التخطي إلى المحتوى الرئيسي

في معتقل التقنية



الخير شوار
مع أن الشخص الهارب منه، لم يقطع إلا أمتارا معدودة، ومن المحتمل جدا أن يعاد إلى زنزانته، وقد يفقد حياته وهو على مرمى رصاصة، لكن يبدو أنه قضى وقتا طويلا في نبش ذلك النفق الذي اوصله إلى "الحرية" في تلك الصحراء المترامية الأطراف.
إنه المعتقل الرهيب، الذي يبدو في تصميه لا يختلف عن أشهر المعتقلات في العالم بكل تفاصيله وهو يبدو كقلعة قديمة (الداخل إليها لا يعرف عن شيئا والخارج منها –إن تمكن من ذلك من المؤكد أنه لا يستطيع أن يصفها بما تستحق).  
ومع أن الصورة تبدو واضحة وكأنها التقطت بآلة تصوير ولم تخضع لأية عملية تركيب، إلا أنها تبدو من نظرة ثانية أبعد ما تكون عن المعتقل، بل هي آلة "قديمة" لجهاز آي فون النقّال، إنها كذلك، بكل التفاصيل لكنها تفتقد للزجاج ويبدو مكان التطبيقات كأنه ممحي، فهي أشبه ما تكون لصورة جهاز آي فون تعرضت للتشويه.
وكما يقال في نظريات القراءة من "موت للمؤلف" فإن الامر هنا يمكن أن نقول عليه "موت المصور" فالصورة الجامدة تتجدد مع كل قراءة جديدة ولا يمكن أن نصل غلى قراءة "أرثوذوكسية" نهائية ، وفي كل الاحوال فإن الامر يحيل إلى سلطة الصورة في هذا العصر الجديد، التي أصبح سلطانها منافسا لسلطان الكلمة بل يتغلب عليها في كثير من الأحيان، وباستخدام الفوتوشوب يمكن أن نصل غلى فركة لا يمكن للكاتب "الكلاسيكي" أن يوصلها باستعمال صفحات كثيرة قد تصل إلى الكتاب الذي لم يعد يجد من يجد من يقرأه والمتلقي العصري في عجلة من أمره لا ينتظر أبدا ولا يمكن أن يمنحك أكثر من ثوان معدودات
لقد تمكن "الهارب" من نبش النفق، لكن يبدو أن محاولته للهرب يائسة، تماما مثل هذا الإنسان العصري المحاصر داخل هذه الشبكة العنكبوتية التي تسيطر عليه من كل جانب مثلما يسيطر "الاخ الاكبر" على عقول الناس في رواية 1984 الشهيرة لجورج أورويل.
وهو إذن معتقل التقنية الذي نقبع فيه جميعا وقد دخله بعضنا طوعا والبعض مكرها.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

لعنة كريستوف كلومب التي أصابت أجيال الجزائريين: كشف الغمّة في تاريخ الشمّة

لم يكن الرحالة المستكشف كريستوف كلومب، وهو يبحث عن طريق غربية نحو الهند، أن اسمه سيرتبط إلى الأبد بأمريكا (العالم الجديد)، وبالتبغ وبـ ''الشمة'' أيضا التي غزت الجزائر منذ قرون، ومازالت تسيطر على عقول الناس عندنا، مثلما سيطر ''القات'' ويسيطر على عقول اليمنيين · عندما اكتشف الرحالة الإسباني من أصل إيطالي كريسوف كلومب القارة الأمريكية، اكتشف معها مادة التبغ التي كان يُعتقد بأنها دواء شافي لبعض الأمراض، ومع بدايات القرن السادس عشر الميلادي بدأت تنتشر عادة استهلاك هذه المادة في شكل سجائر انطلاقا من إسبانيا والبرتغال قبل أن تكتسح السيجارة العالم وتعود من جديد إلى بلد الهنود الحمر في شكلها الجديد· وغير بعيد عن إسبانيا انتشرت في الضفة الجنوبية للمتوسط عادة من نوع آخر·· التبغ لا يحرق في سجل سجائر وإنما تعاد معالجته إضافة إلى مواد أخرى ليوضع في الفم ويسمى ''الشمة''، أو يسحق تماما ليشم على طريقة الكوكايين والهيروين ويسمى في هذه الحالة ''النفة''، ولئن كانت النفة محصورة إلى حد ما لدى فئة محدودة من الناس، فإن شقيقتها الشمة كثير

زوكربيرغ و"الربعة دورو أنتاع الكبش"

الخير شوار لا يملّ الكثير من الجزائريين من مرتادي شبكات التواصل الاجتماعي من إعادة نسخ صورهم القديمة التي تعود إلى زمن الأبيض والأسود وإعادة نشرها من جديد، مثلما "يبدعون" في نشر كل ما له علاقة بطفولتهم أو ماضيهم البعيد نسبيا، من علب حليب "لحظة"، وعلب السجائر مثل "الأفراز" و"الصافي" و"النسيم"، وعلبة "الهقار" التي تمثل جماعة من التوارق جالسين وأحدهم واقف، التي تذكّر بنكتة مفادها أن أحدهم قال إنه لن يقلع عن التدخين حتى يجلس ذلك "التارقي الواقف"، حتى الأوراق والقطع النقدية على غرار ورقة الخمس دنانير "أنتاع الثعلب" وورقة العشر دنانير الكبير، أو حتى ورقة الخمسمائة دينار التي سُحبت بشكل مفاجئ من التداول سنة 1982 وكشفت حينها عن متسولين وفقراء يمتلكون الأكياس منها. ولا يتردد البعض في نشر روابط من اليوتيوب تمثل مسلسلات ذلك الوقت مثل "ستارسكي وأتش" والمسلسل الموسيقي الأمريكي "فايم" وغيرها كثير. أشكال كثيرة منشورة تملأ الفيسبوك، ربما لا تعرفها الأجيال الجديدة التي تعتمد لغة "العربيز

الباحث فوزي سعد الله: الفنانون اليهود غنوا التراث الجزائري الذي كان تراثهم بحكم انتمائهم للجزائر

يرى الباحث فوزي سعد صاحب كتاب ''يهود الجزائر•• مجالس الغناء والطرب'' الصادر حديثا عن منشورات ''قرطبة'' بالجزائر، أن علاقة يهود الجزائر بالغناء المحلي الجزائري، لم تكن طابو، لكنها تحولت إلى ذلك بفعل أسباب تاريخية معقدة، ويرى أن عودة بعض الفنانين اليهود إلى الغناء بعد انقطاع طويل يعود إلى أسباب كثيرة لا تخلو من التجارة، بعد أن أصبح هذا النوع من الغناء موضة في أوروبا، ويؤكد أن ارتباطهم بهذا النوع من الغناء وجداني ولا علاقة له بالسياسة: منتجين وإن نبغ بعضهم حاوره: الخير شوار وأنت الباحث في علاقة يهود الجزائر بـ ''مجالس الطرب'' المحلي، لماذا تحوّل هذا الموضوع إلى طابو؟ هل هي جناية السياسة على الفن؟ علاقة اليهود بمجالس الطرب الجزائرية لم تولد طابو كما تقول، بل تحولت إلى طابو لأسباب تاريخية • اليهود والمسلمون كانوا يغنون مع بعض في نفس المجالس، في نفس الأجواق الموسيقية، في نفس المدارس والجمعيات الموسيقية على غرار ''المطربية'' و''الأندلسية'' و''الجزائرية - الموصلية''، وحتى في جوق الإذاعة