التخطي إلى المحتوى الرئيسي

الطاهر وطّار "يعود" هذا الأسبوع

الطاهر وطار


لا ندري أي موقف سيتخذه وطار لو عاد هذا الأسبوع من هذا المشهد الدراماتيكي، لكنه لن يعود كما كان الشأن في قصته الشهيرة "الشهداء يعودون هذا الأسبوع".  

الخير شوار
من حوالي سنة كنت قد أجريت حوارا مطولا مع الفنان امحمد بن قطاف، وهو الذي اقتبس قصة الطاهر وطّار الشهيرة "الشهداء يعودون هذا الأسبوع" للمسرح منتصف ثمانينات القرن الماضي وأصبحت من كلاسيكيات المسرح الجزائري، سألته: لماذا لم تغيّر العنوان؟ وقد درج المقتبسون على ذلك، فأجاب إنه لم يجد اجمل من ذلك العنوان. ومع أن العنوان هو لـ"مجرد" قصة قصيرة فقد تحول إلى واحد من أشهر العناوين الأدبية بل إلى علامة مسجلة دخلت المخيال الشعبي من أوسع أبوابه.
واليوم ونحن نستعيد الروائي الطاهر وطار الذي ملأ الساحة الأدبية حضورا منذ منتصف خمسينيات القرن الماضي، وغادرنا بشكل مفاجئ يوم 12 أوت 2010، يمكن أن نقتبس عنوانه الأشهر ونسأل: ماذا لو "عاد عمي الطاهر" هذا الأسبوع؟ 
وطّار الذي عاش شبابه الاول في تونس ونشر بواكير نصوصه هناك، وهو الذي قرأ بعمق أدب مخلف الاجيال هناك، لو عاد الآن لما تعرف على الأدب التونسي الجديد، وقد قال لي قبل سنوات إن التونسيين لا يمكن لهم أن يكتبوا سردا خارج التجريب والتجريد بسبب الخوف المتأصل في ثقافتهم، فقد حدث التحول الكبير بداية من جانفي 2011 وذهب بن علي وبدأ يظهر أدب تونسي جديد في كثير من السياسة وقليل جدا من التجريب على عكس ما كان، ورغم أن هذا التجاه الجديد لم ينضج بعد إلا أنه أحدث قطيعة كبيرة مع كل التراث التونسي السردي ويحتاج إلى سنين من العمل ومن "الاستقرار" حتى يتحول إلى ظاهرة فنية لافتة.
ولو عاد الطاهر وطار هذا الأسبوع وهو الذي كان منخرطا في الهم السياسي المحلي والإقليمي حد المشاكسة لما كاد يستوعب المشهد السياسي الجديد، وقد سقطت جماهرية القذافي وتغيرت الخاطرة الإقليمية بشكل كبير وامتدت النار التي اشتعلت أولا في مدينة سيدي بوزيد المنسية في تونس إلى كثير من الأقطار العربية وانقسمت بشأنها النخب الفكرية والسياسية.
ولا ندري أي موقف سيتخذه وطار لو عاد هذا الأسبوع من هذا المشهد الدراماتيكي، لكنه لن يعود كما كان الشأن في قصته الشهيرة "الشهداء يعودون هذا الأسبوع".  

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

لعنة كريستوف كلومب التي أصابت أجيال الجزائريين: كشف الغمّة في تاريخ الشمّة

لم يكن الرحالة المستكشف كريستوف كلومب، وهو يبحث عن طريق غربية نحو الهند، أن اسمه سيرتبط إلى الأبد بأمريكا (العالم الجديد)، وبالتبغ وبـ ''الشمة'' أيضا التي غزت الجزائر منذ قرون، ومازالت تسيطر على عقول الناس عندنا، مثلما سيطر ''القات'' ويسيطر على عقول اليمنيين · عندما اكتشف الرحالة الإسباني من أصل إيطالي كريسوف كلومب القارة الأمريكية، اكتشف معها مادة التبغ التي كان يُعتقد بأنها دواء شافي لبعض الأمراض، ومع بدايات القرن السادس عشر الميلادي بدأت تنتشر عادة استهلاك هذه المادة في شكل سجائر انطلاقا من إسبانيا والبرتغال قبل أن تكتسح السيجارة العالم وتعود من جديد إلى بلد الهنود الحمر في شكلها الجديد· وغير بعيد عن إسبانيا انتشرت في الضفة الجنوبية للمتوسط عادة من نوع آخر·· التبغ لا يحرق في سجل سجائر وإنما تعاد معالجته إضافة إلى مواد أخرى ليوضع في الفم ويسمى ''الشمة''، أو يسحق تماما ليشم على طريقة الكوكايين والهيروين ويسمى في هذه الحالة ''النفة''، ولئن كانت النفة محصورة إلى حد ما لدى فئة محدودة من الناس، فإن شقيقتها الشمة كثير

زوكربيرغ و"الربعة دورو أنتاع الكبش"

الخير شوار لا يملّ الكثير من الجزائريين من مرتادي شبكات التواصل الاجتماعي من إعادة نسخ صورهم القديمة التي تعود إلى زمن الأبيض والأسود وإعادة نشرها من جديد، مثلما "يبدعون" في نشر كل ما له علاقة بطفولتهم أو ماضيهم البعيد نسبيا، من علب حليب "لحظة"، وعلب السجائر مثل "الأفراز" و"الصافي" و"النسيم"، وعلبة "الهقار" التي تمثل جماعة من التوارق جالسين وأحدهم واقف، التي تذكّر بنكتة مفادها أن أحدهم قال إنه لن يقلع عن التدخين حتى يجلس ذلك "التارقي الواقف"، حتى الأوراق والقطع النقدية على غرار ورقة الخمس دنانير "أنتاع الثعلب" وورقة العشر دنانير الكبير، أو حتى ورقة الخمسمائة دينار التي سُحبت بشكل مفاجئ من التداول سنة 1982 وكشفت حينها عن متسولين وفقراء يمتلكون الأكياس منها. ولا يتردد البعض في نشر روابط من اليوتيوب تمثل مسلسلات ذلك الوقت مثل "ستارسكي وأتش" والمسلسل الموسيقي الأمريكي "فايم" وغيرها كثير. أشكال كثيرة منشورة تملأ الفيسبوك، ربما لا تعرفها الأجيال الجديدة التي تعتمد لغة "العربيز

الباحث فوزي سعد الله: الفنانون اليهود غنوا التراث الجزائري الذي كان تراثهم بحكم انتمائهم للجزائر

يرى الباحث فوزي سعد صاحب كتاب ''يهود الجزائر•• مجالس الغناء والطرب'' الصادر حديثا عن منشورات ''قرطبة'' بالجزائر، أن علاقة يهود الجزائر بالغناء المحلي الجزائري، لم تكن طابو، لكنها تحولت إلى ذلك بفعل أسباب تاريخية معقدة، ويرى أن عودة بعض الفنانين اليهود إلى الغناء بعد انقطاع طويل يعود إلى أسباب كثيرة لا تخلو من التجارة، بعد أن أصبح هذا النوع من الغناء موضة في أوروبا، ويؤكد أن ارتباطهم بهذا النوع من الغناء وجداني ولا علاقة له بالسياسة: منتجين وإن نبغ بعضهم حاوره: الخير شوار وأنت الباحث في علاقة يهود الجزائر بـ ''مجالس الطرب'' المحلي، لماذا تحوّل هذا الموضوع إلى طابو؟ هل هي جناية السياسة على الفن؟ علاقة اليهود بمجالس الطرب الجزائرية لم تولد طابو كما تقول، بل تحولت إلى طابو لأسباب تاريخية • اليهود والمسلمون كانوا يغنون مع بعض في نفس المجالس، في نفس الأجواق الموسيقية، في نفس المدارس والجمعيات الموسيقية على غرار ''المطربية'' و''الأندلسية'' و''الجزائرية - الموصلية''، وحتى في جوق الإذاعة