التخطي إلى المحتوى الرئيسي

الروائي رشيد بوجدرة: ليست ثورات هذه التي تحدث في العالم العربي


في هذا الحوار، يتحدث الروائي رشيد بوجدرة عن مشروع روايته القادمة التي يقول إنها ستكون ضخمة وستنشر باللغة العربية أولا، ويتحدث أيضا بجرأة كبيرة عن موقفه من ثورات الربيع العربي الراهنة وعن حكم الإسلاميين وبعض القضايا السياسية ذات الصلة
رشيد بوجدرة

حاوره: الخير شوار

منذ سنين ونحن ننتظر عودتك لكتابة الرواية بالعربية، فمتى يتم الأمر؟
كنت مرتبطا بعقد ست روايات مع منشورات غراسي الفرنسية، الآن فقط تحررت منه• القضية ليست هنا، أنا صنّفت 11 رواية باللغة العربية إلى أن جاء الإرهاب، وأنا تكلمت أكثر من مرة عن سبب توقفي عن الكتابة باللغة العربية، كان ذلك زمن الإرهاب، المؤسسة الوطنية للكتاب أعطيتها نصا باللغة العربية بدايات التسعينيات تركوه جانبا

تقصد رواية ''تميمون''؟
نعم، مع أنه من عاداتهم قبل ذلك النشر لي بسرعة عندما أعطيهم نصا من نصوصي، ووجدت نفسي محاصرا من كل جهة، وكنت نشرت بالعربية إلى جانب الرواية، مجموعات شعرية، لكن الصحافة تجاهلت الأمر وبالنسبة لهم فإن بوجدرة ليس شاعرا

هذه مفارقة، أنت بدأت شاعرا، لكنك تصنف كروائي فقط، لماذا في رأيك؟
أنا شاعر قبل أن أكون روائيا، والأكثر من هذا فروايتي شعرية، رواياتي كلها قصائد طويلة

أنت لم تكتب القصة القصيرة؟
لا لم أكتبها في حياتي

وماذا عن العودة إلى الكتابة باللغة العربية، هل من مشروع في الأفق؟
الأمر لا يشكّل مشكلا بالنسبة لي، وكل الكتب التي ألفتها بالفرنسية ترجمتها إلى العربية بنفسي إلا بعض الروايات التي ترجمها مثلا جيلالي خلاص ومرزاق بقطاش، كما ترجمت معظم كتبي التي ألفتها بالعربية إلى الفرنسية

على ذكر لغتك العربية، ألا ترى أنها قاموسية وأنا المعرب أحيانا اضطر لاستعمال القاموس لفهم بعض الألفاظ الغريبة؟
الشعر قاموسي، وبالنسبة لكتابتي فحتى المفرنسة منها قاموسية والمفرنسون عندما يقرأوني يستعينون أحيانا بالقاموس، وهل العودة إلى القاموس ليسـت فضيلة (يضحك)•
وعن الكتابة باللغـة العربية، مع أي ناشر يمكن أن تتعامل، المؤسسة الوطنية للكتاب لم يعد لها وجود، دور النشر الخاصة ترفض الرواية إلى حد ما وهي تسير في اتجاه الكتب التاريخية والعلمية وغيرها، ولست قلقا في هذا المجال ولا مجال للتسرع، فحتى الدار التي أتعامل معهـا هنا في الجزائر هي البرزخ فليست لها إمكانيات كبيرة مع أنها دار نشر جيدة، وإمكانياتهم في التوزيع صغيرة جدا لهذه المعطيات، فأنا لن أتسرع في أمر النشر باللغة العربية في الوقت الحالي، مع أن روايتي الأخيرة ''الصبار'' هي آخر رواية ضمن عقدي مع منشورات غراسي الفرنسية، الآن أنا حر وسوف أعود للنشر بالعربية مباشرة

الثورة التحريرية حاضرة بشكل أو بآخر في معظم رواياتك على غرار رواية ''الصبار'' الأخيرة؟
أنا كتبت أربع روايات عن الثورة

هي تحضر بشكل أو بآخر؟
هذا صحيح، أحيانا تمر مرور الكرام، لكن هناك روايات محددة تكلمت فيها عن الثورة الجزائرية وتاريخ الجزائر مثل ''التفكك'' التي تناولت الثورة الجزائرية وموقف الشيوعيين من الثورة

من خلال شخصية الطاهر الغمري التاريخية؟
بالضبط، الطاهر الغمري، البعض يقول لي لماذا لا تكتب عن قضايا شائكة جديدة وحديثة؟ وأنا أقول لهم لقد كتبت أربع روايات فقط من 27 رواية، أربع روايات فقط ولنقل خمسة

البعض يقول إن فكرة استخدام الطاهر الغمري جاءت من رواية ''اللاز'' الذي استعار قبلك شخصية العيد العمراني الشيوعي المشهور الذي اغتيل أثناء الثورة التحريرية؟
لا علاقة للطاهر الغمري بالعيد العمراني، وحتى العيد العمراني فهو موجود أيضا في راويتي ''التفكك'' مع الطاهر الغمري، وطار فعلا كتب قبلي عن شخصية العيد العمراني فهل يحق له احتكار تلك الشخصية؟ كأن يقول لك أحدهم مثلا إن الطاهر وطار كتب عن الحب فلا يحق لك أنت الكتابة عن الحب• بيني وبين الطاهر وطار أنهار وبحور••

بحور من الأحقاد؟
لا ليست أحقاد• وطار بالنسبة لي كاتب متوسط جدا، هو لم يتجاوز طور الرواية الاجتماعية والاشتراكية، أما الأمر عندي فشيء آخر تماما فهل قرأت ''التفكك'' كما قرأت ''اللاز''؟ وطار في بحر مدرسة وتيار وأنا في بحر ومدرسة وتيار• الطاهر وطار بدأ يغار مني عندما بدأت الكتابة باللغة العربية، مع أنه كان رفيقي وكنا في خلية واحدة مدة عشرين سنة

لماذا استمرت العداوة بينكما ولم تنته حتى بموته؟
استمرت حتى الموت وستستمر بعد الموت، هو من بدأ هذه العداوة، وكان قد أصدر بلاغا في وهران يوم موت أبي، في ذلك اليوم ذهب إلى وهران وأصدر بيانا ضدي

تقصد قضية محمد بنيس الشهيرة؟
نعم، هل تقبل أنت بهذا؟ ماذا كان محمد بنيس حينها؟

هو تحدث عن أدلة؟
لم تكن هناك أدلة، لماذا لم ينشر تلك الأدلة؟ محمد بنيس يكتب الشعر، وطار هو من بدأ العداوة، لقد قال لي في ذلك الوقت ''أنت جيت تكتب بالعربية باش تاكلنا الخبزة أنتاعنا''، لقد قالها لي بهذه الكلمة وبهذه الحروف• وحاولت أن أقنعه بقولي أن لي قراء وله قراء لكنه لم يقتنع بالأمر، ثم ابتعدت عنه وحاول أن نتسامح لكني لم أسامحه، لقد طلب مني السماح لأنه اعترف ضمنيا بظلمه لي

لنعد إلى الرواية القادمة، هل اتضح موضوعها؟
لي موضوع، لكنه موضوع كبير حول قضية السلطة لكنها ليست رواية سياسية وتتعلق بشخصية أولان باغ الذي كان ملكا في أوزباكستان وعندما تولى الملك بعد وفاة والده كان عالم فلك وكان رجل علم وبعد أن تربع على العرش لمدة سنتين أو ثلاثة استقال، كانت تلك أول استقالة في تاريخ العالم العربي الإسلامي، كان عالم فلك واكتشف نجما وأصبح معروفا بها عالميا، أردت أن أحكي حكايته• وفي الوقت نفسه استخدمت شخصية اليامين زروال الذي استقال من رئاسة الجمهورية، عندما استقال زروال لم تهتموا بالأمر كثيرا، ما قام به زروال موقف رهيب، فلأول مرة في تاريخ العالم العربي والإسلامي يستقيل رئيس جمهورية• الرواية القادمة ستكون ضخمة ولن تكون تاريخية لأن وقائعها راهنية لكنها تتخذ من شخصية أولان باغ خلفية لها، أو اولان باي بحكم الأصل التركي للكلمة

وهل ثورات الربيع العربي ستكون حاضرة في هذه الرواية؟
أكيد، وكيف أن هذه ''الثورات'' كانت مبرمجة من طرف الولايات المتحدة منذ خمسينات القرن الماضي، فالخريطة الجديدة هي قديمة، وقد بدأت هذه ''الثورات'' بنوع من التمرد الشعبي كلنهم استغلوه بسرعة، وهم من أعطى الأمر لرئيس أركان الجيش الجنرال رشيد عمار من أجل التخلص من بن علي بإرساله إلى السعودية

لكن الجنرال عمار لم يفعل ذلك إلا عندما وصل الخطر إلى العاصمة التونسية وكان خطرا كبيرا بحكم التمرد الشعبي؟
لقد حدث ذلك في خمسة عشرة يوما، الأمر يذكرنا بما حدث في الجزائر في أكتوبر .1988 أحيانا أُسأل: عما وقع في ذلك الوقت، فأجيب أن ما حدث في الجزائر سنة 1988 ليس بثورة وإنما انتفاضة، سمها ما شئت إلا ثورة، الثورة مبرمجة ومخطط لها سنوات وسنوات قبل حدوثها، الثورة لها إطارها ولها قائد، الثورة التحريرية الجزائرية هي ثورة بالفعل، كذلك الامر مع الثورة الفرنسية والثورة البلشفية• ما هي نتيجة هذه ''الثورات''؟ ليبيا دمرت بالطيران الحربي

لكن ليبيا كان يحكمها ديكتاتور قتل شعبه؟
كلهم دكتاتوريون، لكن الدكتاتور يخلعه شعبه

والقذافي ثار عليه شعبه وهو الذي خلعه من الحكم وقتله؟
أبدا، لم يخلعه شعبه، القذافي خلعه حلف الناتو، التاريخ أمامنا، ماذا فعلت هذه الثورات، لقد أعادوا الجيش بقوة إلى الواجهة وأصبح الجيش يهيمن على الموقف السياسي في كل هذه البلدان بما فيها ليبيا وتونس ومصر، هذه انقلابات بيضاء أولا، وثانيا هي أعادت الإسلاموية بقوة رغم انهم يحاولون إعطاء صورة أخرى لهم مثلما فعلوا مع المنصف المرزوقي في تونس، لكنهم بدأوا مشروعهم ومعهم من الممكن المرأة لا تشتغل بحجة حل مشكل البطالة، الغنوشي قالها عندما اقترح أن تتوقف المرأة عن الشغل، الإسلاموية زاحفة كما هو الشأن عندنا في الجزائر، فكم من حانة أغلقت• في تونس الحجاب كان ممنوعا في الأماكن العمومية أما الآن فقد أصبحت الفتيات يذهبن إلى الجامعة بالنقاب، هل تعلم بوجود 16 ألف مصري في السجون أدخلهم الجيش إلى السجون وفي تونس 40 ألف في السجن بمن فيهم 20 ألف من الهاربين من ليبيا من يتكلم عن هؤلاء؟ بالنسبة لي، هذه ليست ثورات، ربما هي خطوة في انتظار الثورات الحقيقية التي يحتاجها العالم العربي والعالم الإسلامي كله

وهل تعتقد أن الجزائر في مأمن من مد الثورات هذه؟
لا أعتقد ذلك، هناك مخاطر بالنسبة للجزائر، هل تعرف السبب؟ لأن الجزائر تملك البترول ولها موقف سياسي، موقف الدولة مما حدث يشرّف الجزائر، بصراحة أنا أرى الموقف الرسمي الجزائري صحيحا

لكن الكثير يرى الموقف غامضا حتى من قضية ليبيا؟
السياسة تتطور، موقف الدولة يتماشى مع موقف الشعب، الشعب الجزائري ضد ليبيا الوضع الحالي، الموقف لم يكن مع القذافي، لكن ما حدث في ليبيا هو التقسيم والتجزئة وعادت ليبيا إلى قبائليتها، الشعب الجزائري ماذا يقول في هذا الموقف؟ يقول إن هذا ليس بثورة

وماذا عن سوريا، هل توافق على الجرائم التي يرتكبها نظام الأسد في حق شعبه؟
عن أي جرائم تتحدث، هناك جيش في مواجهة جيش آخر، وماذا عن الجرائم التي تقوم بها المقاومة المسلحة؟ هل تنكر وجود معارضة مسلحة؟ هل تقبل أي دولة في العالم أن تكون فيها مقاومة مسلحة؟ الأمر كله مرتبط بأمريكا، لكن أمريكا الآن سقطت اقتصاديا وعسكريا وهي الآن في بداية النهاية، لكنها في هذا الوقت تقوم بهذه ''الثورات''•
لنأخذ الآن قضية الجزائر، ما سمي في أكتوبر 1988 بالثورة وما هي بثورة، مات أناس وجاء الشاذلي بن جديد ليقوم ببعض التعديلات مثل حرية الصحافة وهي شيء جميل، لكن النظام بقي هو نفسه يتمثل في جبهة التحرير التي لفقوا لها بعض الإسلاميين، النظام تقوده جبهة التحرير لكن الإسلامويين يشاركون فيه•، والامر نفسه حدث في المغرب• صحيح أن الإسلاموية لها قواعد شعبية••••

ولماذا لا نترك الإسلاميين يحكمون ثم نرى ماذا سيفعلون؟
إنهم في الحكم بالفعل، هل نسلم لهم الحكم ككل؟ لا أرى أن الشعب الجزائري يقبل بذلك• حسب ظني، لو كانت هناك انتخابات جديدة، فلن تفوز الإسلاموية، لماذا؟ لأن الإسلاموية عندنا في الجزائر كانت مجرمة، هناك 200 ألف ضحية، أظن أنه في الانتخابات ليس لها حظوظ ، هذا رأيي، لكن ممكن أن نجري انتخابات وتصعد حماس وغير حماس، لكني أرى أنهم لا يشكلون الأغلبية، لكن الشعب فيه قوى وطنية وبعضها يساري مثل المثقفين وأنا لا أعرف مثقفا يمينيا في الجزائر

تكلمت منذ قليل عن فكرة مفادها أن ما يحدث الآن في العالم العربي مخطط له منذ خمسينيات القرن الماضي، هل من توضيح أكثر لهذا الموضوع؟
كان هناك مخطط بهذا الشأن، والعالم العربي كما هو الآن تم تنظيمه جيو جغرافيا انكلترا وفرنسا وخاصة انكلترا، الولايات المتحدة الأمريكة لم تهتم بالأمر إلا أثناء الحرب العالمية الثانية وبعد أن وصل الجيش السوفياتي إلى برلين، عندما انتصر الجيش السوفياتي على الجيش النازي، آنذاك انتبهت أمريكا إلى أن العالم بتلك الصيغة لا يتلاءم مع سياستها إضافة إلى عامل النفط الذي تطور بعد ذلك، ومنذ ذلك الوقت قرروا أن تكون هناك خارطة جديدة، منذ ذلك الوقت وهم يمتلكون هذه الخارطة، وعندما تحين الفرصة لامتصاص منطقة اقتصاديا وسياسيا و''بتروليا'' يدخلوها، هم يستغلون أي ثغرة من أجل تحقيق تلك الخارطة على أرض الواقع• تونس كانت ''انتاعهم''، كانت تابعة لأمريكا منذ زمن

لكن فرنسا تفاجأت بالثورة التونسية؟
ليست ثورة وإنما انتفاضة، هم كانوا يعتبرون تونس واجهة سياحية، أنا أعرف تونس جيدا، الحمامات وسوسة والمونستير وجربة، هي مجرد واجهات، لكن حتى داخل تلك المدن هناك مدن قصديرية، وراء الواجهة الجميلة للحمامات وعندما تأخذ الطريق الوطني غير السريع ترى الأحياء القصديرية، هناك فقر كبير، هناك مدينة قصديرية مقابل جامعة تونس، عندما كنت أدرس في الصادقية كانت تلك المدينة القصديرية في حدود حوالي 2 كيلومتر مربع الآن هي في حوالي 150 كيلومتر مربع، هذا هو الوضع في تونس بالنسبة للرشوة والفقر ودكتاتورية بن علي، أنا لا أدافع عن الوضع السابق، لكني أقول إن هذه ليست ثورات، فلو كانت ثورات حقيقية فسيكون الشعب هو الرابح، فمن هو الرابح اليوم في تونس؟ ومن ربح في مصر، لا تنسى أن الإسلاموية هي دوما إلى جانب البورجوازية ومع اقتصاد السوق وهي رجعية في النهاية، الشعب التونسي الآن صوت على صاحب قناة المستقلة (الهاشمي الحامدي) الذي كان إلى جانب الجنرال بن علي، فكيف لأناس ضحوا كل هذه التضحية ينتخبون على شخص من هذه الشاكلة؟ صحيح أن الانتخابات كانت نزيهة وشفافة، لكن هذه هي النتيجة

وإذا أعطاهم الشعب صوته، فماذا تفعل؟
لا أفعل شيئا، لكن لي موقف ولي فكر ومن حقي أن أقول رأيي، ومن حقي أن أقول: هذه ليست ثورة، الشعب يعاني وسيزداد معاناة مع هذا الوضع الجديد، والشعوب في النهاية هي الخاسر في القضية• الإسلامويون سيزيدون في إفقار الشعب وسيزيدون رأس المال لرأس المال، وأنا رأى أنه على الشيوعيين في تونس والمغرب البقاء في المعارضة والامتناع عن المشاركة في الحكم في هذه المرحلة، ورغم أن بعضهم أعلن مشاركته، لكني اعتقد أنه بعد أشهر من الآن سينسحبون

بعد أن رسمت هذه الصورة القاتمة، كيف ترى الأفق، هل من أمل أم أننا مقبلون على عصر ظلام طويل؟
الآن الشعوب العربية التي لا تعرف ما معنى الثورة بالمعنى الماركسي مثلا هي الآن جربت هذا الوضع وستعاني، لكني أرى أن الثورات العربية آتية ولا بد أن تأتي، ليس فقط في العالم العربي• انظر إلى ما يحدث في أمريكا اللاتينية اليوم، البلدان التي فيها ثورات حقيقية هي بلدان أمريكا اللاتينية، وهناك بصيص أمل وبصيص نور قادم من تلك المنطقة

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

لعنة كريستوف كلومب التي أصابت أجيال الجزائريين: كشف الغمّة في تاريخ الشمّة

لم يكن الرحالة المستكشف كريستوف كلومب، وهو يبحث عن طريق غربية نحو الهند، أن اسمه سيرتبط إلى الأبد بأمريكا (العالم الجديد)، وبالتبغ وبـ ''الشمة'' أيضا التي غزت الجزائر منذ قرون، ومازالت تسيطر على عقول الناس عندنا، مثلما سيطر ''القات'' ويسيطر على عقول اليمنيين · عندما اكتشف الرحالة الإسباني من أصل إيطالي كريسوف كلومب القارة الأمريكية، اكتشف معها مادة التبغ التي كان يُعتقد بأنها دواء شافي لبعض الأمراض، ومع بدايات القرن السادس عشر الميلادي بدأت تنتشر عادة استهلاك هذه المادة في شكل سجائر انطلاقا من إسبانيا والبرتغال قبل أن تكتسح السيجارة العالم وتعود من جديد إلى بلد الهنود الحمر في شكلها الجديد· وغير بعيد عن إسبانيا انتشرت في الضفة الجنوبية للمتوسط عادة من نوع آخر·· التبغ لا يحرق في سجل سجائر وإنما تعاد معالجته إضافة إلى مواد أخرى ليوضع في الفم ويسمى ''الشمة''، أو يسحق تماما ليشم على طريقة الكوكايين والهيروين ويسمى في هذه الحالة ''النفة''، ولئن كانت النفة محصورة إلى حد ما لدى فئة محدودة من الناس، فإن شقيقتها الشمة كثير

زوكربيرغ و"الربعة دورو أنتاع الكبش"

الخير شوار لا يملّ الكثير من الجزائريين من مرتادي شبكات التواصل الاجتماعي من إعادة نسخ صورهم القديمة التي تعود إلى زمن الأبيض والأسود وإعادة نشرها من جديد، مثلما "يبدعون" في نشر كل ما له علاقة بطفولتهم أو ماضيهم البعيد نسبيا، من علب حليب "لحظة"، وعلب السجائر مثل "الأفراز" و"الصافي" و"النسيم"، وعلبة "الهقار" التي تمثل جماعة من التوارق جالسين وأحدهم واقف، التي تذكّر بنكتة مفادها أن أحدهم قال إنه لن يقلع عن التدخين حتى يجلس ذلك "التارقي الواقف"، حتى الأوراق والقطع النقدية على غرار ورقة الخمس دنانير "أنتاع الثعلب" وورقة العشر دنانير الكبير، أو حتى ورقة الخمسمائة دينار التي سُحبت بشكل مفاجئ من التداول سنة 1982 وكشفت حينها عن متسولين وفقراء يمتلكون الأكياس منها. ولا يتردد البعض في نشر روابط من اليوتيوب تمثل مسلسلات ذلك الوقت مثل "ستارسكي وأتش" والمسلسل الموسيقي الأمريكي "فايم" وغيرها كثير. أشكال كثيرة منشورة تملأ الفيسبوك، ربما لا تعرفها الأجيال الجديدة التي تعتمد لغة "العربيز

الباحث فوزي سعد الله: الفنانون اليهود غنوا التراث الجزائري الذي كان تراثهم بحكم انتمائهم للجزائر

يرى الباحث فوزي سعد صاحب كتاب ''يهود الجزائر•• مجالس الغناء والطرب'' الصادر حديثا عن منشورات ''قرطبة'' بالجزائر، أن علاقة يهود الجزائر بالغناء المحلي الجزائري، لم تكن طابو، لكنها تحولت إلى ذلك بفعل أسباب تاريخية معقدة، ويرى أن عودة بعض الفنانين اليهود إلى الغناء بعد انقطاع طويل يعود إلى أسباب كثيرة لا تخلو من التجارة، بعد أن أصبح هذا النوع من الغناء موضة في أوروبا، ويؤكد أن ارتباطهم بهذا النوع من الغناء وجداني ولا علاقة له بالسياسة: منتجين وإن نبغ بعضهم حاوره: الخير شوار وأنت الباحث في علاقة يهود الجزائر بـ ''مجالس الطرب'' المحلي، لماذا تحوّل هذا الموضوع إلى طابو؟ هل هي جناية السياسة على الفن؟ علاقة اليهود بمجالس الطرب الجزائرية لم تولد طابو كما تقول، بل تحولت إلى طابو لأسباب تاريخية • اليهود والمسلمون كانوا يغنون مع بعض في نفس المجالس، في نفس الأجواق الموسيقية، في نفس المدارس والجمعيات الموسيقية على غرار ''المطربية'' و''الأندلسية'' و''الجزائرية - الموصلية''، وحتى في جوق الإذاعة