التخطي إلى المحتوى الرئيسي

عبد الله الهامل: صعلوك في حضرة المسرح

الشاعر عبد الله الهامل



عرض مؤخرا المسرح الوطني الجزائري مسرحية من الخيال العلمي عنوانها «عمود النار» التي ترجمها الشاعر الجزائري المعروف عبد الله الهامل، ذلك الذي استحق لقب صعلوك بامتياز، ومازال يمارس الصعلكة بمفهومها النبيل بين الشعر والمسرح.

الخير شوار
عبد الله الهامل شاعر ليس كالشعراء، فاسمه يطابق «رسمه» تماما، إلى درجة أن البعض ممن عرفه اعتقد أن ذلك الاسم مستعارا، وقد اتخذه الكاتب حميد عبد القادر بطلا لروايته الأولى «الانزلاق»، فهو هامل في الجغرافيا، وقد ولد في منطقة تبلبالة في عمق صحراء الجنوب الغربي من البلاد بين بشار وأدرار، وعاش شطرا من حياته «صعلوكا» في مدينة وهران التي أنهى فيها دراسته وأشتغل فيها بالصحافة الثقافية من خلال جريدة «الجمهورية الأسبوعية» التي توقفت بعد ذلك عن الصدور، ليحط الرحال بعد ذلك في مدينة تندوف التي يشتغل فيها الآن بمديرية الثقافة، وهناك فاجأ ذلك البوهيمي الجميع بأن تزوج وهو الآن أب لطفلين، «علاّل» وطفلة أسماها «أندلس» ولما سأل عن سر ذلك الاسم الغريب قال مازحا: «سميتها أندلس لأني سأفتقدها مستقبلا لأقضي بقية عمري بكاء على ذلك الفقد».
وبالمقابل فإن عبد الله هامل بين الفنون، فهو مشتت بين الشعر الذي يكتبه بتميز وقد أصدر منذ سنين مجموعة شعرية في هذا السياق «كتاب الشفاعة» عن منشورات الاختلاف، ومازال يكتب الشعر بين الحين والآخر وله مخطوطات مصففة في هذا السياق، وبين المسرح الذي يحبه بجنون ومداوم على حضور مهرجاناته ومساهم في الدفع به إلى الأمام من خلال النصوص العالمية التي ترجمها إلى العربية ومثلت في أكثر من مسرح مثل «جزيرة العبيد» التي أنجزها مسرح الموجة بمستغانم، كما ترجم وأعد للخشبة مسرحيات متميزة مثل «نهاية اللعبة» و»عمود النار» التي عرضت مؤخرا في قاعة المسرح الوطني الجزائري في إطار تظاهرة «الجزائر عاصمة للثقافة العربية»، وقد أنجزتها فرقة «أكون» من مدينة بشار، وهي مسرحية من الخيال العلمي تدور أحداثها سنة 2274، وهي من تأليف الكاتب الأمريكي راي براد بري، ويتكلم فيها عن التطور التكلولوجي الكبير وتأثيره السلبي على إنسانية الإنسان.
وبالرغم من استقرار عبد الله في السنين الاخيرة من خلال عمله في تندوف ومؤسسة الزواج الذي «هذبته» قليلا، فهو بالمقابل وفي لروح الصعلكة بمفهومها النبيل، فمازالت روح الفنان المتمرد على القوالب الجاهزة تسكنه وتدفعه لمزيد من الكتابة الشعرية المتميزة، ومزيدا من الترجمات لعيون المسرح العالمي، والمساهمة الفاعلة في التأسيس لحركة مسرحية بمدينة تندوف وهو عضو فاعل في فرقة «النسور» التي قدمت الكثير من المسرحيات الناجحة وتغلبت في مهرجان المسرح المحترف على الكثير من الفرق التابعة للمسارح الجهوية المعروفة، لكنه يبقى وفيا لأسرته الصغيرة ولابته «أندلس» التي أهداءها آخر نصوص الشعرية التي يقول في مطلعها: أخرج كل صباح من بيتي المعلق في-صحراء عسكرية -بأَمَلِ أن أضيف كلمة أخرى للقصيدة النمرة -الافترستني يوم عيد ميلادك الأول في السنة الأولى من القرن الأول -لانتظاراتك المزمنة... –هنا.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

لعنة كريستوف كلومب التي أصابت أجيال الجزائريين: كشف الغمّة في تاريخ الشمّة

لم يكن الرحالة المستكشف كريستوف كلومب، وهو يبحث عن طريق غربية نحو الهند، أن اسمه سيرتبط إلى الأبد بأمريكا (العالم الجديد)، وبالتبغ وبـ ''الشمة'' أيضا التي غزت الجزائر منذ قرون، ومازالت تسيطر على عقول الناس عندنا، مثلما سيطر ''القات'' ويسيطر على عقول اليمنيين · عندما اكتشف الرحالة الإسباني من أصل إيطالي كريسوف كلومب القارة الأمريكية، اكتشف معها مادة التبغ التي كان يُعتقد بأنها دواء شافي لبعض الأمراض، ومع بدايات القرن السادس عشر الميلادي بدأت تنتشر عادة استهلاك هذه المادة في شكل سجائر انطلاقا من إسبانيا والبرتغال قبل أن تكتسح السيجارة العالم وتعود من جديد إلى بلد الهنود الحمر في شكلها الجديد· وغير بعيد عن إسبانيا انتشرت في الضفة الجنوبية للمتوسط عادة من نوع آخر·· التبغ لا يحرق في سجل سجائر وإنما تعاد معالجته إضافة إلى مواد أخرى ليوضع في الفم ويسمى ''الشمة''، أو يسحق تماما ليشم على طريقة الكوكايين والهيروين ويسمى في هذه الحالة ''النفة''، ولئن كانت النفة محصورة إلى حد ما لدى فئة محدودة من الناس، فإن شقيقتها الشمة كثير

زوكربيرغ و"الربعة دورو أنتاع الكبش"

الخير شوار لا يملّ الكثير من الجزائريين من مرتادي شبكات التواصل الاجتماعي من إعادة نسخ صورهم القديمة التي تعود إلى زمن الأبيض والأسود وإعادة نشرها من جديد، مثلما "يبدعون" في نشر كل ما له علاقة بطفولتهم أو ماضيهم البعيد نسبيا، من علب حليب "لحظة"، وعلب السجائر مثل "الأفراز" و"الصافي" و"النسيم"، وعلبة "الهقار" التي تمثل جماعة من التوارق جالسين وأحدهم واقف، التي تذكّر بنكتة مفادها أن أحدهم قال إنه لن يقلع عن التدخين حتى يجلس ذلك "التارقي الواقف"، حتى الأوراق والقطع النقدية على غرار ورقة الخمس دنانير "أنتاع الثعلب" وورقة العشر دنانير الكبير، أو حتى ورقة الخمسمائة دينار التي سُحبت بشكل مفاجئ من التداول سنة 1982 وكشفت حينها عن متسولين وفقراء يمتلكون الأكياس منها. ولا يتردد البعض في نشر روابط من اليوتيوب تمثل مسلسلات ذلك الوقت مثل "ستارسكي وأتش" والمسلسل الموسيقي الأمريكي "فايم" وغيرها كثير. أشكال كثيرة منشورة تملأ الفيسبوك، ربما لا تعرفها الأجيال الجديدة التي تعتمد لغة "العربيز

الباحث فوزي سعد الله: الفنانون اليهود غنوا التراث الجزائري الذي كان تراثهم بحكم انتمائهم للجزائر

يرى الباحث فوزي سعد صاحب كتاب ''يهود الجزائر•• مجالس الغناء والطرب'' الصادر حديثا عن منشورات ''قرطبة'' بالجزائر، أن علاقة يهود الجزائر بالغناء المحلي الجزائري، لم تكن طابو، لكنها تحولت إلى ذلك بفعل أسباب تاريخية معقدة، ويرى أن عودة بعض الفنانين اليهود إلى الغناء بعد انقطاع طويل يعود إلى أسباب كثيرة لا تخلو من التجارة، بعد أن أصبح هذا النوع من الغناء موضة في أوروبا، ويؤكد أن ارتباطهم بهذا النوع من الغناء وجداني ولا علاقة له بالسياسة: منتجين وإن نبغ بعضهم حاوره: الخير شوار وأنت الباحث في علاقة يهود الجزائر بـ ''مجالس الطرب'' المحلي، لماذا تحوّل هذا الموضوع إلى طابو؟ هل هي جناية السياسة على الفن؟ علاقة اليهود بمجالس الطرب الجزائرية لم تولد طابو كما تقول، بل تحولت إلى طابو لأسباب تاريخية • اليهود والمسلمون كانوا يغنون مع بعض في نفس المجالس، في نفس الأجواق الموسيقية، في نفس المدارس والجمعيات الموسيقية على غرار ''المطربية'' و''الأندلسية'' و''الجزائرية - الموصلية''، وحتى في جوق الإذاعة