التخطي إلى المحتوى الرئيسي

«رحمة» و«حسنة» يسرقان الأضواء من المشاهير

كاتب اسمه «رحمة»، ذاك الذي يقرأ له الناس يومياً كتاباته الأدبية الجديدة، على مدونته الالكترونية التي تحمل اسماً شاعرياً غريباً هو «أيقظوا الحلم، أريد أن أنام».



المدون علاوة حاجي 


الخير شوار
المدونة تحوي نصوصاً قصصية مميزة، والكاتب الذي ظهر اسمه في البداية «رحمة» ظنه الجميع امرأة، لكن نصوصه بيّنت بأنه رجل، قبل أن تتوالى التعليقات على ما يكتب، ليضطر إلى إضافة «إبراهيم» ويصبح «رحمة إبراهيم». ولا يعرف أكثر قرائه إن كان الاسم حقيقياً أو مستعاراً، لكنه لفت الانتباه بقوة نصوصه، ضمن ظاهرة بدأت تتجذر في المشهد الجزائري، يمكن أن نسميها «أدب المدونين». فقد أصبح لتلك المدونة، ذات الخلفية الحالمة، الاسم والمضمون المميزين زوار يتوافدون في كل يوم وتعليقات كثيرة في زمن يشتكي فيه الكتّاب «الكلاسيكيون» من كساد بضاعتهم الأدبية، ويتكلمون عن غياب المقروئية بمناسبة أو بغيرها. والغريب في الأمر أن النصوص القصصية التي ينشرها «رحمة إبراهيم» في مدونته، كتبها قبل سنين ـ هكذا نقرأ في المدونة ـ وربما أن صاحبها كان يكتب في صمت بعيداً عن الأضواء وانتظر اللحظة المناسبة ليظهر على الناس. وليست حكاية «رحمة» أغرب من حكاية «حسنة» تلك الكاتبة «المجهولة» التي أسست لها مدونة اسمها «مدونة حسنة»، ولا يعرف قراؤها عنها شيئاً سوى ذلك الاسم اليتيم الذي صرحت في أحد نصوصها أنها استعارته من جدتها التي ماتت وكانت تصنع طفولتها الأسطورية، ووفاء لها ظهرت تلك الكاتبة التي تبدو محترفة، فقد فجرت ما يمكن أن يسمى «قنبلة» أدبية في المشهد الجزائري تمثل في قصة عنوانها «شموع تحت خيمتي» كتبت بطريقة مميزة جداً، فانهالت التعليقات عليها من كل مكان، ونقل بعض المحررين الثقافيين في الصحافة المحلية الجزائرية قصتها في أكثر من عنوان إعلامي.
ولم يكن رحمة وحسنة إلا نموذجين من الكثير من الكتّاب الجدد الذين فضلوا الظهور على الناس من خلال مدوناتهم. والملاحظ أن «أدب المدونين» هذا في الجزائر بدأ نطاقه يتسع يوما بعد آخر. فالكثير من المدونات أدبية بالأساس، بعضهم ينشر روايات مسلسلة وبعضهم ينشر أشعاراً، وبعضهم قراءات نقدية، مع توفر فضاء للتفاعل المباشر مع القراء. والملاحظ ان المدونين في الجزائر صنفان. الصنف الأول يضم كتّاباً جدداً غير معروفين على الساحة الأدبية «الكلاسيكية»، والصنف الثاني مشاهير، فتنتهم قدرة المدونات على نشر الأدب وتعميمه. الكتاب الجدد فيهم الجيدون أصحاب النصوص القوية، الذين يصنعون الحدث عند نشر أي إدراج جديد بدليل الزيارات والتعاليق المتتالية التي ترافق نصوصهم الطازجة، وفيهم من لم يستطع الظهور في المنابر العادية لضعف في نصه وهؤلاء تبقى الزيارات إلى مدوناتهم محدودة جدا.
ومن أشهر الأدباء المدونين في الجزائر وأقدمهم على الإطلاق، القاص «علاوّة حاجي»، صاحب مدونة «أنا أكتب، إذن أنا موجود»، الذي نشر على مدونته الكثير من القصص القصيرة، وأصبح حالياً من أشهر القصاصين الجدد في الجزائر. والغريب أنه لا ينشر نصوصه في الصحافة الورقية رغم اشتغاله فيها. وعن سر نشره النصوص الأدبية على المدونة دون غيرها يقول لـ«الشرق الأوسط»: «أفضّل نشر نصوصي الأدبية في المدونة لسببين، أولهما (وهو الأهم) نشر المادة بسرعة، إذ يمكن نشر النص بعد ثوان من كتابته، في حين يستلزم عليّ الانتظار لأيام أو شهور لتنشر في الدوريات الورقية، وأيضا للجانب التفاعلي. النشر في المدونة يجعل منها نصوصاً «لينة» قابلة للتعديل والتغيير وربما الحذف بلمسة زر إذا تطلب الأمر ذلك!». وعن خصوصية «أدب المدونات»، يضيف صاحب مدونة «أنا أكتب إذن أنا موجود»، أنه يجب ان تتوفر فيه الكثافة والفاعلية، ويقول إنه «يجب مراعاة خصوصية القارئ (العجول) في مقابل القارئ الورقي (المسترخي). وهنا تحضرنا القصة القصيرة والقصة القصيرة جدا والنصوص القصيرة جدا، التي تراهن على خطف انتباه القارئ وسط كم هائل من المعلومات التي تهطل عليه من شبكة الانترنت في نفس اللحظة». أما الفاعلية فيضيف بشأنها: «يكون بإمكان القراء المشاركة في صياغة أو إعادة صياغة أحداث وشخصيات القصة أو الرواية التي تقدم على حلقات قصيرة، أو على الأقل المشاركة في آرائهم وتعليقاتهم، إنها خدمة يتيحها لهم الأدب الورقي».الملاحظ أن انتشار أدب المدونات في الجزائر، كانت له نتائج ملموسة، بدليل أن الكثير من الكتّاب العاديين المعروفين، بدأوا يقتحمون هذا العالم الجديد عليهم، والأمثلة على ذلك لا يمكن حصرها، فلا يكاد ينقضي يوم حتى ينضم إلى عالم المدونين شاعر أو قاص جزائري معروف من مختلف الأجيال، بعضهم ينشر الدراسات التي كتبت عن أدبه، وبعضهم ينشر نصوصاً جديدة، وبعضهم يعيد نشر نصوص قديمة، بحثاً عن قارئ جديد.


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

لعنة كريستوف كلومب التي أصابت أجيال الجزائريين: كشف الغمّة في تاريخ الشمّة

لم يكن الرحالة المستكشف كريستوف كلومب، وهو يبحث عن طريق غربية نحو الهند، أن اسمه سيرتبط إلى الأبد بأمريكا (العالم الجديد)، وبالتبغ وبـ ''الشمة'' أيضا التي غزت الجزائر منذ قرون، ومازالت تسيطر على عقول الناس عندنا، مثلما سيطر ''القات'' ويسيطر على عقول اليمنيين · عندما اكتشف الرحالة الإسباني من أصل إيطالي كريسوف كلومب القارة الأمريكية، اكتشف معها مادة التبغ التي كان يُعتقد بأنها دواء شافي لبعض الأمراض، ومع بدايات القرن السادس عشر الميلادي بدأت تنتشر عادة استهلاك هذه المادة في شكل سجائر انطلاقا من إسبانيا والبرتغال قبل أن تكتسح السيجارة العالم وتعود من جديد إلى بلد الهنود الحمر في شكلها الجديد· وغير بعيد عن إسبانيا انتشرت في الضفة الجنوبية للمتوسط عادة من نوع آخر·· التبغ لا يحرق في سجل سجائر وإنما تعاد معالجته إضافة إلى مواد أخرى ليوضع في الفم ويسمى ''الشمة''، أو يسحق تماما ليشم على طريقة الكوكايين والهيروين ويسمى في هذه الحالة ''النفة''، ولئن كانت النفة محصورة إلى حد ما لدى فئة محدودة من الناس، فإن شقيقتها الشمة كثير

زوكربيرغ و"الربعة دورو أنتاع الكبش"

الخير شوار لا يملّ الكثير من الجزائريين من مرتادي شبكات التواصل الاجتماعي من إعادة نسخ صورهم القديمة التي تعود إلى زمن الأبيض والأسود وإعادة نشرها من جديد، مثلما "يبدعون" في نشر كل ما له علاقة بطفولتهم أو ماضيهم البعيد نسبيا، من علب حليب "لحظة"، وعلب السجائر مثل "الأفراز" و"الصافي" و"النسيم"، وعلبة "الهقار" التي تمثل جماعة من التوارق جالسين وأحدهم واقف، التي تذكّر بنكتة مفادها أن أحدهم قال إنه لن يقلع عن التدخين حتى يجلس ذلك "التارقي الواقف"، حتى الأوراق والقطع النقدية على غرار ورقة الخمس دنانير "أنتاع الثعلب" وورقة العشر دنانير الكبير، أو حتى ورقة الخمسمائة دينار التي سُحبت بشكل مفاجئ من التداول سنة 1982 وكشفت حينها عن متسولين وفقراء يمتلكون الأكياس منها. ولا يتردد البعض في نشر روابط من اليوتيوب تمثل مسلسلات ذلك الوقت مثل "ستارسكي وأتش" والمسلسل الموسيقي الأمريكي "فايم" وغيرها كثير. أشكال كثيرة منشورة تملأ الفيسبوك، ربما لا تعرفها الأجيال الجديدة التي تعتمد لغة "العربيز

الباحث فوزي سعد الله: الفنانون اليهود غنوا التراث الجزائري الذي كان تراثهم بحكم انتمائهم للجزائر

يرى الباحث فوزي سعد صاحب كتاب ''يهود الجزائر•• مجالس الغناء والطرب'' الصادر حديثا عن منشورات ''قرطبة'' بالجزائر، أن علاقة يهود الجزائر بالغناء المحلي الجزائري، لم تكن طابو، لكنها تحولت إلى ذلك بفعل أسباب تاريخية معقدة، ويرى أن عودة بعض الفنانين اليهود إلى الغناء بعد انقطاع طويل يعود إلى أسباب كثيرة لا تخلو من التجارة، بعد أن أصبح هذا النوع من الغناء موضة في أوروبا، ويؤكد أن ارتباطهم بهذا النوع من الغناء وجداني ولا علاقة له بالسياسة: منتجين وإن نبغ بعضهم حاوره: الخير شوار وأنت الباحث في علاقة يهود الجزائر بـ ''مجالس الطرب'' المحلي، لماذا تحوّل هذا الموضوع إلى طابو؟ هل هي جناية السياسة على الفن؟ علاقة اليهود بمجالس الطرب الجزائرية لم تولد طابو كما تقول، بل تحولت إلى طابو لأسباب تاريخية • اليهود والمسلمون كانوا يغنون مع بعض في نفس المجالس، في نفس الأجواق الموسيقية، في نفس المدارس والجمعيات الموسيقية على غرار ''المطربية'' و''الأندلسية'' و''الجزائرية - الموصلية''، وحتى في جوق الإذاعة