التخطي إلى المحتوى الرئيسي

المشاركات

عرض المشاركات من 2008

بابا مرزوق: حكاية أقدم أسير حرب جزائري

قد يكون «بابا مرزوق» أقدم أسير حرب في العالم على الإطلاق، وفي شهر يوليو (تموز) الماضي قد أكمل السنة الثامنة والسبعين بعد القرن تحت الأسر دون أمل في العودة إلى أهله وذويه في الجزائر، وما «بابا مرزوق» إلا مدفع «الجزائر المحروسة» العملاق الذي استولى عليه الفرنسيون سنة 1830 بعد يوم واحد من احتلال مدينة الجزائر. وبعد غياب طويل عاد هذا الأسير المنسي من خلال أغنية شعبية جديدة وملحمة شعرية كبرى. الخير شوار عبد القادر شرشام من أشهر مطربي «الشعبي»، وهو لون غنائي نابع من مدينة الجزائر العاصمة ومستمد من الموسيقى الأندلسية الكلاسيكية، بكثير من التأصيل في البيئة المحلية والتجديد، فاجأ جمهوره بأداء أغنية «بابا مرزوق جاء». والقصيدة التي كتبها محمد بن عمرو الزرهوني الوزير السابق والمستشار الحالي لرئيس الجمهورية الجزائرية لا تتناول أحد الأولياء الصالحين مثلما جرت العادة مع هذا الطابع الغنائي الموسيقي، وإنما تخص أشهر مدفع في تاريخ الجزائر. ولئن لفتت الأغنية الانتباه فنيا، فقد أعادت إلى ساحة النقاش «مأساة» هذا المدفع الذي بقي تحت الأسر الفرنسي منذ أن استولى الجنرال الفرنسي دوبورمونت على مدينة ال

الجزائري الراحل عمار بلحسن: كاتب من "بلاد الألم العريض"

لوحة تمثل عمار بلحسن عمار بلحسن واحد من كتّاب الجزائر الذين رحلوا في عشرية تسعينات القرن العشرين الدموية، لكن موتتة كانت مختلفة عن تلك الموتات المجانية، فقد أمهله المرض الخبيث الذي أصابه، لان يؤرخ لتلك النهاية بطريقة مبدعة "يوميات الوجع"، بعد أن أبدع قصصا قصيرة كثيرة، وكتبا فكرية تجاوزت الوجع الفردي الذي عانى منه طيلة حياته القصيرة نسبيا إلى الوجع العام وسط ذلك الجو الثقافي الصحراوي الذي شرّحه بعمق في كتبه المنشورة والتي لم تنشر بعد.  الخير شوار  "تباً لك يا وطني... بلاد الألم العريض.. لم يعرف فنانوك وشرفاؤك سوى الاغتيال أو الموت بالسرطان وحيدون في مستشفيات نتنة، معزولون إلا من حنينهم وآهاتهم"، ذلكم هو مقطع من كتاب "يوميات الوجع" التي دونها القاص والسوسيولوجي عمار بلحسن الذي رحل عنا في قمة نضجه، متأثرا بأوجاع السرطان وهو في سن الأنبياء، عمار بلحسن ذلك القاص الجميل، والصوت النشاز (بالمفهوم الإيجابي)، في المشهد السبعيني الغارق في الأيديولوجيا بمفهومها النضالاتي المسطح، والمفرغ من أي محتوى جمالي، وقد رحل ذلك المبدع في أحلك أيام البلاد عندما بدأت آل

«رحمة» و«حسنة» يسرقان الأضواء من المشاهير

كاتب اسمه «رحمة»، ذاك الذي يقرأ له الناس يومياً كتاباته الأدبية الجديدة، على مدونته الالكترونية التي تحمل اسماً شاعرياً غريباً هو «أيقظوا الحلم، أريد أن أنام». المدون علاوة حاجي  الخير شوار المدونة تحوي نصوصاً قصصية مميزة، والكاتب الذي ظهر اسمه في البداية «رحمة» ظنه الجميع امرأة، لكن نصوصه بيّنت بأنه رجل، قبل أن تتوالى التعليقات على ما يكتب، ليضطر إلى إضافة «إبراهيم» ويصبح «رحمة إبراهيم». ولا يعرف أكثر قرائه إن كان الاسم حقيقياً أو مستعاراً، لكنه لفت الانتباه بقوة نصوصه، ضمن ظاهرة بدأت تتجذر في المشهد الجزائري، يمكن أن نسميها «أدب المدونين». فقد أصبح لتلك المدونة، ذات الخلفية الحالمة، الاسم والمضمون المميزين زوار يتوافدون في كل يوم وتعليقات كثيرة في زمن يشتكي فيه الكتّاب «الكلاسيكيون» من كساد بضاعتهم الأدبية، ويتكلمون عن غياب المقروئية بمناسبة أو بغيرها. والغريب في الأمر أن النصوص القصصية التي ينشرها «رحمة إبراهيم» في مدونته، كتبها قبل سنين ـ هكذا نقرأ في المدونة ـ وربما أن صاحبها كان يكتب في صمت بعيداً عن الأضواء وانتظر اللحظة المناسبة ليظهر على الناس. وليست حكاية «رحمة»

الروائي الجزائري الطاهر وطار: راهب في «دير الجاحظ»

الطاهر وطار في إحدى بنايات شارع يحمل اسم الكاتب الجزائري الشهيد أحمد رضا حوحو، الذي يتقاطع مع شارع فيكتور هيغو، يجلس الروائي الطاهر وطار، في «مقام»، «يحج» إليه الناس من كل فج، وهو الكاتب الذي اتخذ له مزارا إلكترونيا منذ سنين زيادة على مزاره الواقعي في ذلك «الدير الثقافي»، الذي يسمى «الجاحظية». الخير شوار بجانب ما يسميه الطاهر وطار «الوكر الثقافي»، وغير بعيد عن مكتبة الشاعر الذي اغتيل في ظروف غامضة منتصف تسعينيات القرن الماضي يوسف سبتي (وهو بالمناسبة بطل رواية وطار «الشمعة والدهاليز») يجلس الطاهر وطار الذي يحب أن يناديه الناس بـ«عمي الطاهر» بعيدا عن ألقاب الأستاذية المعروفة التي لا يحبها، في ما يشبه الطالون اليومي الذي يبتدئ في ساعة مبكرة من الصباح وينتهي مساء ليمتطي سيارته الصغيرة ويسوقها بخفة الشباب قاصدا بيته قرب أعالي حي حيدرة، وقبل ذلك يناقش مختلف القضايا السياسية والاجتماعية والتاريخية، وحتى الأسطورية مع جلسائه الذين يأتون إليه من الجزائر وخارجها، حتى أصبح «ديره» من الأماكن التي تشد إليها الرحال عند زيارة أي فنان أو كاتب إلى مدينة الجزائر، وفي مقامه ذاك، يناقش عمي الطاهر

حقيقة اختفاء الكاتبات الجزائريات

لافت عدد الأديبات الجزائريات اللواتي ظهرن في الساحة الثقافية، وبشرن بمستقبل واعد، ثم اختفين فجأة ولم يعد لهن من ذكر. قليلات فقط هن اللواتي اكملن الطريق وغالبيتهن كان لهن حظ الخروج من البلاد، حيث وجدن انطلاقتهن وشهرتهن ايضا. لماذا الكاتبات، وهل للأنثى الأديبة خصوصية تختلف عن زميلها الأديب في الجزائر؟ الخير شوار زكية علاّل، كاتبة صدرت لها في المدة الأخيرة مجموعة قصصية بعنوان يحمل أكثر من دلالة هو «لعنة المنفى». وقد كتبت بعض الصحف المحلية تقدم المجموعة القصصية تلك، وأعتقد الكثير من الكتاب اليانعين، أن الأديبة حديثة العهد وتنتمي إلى موجة الكتابة الجديدة لكاتبات دون العشرين من العمر، وهي الحساسية التي يمكن تسميتها «جيل 11 سبتمبر (أيلول)»، الجيل المعولم الذي نشأ مع الشبكة العنكبوتية العالمية، ولا يعترف بالحدود الجغرافية. لكن الضليعين بعالم الأدب الجزائري، يدركون أن الكاتبة زكية علال، إنما تنتمي إلى ما قبل جيل 5 أكتوبر (تشرين الأول) 1988. القارئ غير العارف يعتقد أن المنفى الذي قصدته الكاتبة هو الخارجي المعروف، لكنها جاءت من منفى آخر، هو الداخلي الذي بقيت فيه سنين طويلة بعد أن صدرت لها

فنانون جزائريون يطلعون من تحت القبعات العسكرية

يكتشف المتابعون للتشكيل الجزائري فناناً جديداً اسمه سليم رميل، يقدم انتاجه بأحد أروقة الجاحظية في قلب العاصمة. هذا الفنان الذي يحمل قبعة دركي، يذكّر الجميع بالشاعرة ـ ضابطة الشرطة ـ سميرة قبلي، والعقيد السابق والكاتب محمد شفيق مصباح، والضابط السابق محمد مولسهول المعروف باسم ياسمينة خضرا، تلك الظاهرة الجزائرية التي لا تتعارض فيها العسكرة مع الفن. الخير شوار معرض سليم رميل مميز، وهو عبارة عن 32 لوحة، بعضها مألوف لأنها إعادة رسم للوحات الفنان الجزائري حسين زياني، أو المستشرق الفرنسي إتيان دينيه الذي عشق مدينة بوسعادة في بوابة الصحراء وسكنها ثم أسلم وأطلق على نفسه اسم ناصر الدين، وهو دفين ترابها منذ بداية ثلاثينات القرن العشرين. صاحب المعرض لم يخف تأثره بهذين الفنانين الكبيرين، وبدأ حياته الفنية بإعادة رسم آثارهما، وسرعان ما تمكن من مزج الكلاسيكية بالانطباعية الحديثة وهما التياران اللذان ينتمي اليهما الفنانان المذكوران. وشيئا فشيئا اكتشف رميل طريقه، وكاعتراف منه بأثر الفنانين عليه يعرض لوحاتهما بريشته إلى جانب لوحاته الشخصية التي تمزج بين المدرستين وتحاول تجاوزهما معا. ويفتخر س

فيروز: فنانة فوق السياسة

فيروز بعد غياب دام حوالي عشرين سنة عادت الفنانة فيروز إلى دمشق، التي بدأت منها رحلتها الفنية الطويلة، لكن عودتها هذه لم تكن فنية فقط، ولم تكن سياسية مثلما أرادها الجدل الذي رافق رحلتها، وإنما كانت فوق السياسة مثلما كانت طوال مسيرتها الفنية المتميزة. الخير شوار في بؤرة تعج بالسياسة التي تمتزج أحيانا بالفن، صنعت الفنانة فيروز الاستثناء برحلتها الدمشقية الأخيرة، فليلة الاثنين الماضية صدعت فيروز التي تجاوزت عقدها السابع بكثير من الرشاقة، وتمكنت بلغتها الفنية من تحدي محترفي السياسة في بلدتها، بل وأخلطت كل الأوراق من جديد في العلاقة الشائكة بين سوريا ولبنان، وتمكنت سوريا باستعمار الورقة "الفيروزية" أن تسجل هدفا ثمينا في الحلبة السياسة باستعمال ورقة الفن في بداية احتفالية "دمشق عاصمة للثقافة العربية"، وفي منطلقة حيث يخلط الفن بالسياسة تربعت السيدة فيروز على العرش وبقيت تصنع التفرد حتى وهي في سن الثالثة والسبعين، والفنانة التي اسمها في الأصل نهاد حداد انتظرت شهر ديسمبر 1946 لتتمكن من الالتحاق بمعهد الكونسرفاتورا الوطني، ويتم تقييد اسمها في "صف محمد فليفل&q

تحية لفريق «جبهة التحرير الجزائرية» في الذكرى الخمسين.. رشيد بوجدرة يعود إلى السينما من بوابة الرياضة

رشيد بوجدرة بعد انقطاع طويل عن الكتابة للسينما، يعود الروائي الجزائري رشيد بوجدرة مجددا للفن السابع، بفيلم يستعيد ذكرى فريق جبهة التحرير الجزائرية لكرة القدم، وفي الذكرى الخمسين لتأسيس ذلك الفريق ينطلق تصوير الفيلم في أبريل (نيسان) المقبل، فماذا عن الفيلم وعن قصته وعن تجربة بوجدرة في السينما التي كانت قمتها فيلم «وقائع سنين الجمر» الذي توج بالسعفة الذهبية لمهرجان «كان» العام 1975. الخير شوار حسب ما جاء في تصريح الروائي الجزائري رشيد بوجدرة لـ«الشرق الأوسط» فإنه من المنتظر أن يبدأ تصوير فيلم سينمائي يتعلق بتاريخ فريق «جبهة التحرير الجزائرية» الذي سيخرجه «بن عمر بختي»، وهو من أشهر المخرجين في الجزائر، وسبق له أن أخرج للسينما عدة أفلام أكبرها ذلك الذي يتعلق بالمقاوم الكبير «الشيخ بوعمامة» الذي عاصر الأمير عبد القادر الجزائري وواصل المقاومة ضد الاحتلال الفرنسي بعد استسلام الأمير وترحيله إلى فرنسا، ثم إلى الشام، ومن مشاريع المخرج المستقبلية إخراج فيلم كبير عن الأمير عبد القادر كتب له السيناريو وزير الثقافة الجزائري بوعلام بسّايح. بوجدرة وهو من أشهر الروائيين في الجزائر وأكثر

«حلم لم يتحقق» يعرض في الجزائر.. أول فيلم عن «قوارب الموت» يفتح الجرح فنياً

مشهد من فيلم "حلم لم يتحقق" وصفت سنة 2007 المنقضية في الجزائر بـ«سنة الحرّاقة» (تنطق القاف جيما مصرية)، فلا يكاد يوم ينقضي دون أن تتكلم الصحف المحلية عن أخبار راكبي البحر ضمن ما تسمى «قوارب الموت»، والآن وبعد استفحال تلك الظاهرة الاجتماعية و«تجذّرها»، وصلت إلى السينما بعد إنتاج أول فيلم يتناول «الحراقة» صراحة، وهو فيلم «حلم لم يتحقق» للمخرج الشاب أحسن تواتي. الخير شوار فيلم «حلم لم يتحقق» قصته بسيطة، هي حكاية خمسة شبان وفتاة، يحاولون الهجرة غير الشرعية بعد أن ضاقت بهم السبل في بلدهم، لكن محاولتهم التي انطلقت من مرفأ الجزائر العاصمة تبوء بالفشل، ويتم القبض عليهم، ويودعون السجن، وفي الوقت الذي تنقضي فيه عقوبتهم، كان ينتظر منهم «التوبة» عن المغامرة، لكنهم يعاودون الالتقاء، ويحاولون المغامرة مجددا، لتنتهي أحداث الفيلم مفتوحة على كل الاحتمالات. فقد ينجح المغامرون في عبور البحر المتوسط، وقد يغرقون فيه، كما قد يلقى عليهم القبض، ويجربون السجن مرة ثانية. تلك هي خلاصة الفيلم القصير الذي أخرجه أحسن تواتي، وقد عرض أخيرا في قاعات السينما، وسوف يعرض في الثاني عشر من فبراير

الجزائر تحتفي بروايتها الجديدة

الروائي كمال قرور مع الناقدة يمنى العيد في الجزائر، حاليا، احتفاء غير مسبوق بالرواية الجديدة التي ظهرت بعد أحداث الخامس من اكتوبر (تشرين الأول) 1988، تلك الأحداث الفاصلة بين عهدين سياسيين، واتجاهين في الكتابة الروائية. وبعد حوالي 20 سنة من تلك الأحداث، جاء هذا الاحتفاء مع أهم جمعيتين تهتمان بالأدب، وهما «رابطة كتّاب الاختلاف» و«جمعية الجاحظية». الخير شوار انضم في شهر يناير (كانون الثاني) الحالي، إلى الساحة الأدبية الجزائرية روائيان جديدان، هما: كمال قرور صاحب «التراس.. ملحمة الفارس الذي اختفى»، وعبير شهرزاد صاحبة رواية «مفترق العصور»، الفائزان بجائزة مالك حداد للرواية التي تنظمها «رابطة كتّاب الاختلاف» برعاية جهات أخرى منذ ثماني سنوات. والجائزة التي تحمل اسم واحد من أهم الأسماء الروائية الجزائرية وهو مالك حداد الذي كتب باللغة الفرنسية وكان عاشقا للعربية رغم أنه لم يتمكن من إتقانها وقرر التوقف عن الكتابة نهائيا كموقف حضاري بعد استقلال الجزائر، وبقي في صمته الأدبي إلى أن توفي سنة 1978 نتيجة لحادث مروري مؤلم. ففي حفل بهيج بمبنى «المكتبة الوطنية الجزائرية»، تسلم الفائزان جا

قراءة تأويلية في رواية "حروف الضباب"- الحروف والمحنة

يوسف بوذن -1- هذه مؤانسة تبتهج كلما كان للحرف طعم الصمغ المعتق، والمحنة مُرّة كطعمه أو يزيد، هي ريحانة تجرّب عطرها في دروب الجمال، والجمال حظ ونصيب . نشأت على حدود الكتاب كما ينشأ النبات على ضفاف الساقية، والنبات نافع كله متى كانت للسواقي لغة وفصاحة وخيال. إن درس المؤانسة كتابة ثانية وموال يلحّن معاني المحنة. وقد سبقها إمتاع، وهو جواد يبدأ تعريفه في الصحراء، أو البحر ربما، أو في الضباب! والإمتاع ليلة واحدة، وكفى. في الليل تـنزّلت الحكاية، والليل مهبط الوحي والسرد، والليل ينادي اليقظة، والنهار مؤجل أو وباء يفتك بالقبيلة. ولولاه (الإمتاع)، لظلت الحاشية، رهينة البياض، والبياض غربة واحتمال. هو حكاية بسيطة وغيبٌ، أما الرواية فهي شوق، أولّه كما بدأت:"في سابق الزمان..." وتعني:" الآن في هذا الزمان...." وآخره الموت والسقوط في العتمة حيث الفم يرغب في الكلام، لكن الأفكار تهرب بعيدا. -2- كان الراوي مطمئنا في روايته، أمينا في نقلها، محايد إلى درجة البرودة، يعرف ما يزول وما يبقى، يعرف تفاصيل الحكاية وكأنها قامت دفعة واحدة، وفي ليلة واحدة، طويلة. وعندما كان بلغته الواضحة، ال

المسرح الجزائري ينطق بالعربي الفصيح

مشهد من مسرحية صرخة أوفيليا ظاهرة جديدة تخترق المسرح الجزائري بقوة، انها ظاهرة اللغة العربية الفصحى، التي باتت لغة الممثلين المفضلة كما هي مطلب الجماهير الذين يأتونها مستمتعين ومصفقين. أمر كان يبدو غريباً، في مرحلة بدا وكأن العامية هي سيدة الخشبة وسرّها. لماذا هذه العودة الحماسية للفصحى؟ وكيف؟ الخير شوار عاش المسرح الجزائري العام المنصرم أزهى أيامه مع العروض التي لم تنقطع، غير أن ظاهرة لافتة بدأت قبل سنين وترسخت أكثر في السنة الأخيرة وهي التمثيل باللغة العربية الفصحى، بنجاح لافت في الأداء، وتجاوب ملحوظ من الجمهور، الذي صفق كثيرا لعروض من هذا القبيل رغم «نخبويتها» ولغتها التي توصف أحيانا بالقاموسية. مسرحية «هاملت بلا هاملت» التي كتبها العراقي خزعل الماجدي، تحولت مع فرقة «النوارس» المسرحية بمدينة بوقرة ضاحية مدينة البليدة (50 كيلومترا من الجزائر العاصمة)، إلى «صرخة أوفيليا»، وهي تنطلق من لحظة موت هاملت في مسرحية شكسبير الشهيرة، لتصبح حبيبته أوفيليا المحور الذي تدور حوله الأحداث. والمسرحية التي أنتجت هذه السنة حسب مخرجها كمال عطوش تدخل في سياق عمل تجريبي شاق سوف يشمل

حميد كشّاد: سلطان الهامش الذي اختفى

غاب ذلك ''التروبادور'' بزيه المميز الذي كان يرتدي سترة ''البلو دو شانغهاي'' بالشاش الصحراوي، وهو يحمل القفة بشكل دائم، فبعد اليوم لن يرى في دار الصحافة ولا الإذاعة الوطنية ولا حتى بين المدن الصحراوية التي تجول فيها كثيرا· حميد كشاد الخير شوار عندما اضطر حميد كشّاد إلى مغادرة هذا العالم، ترك إضافة إلى ملابسه المميزة، قفة بقيت كئيبة بعده، لا نعلم ما كان بداخلها، هي علامته المميزة و''علبته السوداء'' التي قد يكون فيها السر الذي يميّزه عن غيره، وجعل منه ذلك الفنان المثقف المتمرد، عاشق الهامش إلى حد التضحية في سبيله بكل شيء، حتى بـ''الخبزة'' مثلما حدث له أكثر من مرة وغادر المؤسسة التي كان يعمل فيها مكرها، فلم يمهل الموت حميد شهرا آخر حتى يحتفل بعيد ميلاده الثالث والخمسين، واضطر حميد للرحيل صباح الخميس الماضي، ودفن في مساء اليوم ذاته قريبا من مسقط رأسه بمنطقة القليعة (ولاية تيبازة)، بعد أزمة قلبية حادة نتيجة لمرض في الأوعية الدموية، إضافة إلى مرض السكري الذي كان يعاني منه· كان حميد مثلما عرفه الناس، عاشقا للح

واسيني الأعرج: حكاية مع ''أمير'' لا تنتهي

يبدو أن قدر الروائي الجزائري واسيني الأعرج مع جائزة الشيخ زايد الإماراتية للكتاب لن يتوقف عند التتويج بها الذي حدث فعلا في السنة المنقضية، فقد أعلن عن انضمامه إلى اللجنة الاستشارية للجائزة ذاتها في طبعتها الثانية، وجاء ذلك التتويج والكاتب بصدد الاشتغال على مشروع سردي تاريخي كبير بعنوان ''سراب الشرق''· واسيني الأعرج الخير شوار كان حلم واسيني الأعرج سنة ,2007 هو أن تتحول روايته ''كتاب الأمير'' إلى فيلم سينمائي ضخم من إنتاج المخرج الجزائري المغترب عبد العزيز طولبي، الذي اقترح المخرج كوستا غافراس لتجسيده، لكن الحلم تبخر عند مسألة التمويل، وتعذَّر إنجاز ذلك الفيلم الذي كان ينتظر أن يتم بمقاييس عالمية، ولم يتوقف واسيني عند ذلك الأمر بل تجاوز ذلك التعثر بتتويج غير مسبوق له، وقد فاز في شهر مارس من السنة ذاتها بجائزة الشيخ زايد للكتاب في طبعتها الأولى، وهي أضخم جائزة عربية للكتاب وتقدر القيمة المالية لمجموعة اختصاصاتها بأكثر من مليوني دولار أمريكي عن رواية ''كتاب الأمير'' نفسها، تلك الرواية التي سبق لها وأن تُوّجت بجائزة المكتب

الطاهر بن عيشة: حزب يرفض الاعتماد

الطاهر بن عيشة الآن، وقد تجاوز الشيخ الطاهر بن عيشة سن الثمانين، مازال ذلك المثقف الموسوعي مشاغبا، مثيرا للجدل بآرائه ومواقفه الصريحة من مختلف القضايا، وهو الذي كان قريبا من التيارات اليسارية دون أن ينخرط فيها، وقد اعتبر نفسه ''حزبا قائما بذاته''· الخير شوار الطاهر بن عيشة، هو بمثابة ذاكرة للجزائر المعاصرة دون أن يؤلف كتابا واحدا، بل هو كتاب يشبه كتاب ''الرمل'' العجيب الغريب في قصة خورخي لويس بورخيس الشهيرة· مازال يؤمن بالماركسية في جانبها الذي يدافع عن حقوق العمال، وهو الذي التقى المناضل الكولومبي السجين حاليا ''كارلوس'' وكانت له علاقة مع الثائر الأرجنتيني الراحل أرنستو تشي غيفارا الذي كاتبه قبل أن يلقى حتفه هناك في بوليفيا· لم يوثّق كل تلك المعلومات النادرة في مذكرات، وهو الذي يؤكد قائلا: ''كنت شاهدا على مرحلة طويلة بكل ما فيها من تناقضات وكنت مترددا هل أقول الحقيقة أم لا؟'' ذلك التردد الذي حرّم القارئ الجزائري من الاطلاع على جوانب مهمة من تاريخ الحركة الوطنية في كتاب مستقبل· ويظل ''عمي الط

رشيد بوجدرة: روائي خارج التصنيف

رشيد بوجدرة الذي طرح اسمه لأكثـر من مرة للفوز بجائزة غونكور للأدب الفرانكفوني، وحتى جائزة نوبل للآداب، يفوز هذه السنة بجائزة المكتبيين الجزائريين عن روايته الأخيرة ‘’نزل سان جورج'’، ومن سخرية الأقدار أن الكاتب صاحب الشهرة العالمية الذي فرح بالجائزة اعتبرها أول تكريم له في بلده· رشيد بوجدرة الخير شوار بقي رشيد بوجدرة الذي أصدر روايته الأولى قبل 38 سنة ظاهرة تستعصى على الفهم، وهو الواقف بين العربية والفرانكفونية، وكأنه فعلا في ‘’المنزلة بين المنزلتين'’ بتعبير المعتزلة، بل أن وقوفه في تلك المنزلة، وعدم انخراطه في هذا المعسكر أو ذلك جعله يدفع الثمن غاليا، ولم ينل أي تكريم يستحق الذكر، إلا هذه السنة مع جائزة المكتبيين الجزائريين، السنة التي قرر العودة فيها إلى الكتابة الروائية باللغة العربية وقد بدأها لأول مرة سنة 1982 برواية'’التفكك'’، لموقف حضاري مبدئي، لكنه عاد مكرها إلى الكتابة الفرنسية بعد ‘’تميمون'’ سنة 1995 التي يقول بأنها تجربة مرّة والبلد كان داخلا في ذلك النفق الدموي، وكان يحملها في الحقائب اليدوية من أجل توزيعها، ليضطر إلى العودة إلى الكتابة ب