التخطي إلى المحتوى الرئيسي

محمد العروسي المطوي "فوق الشجرة"

الأديب الراحل محمد العروسي المطوي مع الروائي كمال الرياحي

كانت مفاجأة مربكة جميلة، تذكرت من خلالها أنني بالفعل قرأت اسم «محمد العروسي» في تلك السنين البعيدة. فالصدفة وحدها دفعتني إلى ترميم بعض من ذاكرتي وأصحح المعلومة الموهومة وأقول إن أول كاتب قرأت له خارج المقررات المدرسية هو الروائي الراحل محمد العروسي المطوي.

الخير شوار
عندما حصلت على رواية «التوت المر» للتونسي الراحل محمد العروسي المطوي، من أحد باعة الكتب القديمة منتصف تسعينيات القرن الماضي، الصادرة عن الدار التونسية للنشر بغلاف أخضر، كنت أعتقد أنني بصدد التعرف على كاتب لم أقرأ له قبل ذلك، ولم يكن اسم محمد العروسي المطوي يوحي لي بأي شيء، لكن بعض كتاباته كانت تسكن عقلي الباطن دون أن أعي ذلك، وانتظرت سنين طويلة لأكتشف الأمر، وأقوم بعملية «ترميم» للذاكرة التي كانت تقول لي إن أول كتاب قرأته خارج المقررات المدرسية هو «ألف ليلة وليلة» وقد صرّحت بذلك مرارا في حوارات مختلفة.
كان الحديث يدور حول «أبي فوق الشجرة»، الفيلم السينمائي الذي لعب بطولته عبد الحليم حافظ سنة 1969، وبقي ممنوعا من العرض تقريبا في مختلف التلفزيونات العربية بسبب جرأته الزائدة، وتحول عنوانه المأخوذ عن قصة لإحسان عبد القدوس إلى عبارة ساخرة على لسان الفنان عادل إمام في مسرحية «مدرسة المشاغبين» وهو يمثل دور التلميذ بهجت الأباصيري ويخاطب والده (نظيم الشعراوي)، لتأخذني العبارة إلى شبيهتها «الديك فوق الشجرة» التي أحالتني على أول جائزة نلتها في نهاية السنة الأولى ابتدائي في النصف الثاني من سبعينيات القرن الماضي.
لم أعد أذكر تفاصيل القصة التي مزقتها كما يمزق أي طفل لعبة له بعد أن قرأتها مرات عديدة، لكن العنوان بقي راسخا في ذاكرتي واعتقدت طويلا أنها مجرد قصة لكاتب هاو أو من نوع قصص الأطفال التي يجهل مؤلفها. لكن الفضول دفعني أخيرا لأكتب عبارة «الديك فوق الشجرة» على محرك غوغل وأتفاجأ بأن مؤلفها هو الكاتب التونسي الكبير محمد العروسي المطوي صاحب الكتابات الكثيرة للكتاب والصغار وهو الذي غادر عالمنا منتصف العشرية الاولى من هذا القرن.
كانت مفاجأة مربكة جميلة، تذكرت من خلالها أنني بالفعل قرأت اسم «محمد العروسي» في تلك السنين البعيدة. فالصدفة وحدها دفعتني إلى ترميم بعض من ذاكرتي وأصحح المعلومة الموهومة وأقول إن اول كاتب قرأت له خارج المقررات المدرسية هو الروائي الراحل محمد العروسي المطوي، وما أحوجني الآن إلى تلك القصة لأعيد قرأتها من جديد بعد كل تلك السنين.    

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

لعنة كريستوف كلومب التي أصابت أجيال الجزائريين: كشف الغمّة في تاريخ الشمّة

لم يكن الرحالة المستكشف كريستوف كلومب، وهو يبحث عن طريق غربية نحو الهند، أن اسمه سيرتبط إلى الأبد بأمريكا (العالم الجديد)، وبالتبغ وبـ ''الشمة'' أيضا التي غزت الجزائر منذ قرون، ومازالت تسيطر على عقول الناس عندنا، مثلما سيطر ''القات'' ويسيطر على عقول اليمنيين · عندما اكتشف الرحالة الإسباني من أصل إيطالي كريسوف كلومب القارة الأمريكية، اكتشف معها مادة التبغ التي كان يُعتقد بأنها دواء شافي لبعض الأمراض، ومع بدايات القرن السادس عشر الميلادي بدأت تنتشر عادة استهلاك هذه المادة في شكل سجائر انطلاقا من إسبانيا والبرتغال قبل أن تكتسح السيجارة العالم وتعود من جديد إلى بلد الهنود الحمر في شكلها الجديد· وغير بعيد عن إسبانيا انتشرت في الضفة الجنوبية للمتوسط عادة من نوع آخر·· التبغ لا يحرق في سجل سجائر وإنما تعاد معالجته إضافة إلى مواد أخرى ليوضع في الفم ويسمى ''الشمة''، أو يسحق تماما ليشم على طريقة الكوكايين والهيروين ويسمى في هذه الحالة ''النفة''، ولئن كانت النفة محصورة إلى حد ما لدى فئة محدودة من الناس، فإن شقيقتها الشمة كثير

زوكربيرغ و"الربعة دورو أنتاع الكبش"

الخير شوار لا يملّ الكثير من الجزائريين من مرتادي شبكات التواصل الاجتماعي من إعادة نسخ صورهم القديمة التي تعود إلى زمن الأبيض والأسود وإعادة نشرها من جديد، مثلما "يبدعون" في نشر كل ما له علاقة بطفولتهم أو ماضيهم البعيد نسبيا، من علب حليب "لحظة"، وعلب السجائر مثل "الأفراز" و"الصافي" و"النسيم"، وعلبة "الهقار" التي تمثل جماعة من التوارق جالسين وأحدهم واقف، التي تذكّر بنكتة مفادها أن أحدهم قال إنه لن يقلع عن التدخين حتى يجلس ذلك "التارقي الواقف"، حتى الأوراق والقطع النقدية على غرار ورقة الخمس دنانير "أنتاع الثعلب" وورقة العشر دنانير الكبير، أو حتى ورقة الخمسمائة دينار التي سُحبت بشكل مفاجئ من التداول سنة 1982 وكشفت حينها عن متسولين وفقراء يمتلكون الأكياس منها. ولا يتردد البعض في نشر روابط من اليوتيوب تمثل مسلسلات ذلك الوقت مثل "ستارسكي وأتش" والمسلسل الموسيقي الأمريكي "فايم" وغيرها كثير. أشكال كثيرة منشورة تملأ الفيسبوك، ربما لا تعرفها الأجيال الجديدة التي تعتمد لغة "العربيز

الباحث فوزي سعد الله: الفنانون اليهود غنوا التراث الجزائري الذي كان تراثهم بحكم انتمائهم للجزائر

يرى الباحث فوزي سعد صاحب كتاب ''يهود الجزائر•• مجالس الغناء والطرب'' الصادر حديثا عن منشورات ''قرطبة'' بالجزائر، أن علاقة يهود الجزائر بالغناء المحلي الجزائري، لم تكن طابو، لكنها تحولت إلى ذلك بفعل أسباب تاريخية معقدة، ويرى أن عودة بعض الفنانين اليهود إلى الغناء بعد انقطاع طويل يعود إلى أسباب كثيرة لا تخلو من التجارة، بعد أن أصبح هذا النوع من الغناء موضة في أوروبا، ويؤكد أن ارتباطهم بهذا النوع من الغناء وجداني ولا علاقة له بالسياسة: منتجين وإن نبغ بعضهم حاوره: الخير شوار وأنت الباحث في علاقة يهود الجزائر بـ ''مجالس الطرب'' المحلي، لماذا تحوّل هذا الموضوع إلى طابو؟ هل هي جناية السياسة على الفن؟ علاقة اليهود بمجالس الطرب الجزائرية لم تولد طابو كما تقول، بل تحولت إلى طابو لأسباب تاريخية • اليهود والمسلمون كانوا يغنون مع بعض في نفس المجالس، في نفس الأجواق الموسيقية، في نفس المدارس والجمعيات الموسيقية على غرار ''المطربية'' و''الأندلسية'' و''الجزائرية - الموصلية''، وحتى في جوق الإذاعة