ليلى الطرابلسي |
مع أن «الحقيقة» بمفهومها المطلق تراجع
الادعاء عنها، وحتى الاقتراب منها أصبح شعارا يثير الجدل إلى درجة أن إحدى الفضائيات
الشهيرة تخلت عن شعارها «الأقرب إلى الحقيقة» لصالح آخر أكثر احتراما للمتلقي وهو
«أن تعرف أكثر»، في عصر أصبح ادعاء الحقائق المطلقة ملتصقا بالإيديولوجيات الشمولية
على غرار الشيوعية التي اشتهرت بجريدة «البرافدا» وهي الترجمة الروسية لكلمة «الحقيقة».
وفي هذا السياق نعود إلينا التونسية ليلى
الطرابلسي، من خلال كتابها الجديدة الذي يحمل عنوان «حقيقتي» لتحاول من خلاله تقديم
رواية مختلفة لما حدث في تونس يوم الرابع عشر من جانفي 2011. وهذه المرأة التي تحاول
العودة بكتاب، كان من بين أسباب إطاحتها وزوجها من الحكم كتاب آخر بعنون «حاكمة قرطاج»
أصدره صحفيان فرنسيان، وحاولت بكل السبل منع تداوله لكنه وصل إلى الناس. ليقلب المعادلة
جزريا وتصبح مقولة «التاريخ يكتبه المنتصرون» مجرد عبارة بين قوسين، وبعد أن كانت صحيحة
تماما لم تعد كذلك في زمن الانفجار الرقمي وثورة المعلومات،.
و»حاكمة قرطاج» السابقة، التي استولت وأسرتها
على كل مفاصل الحكم في تونس، لم تتمكن من تسويق الصورة التي أردتها عن نفسها، وتمكن
خصومها من رمسها بالطريقة التي رؤوها فيها «أقرب إلى الحقيقة»، ليبدأ العد التنازلي
لـ»حكمها».
واليوم وبعد أن شرع المنتصرون في «ثورة
الياسمين» التونسية في كتابة الرواية الرسمية لما حدث ما بين حرق الشاب محمد البوعزيزي
نفسه منتصف ديسمبر 2010، غلى غاية هروب بن علي وزوجته يوم الرابع عشر من جانفي
2011، تدخل ليلى الطرابلسي على الخط، لتحاول كتابة رواية مختلفة، رواية المنهزم، وبعد
أن عجزت وهي المنتصرة عن رسم صورة جيدة لها، تأتي اليوم بكتابة «حقيقتي» وتتحدث عن
«حقائق» غير التي تملأ الميديا الآن، ويتكلم عنها الناس، وفي زمن تراجعت فيه مقولة
«التاريخ يكتبه المنتصر»، يحاول المنهزم كتابة التاريخ من المنظور الذي يراه الحقيقة،
فهل ينجح في مسعاه؟
اعتقد أن كل شيء يتوقف على قيمة المعلومات وصدقية
الوثائق التي تستند عليها هذه الرواية المضادة، ولا يمكن الحكم على كتاب قبل صدوره.
تعليقات