يكتشف المتابعون للتشكيل الجزائري فناناً جديداً اسمه سليم رميل، يقدم انتاجه بأحد أروقة الجاحظية في قلب العاصمة. هذا الفنان الذي يحمل قبعة دركي، يذكّر الجميع بالشاعرة ـ ضابطة الشرطة ـ سميرة قبلي، والعقيد السابق والكاتب محمد شفيق مصباح، والضابط السابق محمد مولسهول المعروف باسم ياسمينة خضرا، تلك الظاهرة الجزائرية التي لا تتعارض فيها العسكرة مع الفن.
الخير شوارمعرض سليم رميل مميز، وهو عبارة عن 32 لوحة، بعضها مألوف لأنها إعادة رسم للوحات الفنان الجزائري حسين زياني، أو المستشرق الفرنسي إتيان دينيه الذي عشق مدينة بوسعادة في بوابة الصحراء وسكنها ثم أسلم وأطلق على نفسه اسم ناصر الدين، وهو دفين ترابها منذ بداية ثلاثينات القرن العشرين. صاحب المعرض لم يخف تأثره بهذين الفنانين الكبيرين، وبدأ حياته الفنية بإعادة رسم آثارهما، وسرعان ما تمكن من مزج الكلاسيكية بالانطباعية الحديثة وهما التياران اللذان ينتمي اليهما الفنانان المذكوران. وشيئا فشيئا اكتشف رميل طريقه، وكاعتراف منه بأثر الفنانين عليه يعرض لوحاتهما بريشته إلى جانب لوحاته الشخصية التي تمزج بين المدرستين وتحاول تجاوزهما معا. ويفتخر سليم رميل، بلوحة «بقرة اليتامى» التي استوحى فكرتها من حكاية شعبية معروفة في التراث الشفاهي المحلي، وهي تمثل طفلا بائسا ينام في الإسطبل إلى جانب كوم من التبن ويحلم ببقرة. لكن اكثر ما يلفت في الفنان رميل الذي جاء المعرض باللباس المدني أنه منخرط في سلك «الدرك الوطني» التابع لوزارة الدفاع. والفنان/الدركي تأثر بأخيه بشير خريج مدرسة الفنون الجميلة وواصل مسيرته الفنية بعصامية نادرة، وأقام الكثير من المعارض الفنية التي تلفت الانتباه.
والحديث عن تجربة هذا الرسام، يدفعنا إلى الحديث عن ظاهرة لافتة في الجزائر، وهي بروز مواهب أدبية وفنية تحت القبعات العسكرية، مثلما حدث قبل سنوات مع الشاعرة ـ ضابطة الشرطة ـ سميرة قبلي، التي «ملأت الدنيا وشغلت الناس»، واختلف كثيرون حول القيمة الأدبية لكتاباتها لكنهم اجمعوا على بروزها كنجمة إعلامية قبل وبعد صدور ديوانها الشعري الوحيد «غوايات» عن منشورات البرزخ، واحدة من أهم دور النشر الجزائرية. ولدت هذه الشاعرة في منطقة القبائل سنة 1977، وحصلت على ليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية، قبل أن تصبح ضابطة، وواصلت مسيرتها الشعرية حتى أصدرت ذلك الديوان وكتب الروائي الشهير رشيد بوجدرة في مقدمته أن تجربتها تتميز بـ «حرية كبيرة في تكسير الجاهز من قواميس العشق والحب والالتزام». وأصبحت تكتب عمودا يوميا في إحدى أكبر الصحف اليومية في الجزائر قبل أن تنقطع وتتوارى عن الأنظار. ومع اختفائها كتب لها الروائي الطاهر وطار رسالة مفتوحة عبر الصحافة المكتوبة مفادها أن «ارجعي يا سميرة»، وعادت سميرة إلى عمودها الصحفي اليومي بالجريدة نفسها.
وبرز في السنوات القليلة الماضية محمد شفيق مصباح، الذي يكتب مقالات رأي مميزة، وقدّم حوارات صحفية مع أشهر الكتّاب والشخصيات السياسية والفكرية من مختلف أنحاء العالم. هذا الكاتب هو عقيد أمني سابق، وما زال يقدم الحوارات في كبرى اليوميات الجزائرية بالعربية والفرنسية، ومن حواراته المميزة تلك التي أجراها مع مدير المركز الثقافي الجزائري حاليا في باريس وهو الأديب الشهير باسم «ياسمينة خضرا». وقد برز خضرا منذ تسعينات القرن الماضي أيام أزمة الجزائر الدموية الخطيرة، وكان يكتب بواقعية وجرأة كبيرتين. وظن الجميع من خلال اسمه أنه امرأة، ليكشف عن هويته بعد ذلك ويعرف الجميع بأنه الضابط العسكري السابق محمد مولسهول الذي كان قد كتب قبل ذلك باسمه الحقيقي وباللغة العربية روايات لم تنجح. لكنه سجل النجاح تلو الآخر حين كتب بالفرنسية باسمه المستعار المثير. وظل محمد مولسهول الذي يوقع رواياته باسم زوجته ياسمينة خضرا يثير الجدل الأدبي والسياسي، برواياته السير ـ ذاتية، والبوليسية، ويقيم في باريس منذ مدة طويلة وتميز بغزارة إنتاجه. ومن أشهر رواياته «بم تحلم الذئاب» و«سنونوات كابول»، و«الأحمق والسكين». وظل رغم انكشاف هويته يحمل اسم ياسمينة خضرا إلى الآن وحقق شهرة دولية وترجمت أعماله إلى عشرين لغة. ورغم إقامته طويلا في باريس لم يعتبر خضرا نفسه لاجئا، بل كان بقاؤه هناك لأسباب أدبية حتى يكون قريبا من دور النشر، ويتنقل بسهولة بين الدول الأوروبية، وقد تم تعيينه في الأشهر القليلة الماضية رئيسا للمركز الثقافي الجزائري بالعاصمة الفرنسية. الكثير من الفنانين والشعراء الجزائريين يحملون قبعات عسكرية، ولا ندري ان كانت الظاهرة مرتبطة بالجزائر فقط؟ لكنها في كل الأحوال لافتة، وتجسر الهوة بين النظام العسكري المبني على الصرامة والانضباط والفن الذي يعشق الحرية.
والحديث عن تجربة هذا الرسام، يدفعنا إلى الحديث عن ظاهرة لافتة في الجزائر، وهي بروز مواهب أدبية وفنية تحت القبعات العسكرية، مثلما حدث قبل سنوات مع الشاعرة ـ ضابطة الشرطة ـ سميرة قبلي، التي «ملأت الدنيا وشغلت الناس»، واختلف كثيرون حول القيمة الأدبية لكتاباتها لكنهم اجمعوا على بروزها كنجمة إعلامية قبل وبعد صدور ديوانها الشعري الوحيد «غوايات» عن منشورات البرزخ، واحدة من أهم دور النشر الجزائرية. ولدت هذه الشاعرة في منطقة القبائل سنة 1977، وحصلت على ليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية، قبل أن تصبح ضابطة، وواصلت مسيرتها الشعرية حتى أصدرت ذلك الديوان وكتب الروائي الشهير رشيد بوجدرة في مقدمته أن تجربتها تتميز بـ «حرية كبيرة في تكسير الجاهز من قواميس العشق والحب والالتزام». وأصبحت تكتب عمودا يوميا في إحدى أكبر الصحف اليومية في الجزائر قبل أن تنقطع وتتوارى عن الأنظار. ومع اختفائها كتب لها الروائي الطاهر وطار رسالة مفتوحة عبر الصحافة المكتوبة مفادها أن «ارجعي يا سميرة»، وعادت سميرة إلى عمودها الصحفي اليومي بالجريدة نفسها.
وبرز في السنوات القليلة الماضية محمد شفيق مصباح، الذي يكتب مقالات رأي مميزة، وقدّم حوارات صحفية مع أشهر الكتّاب والشخصيات السياسية والفكرية من مختلف أنحاء العالم. هذا الكاتب هو عقيد أمني سابق، وما زال يقدم الحوارات في كبرى اليوميات الجزائرية بالعربية والفرنسية، ومن حواراته المميزة تلك التي أجراها مع مدير المركز الثقافي الجزائري حاليا في باريس وهو الأديب الشهير باسم «ياسمينة خضرا». وقد برز خضرا منذ تسعينات القرن الماضي أيام أزمة الجزائر الدموية الخطيرة، وكان يكتب بواقعية وجرأة كبيرتين. وظن الجميع من خلال اسمه أنه امرأة، ليكشف عن هويته بعد ذلك ويعرف الجميع بأنه الضابط العسكري السابق محمد مولسهول الذي كان قد كتب قبل ذلك باسمه الحقيقي وباللغة العربية روايات لم تنجح. لكنه سجل النجاح تلو الآخر حين كتب بالفرنسية باسمه المستعار المثير. وظل محمد مولسهول الذي يوقع رواياته باسم زوجته ياسمينة خضرا يثير الجدل الأدبي والسياسي، برواياته السير ـ ذاتية، والبوليسية، ويقيم في باريس منذ مدة طويلة وتميز بغزارة إنتاجه. ومن أشهر رواياته «بم تحلم الذئاب» و«سنونوات كابول»، و«الأحمق والسكين». وظل رغم انكشاف هويته يحمل اسم ياسمينة خضرا إلى الآن وحقق شهرة دولية وترجمت أعماله إلى عشرين لغة. ورغم إقامته طويلا في باريس لم يعتبر خضرا نفسه لاجئا، بل كان بقاؤه هناك لأسباب أدبية حتى يكون قريبا من دور النشر، ويتنقل بسهولة بين الدول الأوروبية، وقد تم تعيينه في الأشهر القليلة الماضية رئيسا للمركز الثقافي الجزائري بالعاصمة الفرنسية. الكثير من الفنانين والشعراء الجزائريين يحملون قبعات عسكرية، ولا ندري ان كانت الظاهرة مرتبطة بالجزائر فقط؟ لكنها في كل الأحوال لافتة، وتجسر الهوة بين النظام العسكري المبني على الصرامة والانضباط والفن الذي يعشق الحرية.
تعليقات