندنا، مثلما سيطر ''القات'' ويسيطر على عقول اليمنيين · عندما اكتشف الرحالة الإسباني من أصل إيطالي كريسوف كلومب القارة الأمريكية، اكتشف معها مادة التبغ التي كان يُعتقد بأنها دواء شافي لبعض الأمراض، ومع بدايات القرن السادس عشر الميلادي بدأت تنتشر عادة استهلاك هذه المادة في شكل سجائر انطلاقا من إسبانيا والبرتغال قبل أن تكتسح السيجارة العالم وتعود من جديد إلى بلد الهنود الحمر في شكلها الجديد· وغير بعيد عن إسبانيا انتشرت في الضفة الجنوبية للمتوسط عادة من نوع آخر·· التبغ لا يحرق في سجل سجائر وإنما تعاد معالجته إضافة إلى مواد أخرى ليوضع في الفم ويسمى ''الشمة''، أو يسحق تماما ليشم على طريقة الكوكايين والهيروين ويسمى في هذه الحالة ''النفة''، ولئن كانت النفة محصورة إلى حد ما لدى فئة محدودة من الناس، فإن شقيقتها الشمة كثير

زوكربيرغ و"الربعة دورو أنتاع الكبش"

الخير شوار لا يملّ الكثير من الجزائريين من مرتادي شبكات التواصل الاجتماعي من إعادة نسخ صورهم القديمة التي تعود إلى زمن الأبيض والأسود وإعادة نشرها من جديد، مثلما "يبدعون" في نشر كل ما له علاقة بطفولتهم أو ماضيهم البعيد نسبيا، من علب حليب "لحظة"، وعلب السجائر مثل "الأفراز" و"الصافي" و"النسيم"، وعلبة "الهقار" التي تمثل جماعة من التوارق جالسين وأحدهم واقف، التي تذكّر بنكتة مفادها أن أحدهم قال إنه لن يقلع عن التدخين حتى يجلس ذلك "التارقي الواقف"، حتى الأوراق والقطع النقدية على غرار ورقة الخمس دنانير "أنتاع الثعلب" وورقة العشر دنانير الكبير، أو حتى ورقة الخمسمائة دينار التي سُحبت بشكل مفاجئ من التداول سنة 1982 وكشفت حينها عن متسولين وفقراء يمتلكون الأكياس منها. ولا يتردد البعض في نشر روابط من اليوتيوب تمثل مسلسلات ذلك الوقت مثل "ستارسكي وأتش" والمسلسل الموسيقي الأمريكي "فايم" وغيرها كثير. أشكال كثيرة منشورة تملأ الفيسبوك، ربما لا تعرفها الأجيال الجديدة التي تعتمد لغة "العربيز

الباحث فوزي سعد الله: الفنانون اليهود غنوا التراث الجزائري الذي كان تراثهم بحكم انتمائهم للجزائر

يرى الباحث فوزي سعد صاحب كتاب ''يهود الجزائر•• مجالس الغناء والطرب'' الصادر حديثا عن منشورات ''قرطبة'' بالجزائر، أن علاقة يهود الجزائر بالغناء المحلي الجزائري، لم تكن طابو، لكنها تحولت إلى ذلك بفعل أسباب تاريخية معقدة، ويرى أن عودة بعض الفنانين اليهود إلى الغناء بعد انقطاع طويل يعود إلى أسباب كثيرة لا تخلو من التجارة، بعد أن أصبح هذا النوع من الغناء موضة في أوروبا، ويؤكد أن ارتباطهم بهذا النوع من الغناء وجداني ولا علاقة له بالسياسة: منتجين وإن نبغ بعضهم حاوره: الخير شوار وأنت الباحث في علاقة يهود الجزائر بـ ''مجالس الطرب'' المحلي، لماذا تحوّل هذا الموضوع إلى طابو؟ هل هي جناية السياسة على الفن؟ علاقة اليهود بمجالس الطرب الجزائرية لم تولد طابو كما تقول، بل تحولت إلى طابو لأسباب تاريخية • اليهود والمسلمون كانوا يغنون مع بعض في نفس المجالس، في نفس الأجواق الموسيقية، في نفس المدارس والجمعيات الموسيقية على غرار ''المطربية'' و''الأندلسية'' و''الجزائرية - الموصلية''، وحتى في جوق الإذاعة