التخطي إلى المحتوى الرئيسي

القرن الأول بعد "تيتانيك"




قبل مئة سنة من الآن، وفي ساعة متأخرة من ليلة باردة، كان أكبر إنجاز تكنولوجي يغرق في مياه المحيط وقد اصطدم بكتلة جليد عائمة كانت قادمة من غرينلاند.. إنها باخرة تيتانيك التي أريد لها أن تكون أسطورة صناعية لكنها تحولت قبل خمسة عشرة سنة من الآن إلى أسطورة فنية على يد المخرج العالمي جيمس كاميرون، والذي اعترف أخيرا أن سبب إنجازه للفيلم، كان رغبة منه في الاقتراب من تفاصيل تلك الباخرة العملاقة التي تنام أجزاؤها متفرقة في أماكن متفرقة في المحيط الأطلسي.
ولم تكن تيتانيك مجرد باخرة غرقت، وقد تأسست بطريقة رآها أصحابها غير قابلة للغرق مهم كانت الأسباب لكنها سقطت في أول رحلة بينما كانت تحمل علية القوم إلى /العالم الجديد/، وما تزال ساعات بعضهم لحد الآن عقاربها مضبوطة على مدينة نيويورك التي لم يصلها، والتكنولوجيا الحديثة تقول إنها تمكنت في السنين الأخيرة التي أعقبت إنتاج الفيلم من الكشف عن كل أسرارها.
وجاء بناؤها في سياق /مد/ كبير من الأحلام بالتغلب على كل مبررات التعاسة الإنسانية عقب سلسلة من الفتوحات العلمية والتكنولوجية منها /اللاسلكي/ واختراع الطيارات والسيارات وغيرها، وجاءت لحظة الثاني عشر من أفريل 1912 لتحول الحلم إلى بداية كابوس بلغ أوجه بعد سنتين من ذلك عندما اندلعت الحرب العالمية الاولى سنة 1914 والتي مهدت بدورها لحرب كونية أكبر بعد ذلك.
إنها باحرة الحلم الذي تحول إلى كابوس التي تحيلنا إلى عبارة شعبية عندنا تقول /البابور غرق/، وقد وظفها الكاتب المسرحي الجزائري سلميان بن عيسى قبل أكثر من عشرين سنة من الآن، وكأنه استحضر أسطورة تيتانيك بشكل مجازي، وقد تنبأ بالفعل للطوفان الذي حل بعد ذلك، وكل آمال /البابور/ الجزائري التي حملها رياح أكتوبر تغرق في محيط الدم الذي أعطى حقبة كاملة لونه الداكن.
واليوم، والعام يستعيد بشكل جمالي أسطورة تيتانيك التي أرخت لنجاح السينما العالمية في تسعينيات القرن الماضي، تعود من جديد على يد المخرج نفسه (جميس كاميرون) بأحدث وسائل الإبهار البصري مع تقنية الأبعاد الثلاثة، نتمنى ألا يغرق /البابور/ مرة أخرى والعالم لم يعد يتحمل المزيد من المآسي.
الخير شوار    

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

لعنة كريستوف كلومب التي أصابت أجيال الجزائريين: كشف الغمّة في تاريخ الشمّة

لم يكن الرحالة المستكشف كريستوف كلومب، وهو يبحث عن طريق غربية نحو الهند، أن اسمه سيرتبط إلى الأبد بأمريكا (العالم الجديد)، وبالتبغ وبـ ''الشمة'' أيضا التي غزت الجزائر منذ قرون، ومازالت تسيطر على عقول الناس عندنا، مثلما سيطر ''القات'' ويسيطر على عقول اليمنيين · عندما اكتشف الرحالة الإسباني من أصل إيطالي كريسوف كلومب القارة الأمريكية، اكتشف معها مادة التبغ التي كان يُعتقد بأنها دواء شافي لبعض الأمراض، ومع بدايات القرن السادس عشر الميلادي بدأت تنتشر عادة استهلاك هذه المادة في شكل سجائر انطلاقا من إسبانيا والبرتغال قبل أن تكتسح السيجارة العالم وتعود من جديد إلى بلد الهنود الحمر في شكلها الجديد· وغير بعيد عن إسبانيا انتشرت في الضفة الجنوبية للمتوسط عادة من نوع آخر·· التبغ لا يحرق في سجل سجائر وإنما تعاد معالجته إضافة إلى مواد أخرى ليوضع في الفم ويسمى ''الشمة''، أو يسحق تماما ليشم على طريقة الكوكايين والهيروين ويسمى في هذه الحالة ''النفة''، ولئن كانت النفة محصورة إلى حد ما لدى فئة محدودة من الناس، فإن شقيقتها الشمة كثير

زوكربيرغ و"الربعة دورو أنتاع الكبش"

الخير شوار لا يملّ الكثير من الجزائريين من مرتادي شبكات التواصل الاجتماعي من إعادة نسخ صورهم القديمة التي تعود إلى زمن الأبيض والأسود وإعادة نشرها من جديد، مثلما "يبدعون" في نشر كل ما له علاقة بطفولتهم أو ماضيهم البعيد نسبيا، من علب حليب "لحظة"، وعلب السجائر مثل "الأفراز" و"الصافي" و"النسيم"، وعلبة "الهقار" التي تمثل جماعة من التوارق جالسين وأحدهم واقف، التي تذكّر بنكتة مفادها أن أحدهم قال إنه لن يقلع عن التدخين حتى يجلس ذلك "التارقي الواقف"، حتى الأوراق والقطع النقدية على غرار ورقة الخمس دنانير "أنتاع الثعلب" وورقة العشر دنانير الكبير، أو حتى ورقة الخمسمائة دينار التي سُحبت بشكل مفاجئ من التداول سنة 1982 وكشفت حينها عن متسولين وفقراء يمتلكون الأكياس منها. ولا يتردد البعض في نشر روابط من اليوتيوب تمثل مسلسلات ذلك الوقت مثل "ستارسكي وأتش" والمسلسل الموسيقي الأمريكي "فايم" وغيرها كثير. أشكال كثيرة منشورة تملأ الفيسبوك، ربما لا تعرفها الأجيال الجديدة التي تعتمد لغة "العربيز

الباحث فوزي سعد الله: الفنانون اليهود غنوا التراث الجزائري الذي كان تراثهم بحكم انتمائهم للجزائر

يرى الباحث فوزي سعد صاحب كتاب ''يهود الجزائر•• مجالس الغناء والطرب'' الصادر حديثا عن منشورات ''قرطبة'' بالجزائر، أن علاقة يهود الجزائر بالغناء المحلي الجزائري، لم تكن طابو، لكنها تحولت إلى ذلك بفعل أسباب تاريخية معقدة، ويرى أن عودة بعض الفنانين اليهود إلى الغناء بعد انقطاع طويل يعود إلى أسباب كثيرة لا تخلو من التجارة، بعد أن أصبح هذا النوع من الغناء موضة في أوروبا، ويؤكد أن ارتباطهم بهذا النوع من الغناء وجداني ولا علاقة له بالسياسة: منتجين وإن نبغ بعضهم حاوره: الخير شوار وأنت الباحث في علاقة يهود الجزائر بـ ''مجالس الطرب'' المحلي، لماذا تحوّل هذا الموضوع إلى طابو؟ هل هي جناية السياسة على الفن؟ علاقة اليهود بمجالس الطرب الجزائرية لم تولد طابو كما تقول، بل تحولت إلى طابو لأسباب تاريخية • اليهود والمسلمون كانوا يغنون مع بعض في نفس المجالس، في نفس الأجواق الموسيقية، في نفس المدارس والجمعيات الموسيقية على غرار ''المطربية'' و''الأندلسية'' و''الجزائرية - الموصلية''، وحتى في جوق الإذاعة