التخطي إلى المحتوى الرئيسي

المشاركات

عرض المشاركات من أغسطس, ٢٠١٢

محمد العروسي المطوي "فوق الشجرة"

الأديب الراحل محمد العروسي المطوي مع الروائي كمال الرياحي كانت مفاجأة مربكة جميلة، تذكرت من خلالها أنني بالفعل قرأت اسم «محمد العروسي» في تلك السنين البعيدة. فالصدفة وحدها دفعتني إلى ترميم بعض من ذاكرتي وأصحح المعلومة الموهومة وأقول إن أول كاتب قرأت له خارج المقررات المدرسية هو الروائي الراحل محمد العروسي المطوي. الخير شوار عندما حصلت على رواية «التوت المر» للتونسي الراحل محمد العروسي المطوي، من أحد باعة الكتب القديمة منتصف تسعينيات القرن الماضي، الصادرة عن الدار التونسية للنشر بغلاف أخضر، كنت أعتقد أنني بصدد التعرف على كاتب لم أقرأ له قبل ذلك، ولم يكن اسم محمد العروسي المطوي يوحي لي بأي شيء، لكن بعض كتاباته كانت تسكن عقلي الباطن دون أن أعي ذلك، وانتظرت سنين طويلة لأكتشف الأمر، وأقوم بعملية «ترميم» للذاكرة التي كانت تقول لي إن أول كتاب قرأته خارج المقررات المدرسية هو «ألف ليلة وليلة» وقد صرّحت بذلك مرارا في حوارات مختلفة . كان الحديث يدور حول «أبي فوق الشجرة»، الفيلم السينمائي الذي لعب بطولته عبد الحليم حافظ سنة 1969، وبقي ممنوعا من العرض تقريبا في مختلف التلفزيونات

مطعم ''هم•• هم'' و''القط بس بس'' ومقهى ''أشرب واهرب''

مطعم همي همي "المنشق" عن مطعم هم هم   " هم•• هم''، ''أشرب واهرب''، ''القط بس بس''••• وغيرها من الأسماء لمحلات تجارية، اشتهرت بغرابتها، ولئن كان لكل عنوان قصة، فإن القصة الكاملة لتلك التسميات تحيل إلى أحداث تاريخية معينة، كما تحين إلى فوضى لغوية، وغرابة ميول أصحابها الذين عملوا وفق قاعدة ''خالف تعرف'' جلبا للمزيد من الزبائن .   الخير شوار بأعالي القبة بالجزائر العاصمة، تقرأ لافتة مطعم مكتوب عليها بأحرف لاتينية hami hami وبخط يشبه إلى حد ما ذلك الذي كتب به رمز شركات الأكل العالمية مثل ''ماكدونالد'' و''كويك''... وغيرها• وبقدر ما كانت تلك التسمية طريفة وملفتة، بقدر ما جاءت غامضة وتحتمل عدة قراءات مختلفة ومتناقضة، فمنهم من يقول بأن واضعها قصد الـ ''هم•• هم'' بمعنى الأكل في الثقافة الشعبية، ومنهم من ربطها بالهمّ العربية، وقال إن الأكل هناك من شأنه أن يزيل هم الجوع • كان الوقت ظهرا، وحركة الزبائن في ذروتها، وكان العمال يرتدون أزياء موحدة ومكتوب عليها علامة

الطاهر وطّار "يعود" هذا الأسبوع

الطاهر وطار لا ندري أي موقف سيتخذه وطار لو عاد هذا الأسبوع من هذا المشهد الدراماتيكي، لكنه لن يعود كما كان الشأن في قصته الشهيرة "الشهداء يعودون هذا الأسبوع".   الخير شوار من حوالي سنة كنت قد أجريت حوارا مطولا مع الفنان امحمد بن قطاف، وهو الذي اقتبس قصة الطاهر وطّار الشهيرة "الشهداء يعودون هذا الأسبوع" للمسرح منتصف ثمانينات القرن الماضي وأصبحت من كلاسيكيات المسرح الجزائري، سألته: لماذا لم تغيّر العنوان؟ وقد درج المقتبسون على ذلك، فأجاب إنه لم يجد اجمل من ذلك العنوان. ومع أن العنوان هو لـ"مجرد" قصة قصيرة فقد تحول إلى واحد من أشهر العناوين الأدبية بل إلى علامة مسجلة دخلت المخيال الشعبي من أوسع أبوابه. واليوم ونحن نستعيد الروائي الطاهر وطار الذي ملأ الساحة الأدبية حضورا منذ منتصف خمسينيات القرن الماضي، وغادرنا بشكل مفاجئ يوم 12 أوت 2010، يمكن أن نقتبس عنوانه الأشهر ونسأل: ماذا لو "عاد عمي الطاهر" هذا الأسبوع؟  وطّار الذي عاش شبابه الاول في تونس ونشر بواكير نصوصه هناك، وهو الذي قرأ بعمق أدب مخلف الاجيال هناك، لو عاد الآ

محمود درويش في طبعته الثالثة

عندما رحل محمود درويش قبل أربع سنوات من الآن، لم يكن هو نفسه «شاعر الثورة الفلسطينية» الذي عرف قبل أوسلو، الشاعر الذي ارتبطت إصدارته بدار العودة بمجلداتها الصغيرة الحمراء، لقد انتقل قبلها سنين من «طبعة العودة» إلى طبعة «نجيب الريس»، متخليا عن يقينياته الكبرى لصالح شكه الكبير، وكان يفترض أن تقام تباينيات كبرى محمود الأول أواسط العقد الأخير من القرن العشرين .  الخير شوار مات بالفعل درويش في طبعته الأولى قبل ما يقارب العشرين سنة من الآن، وكان من تراث تلك المرحلة «مديح الظل العالي»، الذي خاطب فيه أبو عمار قائلا: «حاصر حصارك»، في زمن سفر الخروج الفلسطيني من لبنان سنة 1982، وانبعث من «رماد أوسلو»، شاعرا مختلفا تماما عن الأول، يمكن أن نسمه «درويش الثاني» ولئن كان درويش في صيغته الأولى «شاعر اليقين»، يقين الثوار، الذين يؤجلون أي نقاش إلى غاية الانتهاء من حروبهم (التي لا تنتهي)، فإن درويش في طبعته الثانية التي مرت هي الأولى بمراحل هو «شاعر الشك والحيرة»، وهل من الصدفة أن يغيّر درويش ناشره من «دار العودة» بخطها الملتزم، إلى «دار نجيب الريس» بخطها الليبرالي المنفتح على ثقافا

أريس.. "شهوة" التاريخ و"شهوة" الجغرافيا

عندما تسافر إلى أريس في قلب الأوراس، فأنت تتوغل في التاريخ كما تتوغل في الجغرافيا الصعبة، وتلك البلدة الطيبة التي تزينها أشجار التفاح تحيط بها الجبال من كل جانب، هي لحظة الفاتح من نوفمبر 1954 الذي تقرأه في رؤوس الجبال البيضاء من قوة الثلج، وربما لهذا السبب سميت ''الأرض البيضاء'' وهي الترجمة الأمازيغية المحلية لكلمة ''أريس''، ومن شير وثنية العابد تنطلق عبر طريق جبلي كان سكان تلك المناطق يداومون على السير فيها نحو مقر دائرتهم الإدارية هناك قبل التقسيم الإداري الأخير · الخير شوار السير في ذلك الطريق الجبلي الوعر يعطيك فرصة لتوديع ثنية العابد وشير بطريقة خاصة، ففي قمة الطريق بإمكانك الالتفات إلى الوراء لتمسح تلك المناطق في مشهد بانورامي يختصر كل تلك التفاصيل التي عشتها هناك، وشيئا فشيئا تختفي ملامح تلك البلدة وأنت تغوص في تضاريس الأوراس الصعبة، وتدرك درجة برودة الخارج عندما تجد علامة مكتوب عليها أنك على ارتفاع 1740 متر على سطح الأرض، وعندما تنزل من السيارة تجد فعلا أن برودة الطقس لا تطاق، حيث تلك القمم مكللة بكتل ثلجية ناصعة البياض، وفجأة تتجلى