التخطي إلى المحتوى الرئيسي

تحية لفريق «جبهة التحرير الجزائرية» في الذكرى الخمسين.. رشيد بوجدرة يعود إلى السينما من بوابة الرياضة

رشيد بوجدرة

بعد انقطاع طويل عن الكتابة للسينما، يعود الروائي الجزائري رشيد بوجدرة مجددا للفن السابع، بفيلم يستعيد ذكرى فريق جبهة التحرير الجزائرية لكرة القدم، وفي الذكرى الخمسين لتأسيس ذلك الفريق ينطلق تصوير الفيلم في أبريل (نيسان) المقبل، فماذا عن الفيلم وعن قصته وعن تجربة بوجدرة في السينما التي كانت قمتها فيلم «وقائع سنين الجمر» الذي توج بالسعفة الذهبية لمهرجان «كان» العام 1975.


الخير شوار
حسب ما جاء في تصريح الروائي الجزائري رشيد بوجدرة لـ«الشرق الأوسط» فإنه من المنتظر أن يبدأ تصوير فيلم سينمائي يتعلق بتاريخ فريق «جبهة التحرير الجزائرية» الذي سيخرجه «بن عمر بختي»، وهو من أشهر المخرجين في الجزائر، وسبق له أن أخرج للسينما عدة أفلام أكبرها ذلك الذي يتعلق بالمقاوم الكبير «الشيخ بوعمامة» الذي عاصر الأمير عبد القادر الجزائري وواصل المقاومة ضد الاحتلال الفرنسي بعد استسلام الأمير وترحيله إلى فرنسا، ثم إلى الشام، ومن مشاريع المخرج المستقبلية إخراج فيلم كبير عن الأمير عبد القادر كتب له السيناريو وزير الثقافة الجزائري بوعلام بسّايح.
بوجدرة وهو من أشهر الروائيين في الجزائر وأكثرهم إثارة للجدل في مختلف مراحل حياته، منذ أن اصدر روايته الأولى (التطليق)، بالفرنسية التي تناولت مسألة زنى المحارم سنة 1969 مرورا بقراره الكتابة باللغة العربية سنة 1982 مع رواية «التفكك»، ثم العودة مجددا إلى الفرنسية، وقراره الأخير بالعودة من جديد إلى الكتابة مباشرة باللغة العربية، بعد إنهائه لعقد خمس روايات مع دار نشر فرنسية، وعداوته الكبيرة للجبهة الإسلامية للإنقاذ، التي كتب بشأنها كتابا هجائيا في بداية التسعينات، وتخليه عن اتحاد الكتّاب الجزائريين الذي كان يرأسه آنذاك، واختفائه بعد أن استباحت الجماعات المسلحة دمه، بالمقابل له علاقة وطيدة بالسينما وهو الذي كتب سيناريو وحوار عدد من الأفلام أشهرها «وقائع سنين الجمر» الذي أخرجه محمد الأخضر حمينة والذي نال السعفة الذهبية لمهرجان كان السينمائي عام 1975، وقد أكد بوجدرة أن تصوير الفيلم الجديد سينطلق بشكل رسمي يوم الثاني عشر من شهر أبريل المقبل، بعد أن أعلن منذ مدة قصيرة عن انتهائه من كتابة ذلك السيناريو الذي يتناول فترة حساسة من تاريخ الجزائر المعاصرة، والأمر يتعلق بما عرف بـ«فريق جبهة التحرير الجزائرية لكرة القدم» الذي تأسس بالفعل في ربيع 1958 قبيل انطلاق فعاليات كأس العالم في دولة السويد حينها، بلاعبين محترفين في كبرى النوادي الفرنسية، كان بعضهم مرشحا لحمل الأوان الفرنسية (بحكم أن الجزائر كانت مستعمرة فرنسية)، لكنهم لبوا نداء الثورة وتخلوا عن الأضواء والمال والمجد لصالح قضية شعبهم، فمع التطورات التي عرفتها الثورة الجزائرية رأى قادتها ضرورة تأسيس فريق كبير يحمل القضية في الميادين الرياضية وتم الاتصال باللاعبين الجزائريين المحترفين الذين لم يتأخروا في تلبية النداء، وفي شهر أبريل من تلك السنة الحافلة تم الإعلان بشكل مفاجئ عن اختفاء اللاعبين الجزائريين من التراب الفرنسي والتحاقهم سرا بتونس مرورا بدول مجاورة، ولم تتمكن الشرطة الفرنسية التي أعلنت الطوارئ في القبض على واحد منهم وبالفعل تأسس ذلك الفريق الأسطورة، وانطلاقا من تونس انطلقت مسيرة ذلك الفريق واستطاع أن يجتذب له الأضواء التي كانت موجهة إلى السويد ونهائيات كأس العام، وتنقل نجوم الفريق إلى مختلف أنحاء العالم من تونس إلى بيكين مرورا بمدن أخرى، واستطاع أن يدافع عن حق الشعب الجزائري في تقرير مصيره وكانت حصيلته في النهاية أنه لعب 62 مباراة، فاز في 47 منها، وتعادل في 11 وانهزم في 4 فقط وعند الاستقلال في عام 1962 تم تسليم المشعل وتأسس المنتخب الجزائري لكرة القدم، وبذلك بقي فريق جبهة التحرير من المحطات المضيئة في التاريخ الجزائري، والمفارقة أن أكبر انجازات منتخب الجزائر بعد الاستقلال كانت لها علاقة بذلك الفريق، فالمنتخب الذي فاز بالميدالية الذهبية لألعاب البحر المتوسط عام 1975 كان يدربه رشيد مخلوفي، وهو كان من نجوم فريق جبهة التحرير وهو نفسه الذي رافق المنتخب الجزائري إلى نهائيات كأس العالم بأسبانيا عام 1982 واستطاع أن يهزم المنتخب الألماني، ثم أن المنتخب الجزائري الذي فاز بكأس أفريقيا للأمم، وهي المرة الوحيدة في تاريخه التي يفوز فيها بذلك اللقب كان يدربه عبد الحميد كرمالي، الذي كان بدوره من نجوم فريق جبهة التحرير. بوجدرة الذي كانت له علاقة حميمة السينما وكتب له عدة تجارب ناجحة، مثل «وقائع سنين الجمر»، و«علي في بلاد السراب» للمخرج أحمد راشدي، و«نهلة» لفاروق بلوفة الذي كان بمثابة تضامن مع لبنان أثناء الحرب الأهلية، له ارتباط بالثورة التحريرية، التي كتب لها مسلسل تلفزيوني شهير هو «السيلان» لصديقه المخرج احمد راشدي، وكانت تلك الثورة حاضرة بقوة في رواياته خاصة، «الانبهار»، و«ضربة جزاء»، و«نزل سان جورج» (روايته الأخيرة)، وعن سر هذا الاهتمام قال لـ«الشرق الأوسط» أنه يتعلق بحنين لماضيه وقد التحق بالثورة وعمره لا يتعدى السبع عشرة سنة، وعند الاستقلال قرر أن يلتحق بالجامعة ويختر بعد ذلك طريق الفن، وعن الفيلم الجديد عن فريق جبهة التحرير قال إن السيناريو الذي كتبه اطلع عليه بعض أعضاء «جمعية قدماء فريق جبهة التحرير» التي يرأسها «سوكان» بمساعدة رشيد مخلوفي، وأن الجمعية بعد قراءة السيناريو توافق على مشروع الفيلم الجديد.
في شهر أبريل المقبل، يحتفل فريق جبهة التحرير بيوبيله الفضي، ولعل أحسن هدية له هو إنتاج فيلم يؤرخ لتلك الملحمة الكبرى، وهي مناسبة لعودة رشيد بوجدرة إلى الشاشة الكبيرة بعد انقطاع طويل، تراجع فيها مستوى السينما الجزائرية كثيرا، فهل تستعيد مجدها بعد عودة رشيد بوجدرة إليها؟

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

لعنة كريستوف كلومب التي أصابت أجيال الجزائريين: كشف الغمّة في تاريخ الشمّة

لم يكن الرحالة المستكشف كريستوف كلومب، وهو يبحث عن طريق غربية نحو الهند، أن اسمه سيرتبط إلى الأبد بأمريكا (العالم الجديد)، وبالتبغ وبـ ''الشمة'' أيضا التي غزت الجزائر منذ قرون، ومازالت تسيطر على عقول الناس عندنا، مثلما سيطر ''القات'' ويسيطر على عقول اليمنيين · عندما اكتشف الرحالة الإسباني من أصل إيطالي كريسوف كلومب القارة الأمريكية، اكتشف معها مادة التبغ التي كان يُعتقد بأنها دواء شافي لبعض الأمراض، ومع بدايات القرن السادس عشر الميلادي بدأت تنتشر عادة استهلاك هذه المادة في شكل سجائر انطلاقا من إسبانيا والبرتغال قبل أن تكتسح السيجارة العالم وتعود من جديد إلى بلد الهنود الحمر في شكلها الجديد· وغير بعيد عن إسبانيا انتشرت في الضفة الجنوبية للمتوسط عادة من نوع آخر·· التبغ لا يحرق في سجل سجائر وإنما تعاد معالجته إضافة إلى مواد أخرى ليوضع في الفم ويسمى ''الشمة''، أو يسحق تماما ليشم على طريقة الكوكايين والهيروين ويسمى في هذه الحالة ''النفة''، ولئن كانت النفة محصورة إلى حد ما لدى فئة محدودة من الناس، فإن شقيقتها الشمة كثير

زوكربيرغ و"الربعة دورو أنتاع الكبش"

الخير شوار لا يملّ الكثير من الجزائريين من مرتادي شبكات التواصل الاجتماعي من إعادة نسخ صورهم القديمة التي تعود إلى زمن الأبيض والأسود وإعادة نشرها من جديد، مثلما "يبدعون" في نشر كل ما له علاقة بطفولتهم أو ماضيهم البعيد نسبيا، من علب حليب "لحظة"، وعلب السجائر مثل "الأفراز" و"الصافي" و"النسيم"، وعلبة "الهقار" التي تمثل جماعة من التوارق جالسين وأحدهم واقف، التي تذكّر بنكتة مفادها أن أحدهم قال إنه لن يقلع عن التدخين حتى يجلس ذلك "التارقي الواقف"، حتى الأوراق والقطع النقدية على غرار ورقة الخمس دنانير "أنتاع الثعلب" وورقة العشر دنانير الكبير، أو حتى ورقة الخمسمائة دينار التي سُحبت بشكل مفاجئ من التداول سنة 1982 وكشفت حينها عن متسولين وفقراء يمتلكون الأكياس منها. ولا يتردد البعض في نشر روابط من اليوتيوب تمثل مسلسلات ذلك الوقت مثل "ستارسكي وأتش" والمسلسل الموسيقي الأمريكي "فايم" وغيرها كثير. أشكال كثيرة منشورة تملأ الفيسبوك، ربما لا تعرفها الأجيال الجديدة التي تعتمد لغة "العربيز

الباحث فوزي سعد الله: الفنانون اليهود غنوا التراث الجزائري الذي كان تراثهم بحكم انتمائهم للجزائر

يرى الباحث فوزي سعد صاحب كتاب ''يهود الجزائر•• مجالس الغناء والطرب'' الصادر حديثا عن منشورات ''قرطبة'' بالجزائر، أن علاقة يهود الجزائر بالغناء المحلي الجزائري، لم تكن طابو، لكنها تحولت إلى ذلك بفعل أسباب تاريخية معقدة، ويرى أن عودة بعض الفنانين اليهود إلى الغناء بعد انقطاع طويل يعود إلى أسباب كثيرة لا تخلو من التجارة، بعد أن أصبح هذا النوع من الغناء موضة في أوروبا، ويؤكد أن ارتباطهم بهذا النوع من الغناء وجداني ولا علاقة له بالسياسة: منتجين وإن نبغ بعضهم حاوره: الخير شوار وأنت الباحث في علاقة يهود الجزائر بـ ''مجالس الطرب'' المحلي، لماذا تحوّل هذا الموضوع إلى طابو؟ هل هي جناية السياسة على الفن؟ علاقة اليهود بمجالس الطرب الجزائرية لم تولد طابو كما تقول، بل تحولت إلى طابو لأسباب تاريخية • اليهود والمسلمون كانوا يغنون مع بعض في نفس المجالس، في نفس الأجواق الموسيقية، في نفس المدارس والجمعيات الموسيقية على غرار ''المطربية'' و''الأندلسية'' و''الجزائرية - الموصلية''، وحتى في جوق الإذاعة