التخطي إلى المحتوى الرئيسي

عبدو ب: رجل الشاشتين

عبدو. ب

مع أنه لم يختر لحظة مروره إلى العالم الآخر، إلا أن الأقدار اختارت له لحظة مرور بين سنتين، ولحظة مرور إلى تعددية إسلامية سمعية بصرية قيل بشأنها الكثير، وهو الذي كان واحدا من أبرز رجال الشاشتين (السينما والتلفزيون)، وكان يدير مجلة بهذا الاسم (الشاشتان).

الخير شوار
اسمه الحقيقي عبدو بن زيان، لكن الناس عرفوه باسمه المختصر «عبدو. ب» إلى درجة أن بعضهم عندما يلتبس عليه الاسم الكامل يقول عبدو ب ويطيل في الباء حتى يخال للسامع أن الباء اسمه الكامل..
ولئن بدأت مسيرته المهنية كواحد من أهم النقّاد المتخصصين في الشأن السينمائي والتلفزيوني إلا أن شهرته الكبيرة حققها عندما تسلم إدارة التلفزيون الجزائري في بداية التعددية السياسية والإعلامية في البلاد، وتمكن من إحداث ثورة حقيقية في التلفزيون حيث رفع مدة البث اليومي بشكل غير مسبوق وبالمقابل أدخل تقاليد جديدة في العمل إلى درجة أصبح خلالها التلفزيون الجزائري مثالا للجودة والانفتاح قبل انتشار ظاهرة الفضائيات، وقيل بعدها أنه (التلفزيون الجزائري) كان مؤهلا لسباق الفضائيات أكثر من غيره، لكن عبدو أصيب بعدها بأزمة قلبية سنة 1991 وتزامن ذلك مع نهاية عهدته على رأس التلفزيون الذي عاد بعده إلى تقاليد تسييره القديم الأبعد ما تكون عن الاحترافية وتزامن ذلك مع الانغلاق التدريجي له بفعل إلغاء المسار الانتخابي. وعندما كانت فترته عصرا ذهبيا أريد له أن يعود سنة 1993  غير أنه فشل هذه المرة حيث نجح في سابقتها وتبين أن الظرف السياسي الجديد حينها لم يترك له أي هامش لإحداث ثورة جديدة في القطاع الذي انغلق بشكل نهائي بعد ذلك في زمن انفتاح الفضائيات. ويبتعد مرة اخرى عن التسيير لكنه لم يبتعد عن الهم السمعي البصري الذي لازمه طيلة حياته وبقي إلى أواخر أيامه يكتب مقالات دورية في يوميتي «لاتريبين» و»لوكوتيديان دورون» المفرنستين، ويقدم إسهامات في شكل نقاشات وحوارات لمختلف الجرائد المفرنسة والمعربة ومختلف الوسائل الإعلامية التي تطلب خبرته.
وقبل أن يعرف كمدير للتلفزيون، اشتهر عبدو. ب كرئيس تحرير لواحدة من أنجح المجلات المتخصصة في السمعي البصري وهي «الشاشتان» في ثمانينات القرن الماضي، وهو المولود يوم 12 أوت 1944 في بريكة (ولاية باتنة)، وكان قد بدأ حياته المهنية صحفيا في مجلة «الجيش»، وكان آخر منصب شغله هو مستشار لدى المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي (الكناس) بمناسبة الجلسات الوطنية للتنمية.
عبدو. ب الذي ظل يدافع عن التعددية السمعية البصرية، لم يكن مطمئنا لمستقبل هذا القطاع في الوقت الحالي حتى عندما أعلن عن فتحه «المشروط» وكان يقول أنه حتى ولو فتحت أكثر من عشرين قناة فإن محتواها لن يختلف عن التلفزة الرسمية الحالية. ولم تمهل الأقدار عبدو. ب ليرى التحول الإعلامي المقرر هذه السنة عندما توقف قلبه عن الخفقات في اليوم الاخير من سنة 2011.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

لعنة كريستوف كلومب التي أصابت أجيال الجزائريين: كشف الغمّة في تاريخ الشمّة

لم يكن الرحالة المستكشف كريستوف كلومب، وهو يبحث عن طريق غربية نحو الهند، أن اسمه سيرتبط إلى الأبد بأمريكا (العالم الجديد)، وبالتبغ وبـ ''الشمة'' أيضا التي غزت الجزائر منذ قرون، ومازالت تسيطر على عقول الناس عندنا، مثلما سيطر ''القات'' ويسيطر على عقول اليمنيين · عندما اكتشف الرحالة الإسباني من أصل إيطالي كريسوف كلومب القارة الأمريكية، اكتشف معها مادة التبغ التي كان يُعتقد بأنها دواء شافي لبعض الأمراض، ومع بدايات القرن السادس عشر الميلادي بدأت تنتشر عادة استهلاك هذه المادة في شكل سجائر انطلاقا من إسبانيا والبرتغال قبل أن تكتسح السيجارة العالم وتعود من جديد إلى بلد الهنود الحمر في شكلها الجديد· وغير بعيد عن إسبانيا انتشرت في الضفة الجنوبية للمتوسط عادة من نوع آخر·· التبغ لا يحرق في سجل سجائر وإنما تعاد معالجته إضافة إلى مواد أخرى ليوضع في الفم ويسمى ''الشمة''، أو يسحق تماما ليشم على طريقة الكوكايين والهيروين ويسمى في هذه الحالة ''النفة''، ولئن كانت النفة محصورة إلى حد ما لدى فئة محدودة من الناس، فإن شقيقتها الشمة كثير

زوكربيرغ و"الربعة دورو أنتاع الكبش"

الخير شوار لا يملّ الكثير من الجزائريين من مرتادي شبكات التواصل الاجتماعي من إعادة نسخ صورهم القديمة التي تعود إلى زمن الأبيض والأسود وإعادة نشرها من جديد، مثلما "يبدعون" في نشر كل ما له علاقة بطفولتهم أو ماضيهم البعيد نسبيا، من علب حليب "لحظة"، وعلب السجائر مثل "الأفراز" و"الصافي" و"النسيم"، وعلبة "الهقار" التي تمثل جماعة من التوارق جالسين وأحدهم واقف، التي تذكّر بنكتة مفادها أن أحدهم قال إنه لن يقلع عن التدخين حتى يجلس ذلك "التارقي الواقف"، حتى الأوراق والقطع النقدية على غرار ورقة الخمس دنانير "أنتاع الثعلب" وورقة العشر دنانير الكبير، أو حتى ورقة الخمسمائة دينار التي سُحبت بشكل مفاجئ من التداول سنة 1982 وكشفت حينها عن متسولين وفقراء يمتلكون الأكياس منها. ولا يتردد البعض في نشر روابط من اليوتيوب تمثل مسلسلات ذلك الوقت مثل "ستارسكي وأتش" والمسلسل الموسيقي الأمريكي "فايم" وغيرها كثير. أشكال كثيرة منشورة تملأ الفيسبوك، ربما لا تعرفها الأجيال الجديدة التي تعتمد لغة "العربيز

الباحث فوزي سعد الله: الفنانون اليهود غنوا التراث الجزائري الذي كان تراثهم بحكم انتمائهم للجزائر

يرى الباحث فوزي سعد صاحب كتاب ''يهود الجزائر•• مجالس الغناء والطرب'' الصادر حديثا عن منشورات ''قرطبة'' بالجزائر، أن علاقة يهود الجزائر بالغناء المحلي الجزائري، لم تكن طابو، لكنها تحولت إلى ذلك بفعل أسباب تاريخية معقدة، ويرى أن عودة بعض الفنانين اليهود إلى الغناء بعد انقطاع طويل يعود إلى أسباب كثيرة لا تخلو من التجارة، بعد أن أصبح هذا النوع من الغناء موضة في أوروبا، ويؤكد أن ارتباطهم بهذا النوع من الغناء وجداني ولا علاقة له بالسياسة: منتجين وإن نبغ بعضهم حاوره: الخير شوار وأنت الباحث في علاقة يهود الجزائر بـ ''مجالس الطرب'' المحلي، لماذا تحوّل هذا الموضوع إلى طابو؟ هل هي جناية السياسة على الفن؟ علاقة اليهود بمجالس الطرب الجزائرية لم تولد طابو كما تقول، بل تحولت إلى طابو لأسباب تاريخية • اليهود والمسلمون كانوا يغنون مع بعض في نفس المجالس، في نفس الأجواق الموسيقية، في نفس المدارس والجمعيات الموسيقية على غرار ''المطربية'' و''الأندلسية'' و''الجزائرية - الموصلية''، وحتى في جوق الإذاعة