التخطي إلى المحتوى الرئيسي

عبد الله الأحمر: شيخ القحطانيين في ذمة الله

عبد الله الأحمر 


بعد صراع عنيف مع المرض أسلم الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر الروح، في أحد مستشفيات العاصمة السعودية الرياض، وهو الذي بقي يرأس البرلمان اليمني منذ تأسيسه قبل أربع عشرة سنة، وأحد زعماء اليمن الذي ينتمي إلى يعرب بن قحطان، مثلما تقول شجرة قبيلته حاشد اليمنية التي يرأسها بعد وفاة والده حسين الأحمر·



الخير شوار
الشيخ عبد الله الأحمر الذي كان يجلس في إقامته تحت شجرة العائلة التي تنتمي جذورها إلى الأب الأول للعرب العاربة يعرب بن قحطان، وهو يستقبل مئات الأشخاص في كل حين، عند مائدته، وبعضهم يطرح عليه مشاكل القبيلة، وبعضهم يجدد فروض الولاء والطاعة والبيعة، وبعض الذين يكتبون شعرا يلقون عليه قصائد المديح في كل حين· وشيخ قبائل حاشد القحطانية تعود شهرته إلى ما قبل ثورة 26 سبتمبر 1962 التي أطاحت بنظام ''الإمام''، وقد شارك منذ شبابه الأول في الإشراف على شؤون قبيلته وكأن الأقدار كانت تدخره لما بعد النكسة التي حلت على القبيلة وعلى الأسرة، بعد دخول والده في معارضة ضد حكم الإمام أحمد حميد الدين، ثم ولده محمد البدر· ففي خمسينيات القرن العشرين، قاد الشيخ حسين الأحمر تمردا للقبائل اليمنية من أجل الإطاحة بنظام الإمام، بل وحل محل الإمام نفسه في بعض المناطق، لكن إمام اليمن تمكن من الشيخ وولده (أخ عبد الله) ونفذ الحكم بإعدامهما ولم يبق في رئاسة القبيلة إلا عبد الله، الذي اعتقل في منطقة الحديدة بتهمة الالتقاء بولده الذي تم إعدامه، وبعد أحد عشر يوما من الاعتقال هناك تم ترحيله إلى سجن ''المحابشة'' الذي بقي فيه إلى غاية قيام ثورة 26 سبتمبر ,1962 التي وجد نفسه فيها، ففور قيام الثورة واستفادة عبد الله الاحمر من حريته ذهب الشيخ ''الشاب حينها'' إلى صنعاء وتم استقباله على أعلى مستوى في مقر مجلس قيادة الثورة، وهناك تم تكليفه بالتوجه إلى الشمال الغربي من اليمن من أجل مطاردة الإمام المخلوع البدر ومن ثم إلقاء القبض عليه، وبذلك أصبح الشيخ عبد الله الذي ناصر النظام الجمهوري الوليد قائدا لقبائل حاشد القحطانية التي قادت تلك المعركة الأخيرة ضد الإمام المخلوع حتى انتهاء المعارك في شهر جانفي ,1970 وعندها أصبح الشيخ عبد الله زعيم قبائل حاشد أحد أقطاب النظام الجديد بل ومحوره· وقبل نهاية معركته تلك انتخب رئيسا للمجلس الوطني للجمهورية العربية اليمنية الذي صاغ دستور البلاد الجمهوري، وبعدها بدأ الشيخ مرحلة جديدة في ''الشورى'' والنيابة المنبثقة عن الدستور الوليد، ففي سنة 1970 انتخب رئيسا لمجلس الشورى في جمهورية اليمن الشمالي (قبل الوحدة مع الجنوب)، وبقي في ذلك المنصب إلى غاية سنة 1975 وهي السنة التي تم فيها تعليق العمل بالدستور· وفي السنوات الأخيرة من حكم الرئيس اليمني الأسبق عبد الرحمان الإرياني، عارضه الشيخ بشدة بسبب ما أسماه ''سوء إدارة للدولة''، ثم ساند انتقال السلطة إلى العميد إبراهيم الحمدي، يوم 13 جوان 1974 بعد أزمة كبيرة في البلاد، وبعد سنوات من ذلك تم تأسيس المجلس الاستشاري الذي عين الشيخ عبد الله الاحمر عضوا فيه، مثلما عيّن عضوا في اللجنة العامة للمؤتمر الشعبي العام منذ تأسيسه سنة 1982 إلى غاية إعلان الوحدة بين شطري اليمن سنة ,1990 وبعد إعلان الوحدة رأى الشيخ عبد الله الأحمر أن يجمع الاتجاهات الإسلامية في المشهد السياسي اليمني في تجمع سمي ''التجمع اليمني للإصلاح'' الذي يوجد فيه الشيخ عبد المجيد الزنداني وكان ذلك في سبتمبر ,1990 وأصبح زعيما لذلك ''التجمع''· ومنذ سنة 1993 أصبح الشيخ عبد الله الأحمر رئيسا لمجلس النواب (البرلمان) إلى غاية إعلان وفاته في قبيل انتهاء سنة 2007 وذلك لثلاث عهدات متتالية، وبعد مواجهة الحرب الأهلية التي كادت تعصف بوحدة اليمن سنة 1994 ووقوفه إلى جانب الرئيس الحالي علي عبد الله صالح في مواجهة رئيس اليمن الجنوبي السابق علي سالم البيض· رأس الشيخ عبد الله الأحمر في جانفي 1995 وفدا يمنيا توجه إلى المملكة العربية السعودية لحل مشكلة الحدود بينهما وبعد أربعين يوما من المفاوضات توصل الطرفان إلى ''مذكرة تفاهم'' مهدت إلى إمضاء اتفاقية الحدود يوم 12 جانفي 2000 وأنهت المشكلة التي ظلت عالقة بين الدولتين· والشيخ عبد الله الأحمر الذي غادر الرياض راضيا على ذلك الإنجاز الديبلوماسي، كان مضطرا للعودة مرة أخرى هذه السنة لكنها العودة الأخيرةو فبعد صراع مع المرض أسلم شيخ قبائل حاشد القحطانية الروح أخيرا وبوفاته تطوى صفحة من تاريخ اليمن الحديث·

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

لعنة كريستوف كلومب التي أصابت أجيال الجزائريين: كشف الغمّة في تاريخ الشمّة

لم يكن الرحالة المستكشف كريستوف كلومب، وهو يبحث عن طريق غربية نحو الهند، أن اسمه سيرتبط إلى الأبد بأمريكا (العالم الجديد)، وبالتبغ وبـ ''الشمة'' أيضا التي غزت الجزائر منذ قرون، ومازالت تسيطر على عقول الناس عندنا، مثلما سيطر ''القات'' ويسيطر على عقول اليمنيين · عندما اكتشف الرحالة الإسباني من أصل إيطالي كريسوف كلومب القارة الأمريكية، اكتشف معها مادة التبغ التي كان يُعتقد بأنها دواء شافي لبعض الأمراض، ومع بدايات القرن السادس عشر الميلادي بدأت تنتشر عادة استهلاك هذه المادة في شكل سجائر انطلاقا من إسبانيا والبرتغال قبل أن تكتسح السيجارة العالم وتعود من جديد إلى بلد الهنود الحمر في شكلها الجديد· وغير بعيد عن إسبانيا انتشرت في الضفة الجنوبية للمتوسط عادة من نوع آخر·· التبغ لا يحرق في سجل سجائر وإنما تعاد معالجته إضافة إلى مواد أخرى ليوضع في الفم ويسمى ''الشمة''، أو يسحق تماما ليشم على طريقة الكوكايين والهيروين ويسمى في هذه الحالة ''النفة''، ولئن كانت النفة محصورة إلى حد ما لدى فئة محدودة من الناس، فإن شقيقتها الشمة كثير

زوكربيرغ و"الربعة دورو أنتاع الكبش"

الخير شوار لا يملّ الكثير من الجزائريين من مرتادي شبكات التواصل الاجتماعي من إعادة نسخ صورهم القديمة التي تعود إلى زمن الأبيض والأسود وإعادة نشرها من جديد، مثلما "يبدعون" في نشر كل ما له علاقة بطفولتهم أو ماضيهم البعيد نسبيا، من علب حليب "لحظة"، وعلب السجائر مثل "الأفراز" و"الصافي" و"النسيم"، وعلبة "الهقار" التي تمثل جماعة من التوارق جالسين وأحدهم واقف، التي تذكّر بنكتة مفادها أن أحدهم قال إنه لن يقلع عن التدخين حتى يجلس ذلك "التارقي الواقف"، حتى الأوراق والقطع النقدية على غرار ورقة الخمس دنانير "أنتاع الثعلب" وورقة العشر دنانير الكبير، أو حتى ورقة الخمسمائة دينار التي سُحبت بشكل مفاجئ من التداول سنة 1982 وكشفت حينها عن متسولين وفقراء يمتلكون الأكياس منها. ولا يتردد البعض في نشر روابط من اليوتيوب تمثل مسلسلات ذلك الوقت مثل "ستارسكي وأتش" والمسلسل الموسيقي الأمريكي "فايم" وغيرها كثير. أشكال كثيرة منشورة تملأ الفيسبوك، ربما لا تعرفها الأجيال الجديدة التي تعتمد لغة "العربيز

الباحث فوزي سعد الله: الفنانون اليهود غنوا التراث الجزائري الذي كان تراثهم بحكم انتمائهم للجزائر

يرى الباحث فوزي سعد صاحب كتاب ''يهود الجزائر•• مجالس الغناء والطرب'' الصادر حديثا عن منشورات ''قرطبة'' بالجزائر، أن علاقة يهود الجزائر بالغناء المحلي الجزائري، لم تكن طابو، لكنها تحولت إلى ذلك بفعل أسباب تاريخية معقدة، ويرى أن عودة بعض الفنانين اليهود إلى الغناء بعد انقطاع طويل يعود إلى أسباب كثيرة لا تخلو من التجارة، بعد أن أصبح هذا النوع من الغناء موضة في أوروبا، ويؤكد أن ارتباطهم بهذا النوع من الغناء وجداني ولا علاقة له بالسياسة: منتجين وإن نبغ بعضهم حاوره: الخير شوار وأنت الباحث في علاقة يهود الجزائر بـ ''مجالس الطرب'' المحلي، لماذا تحوّل هذا الموضوع إلى طابو؟ هل هي جناية السياسة على الفن؟ علاقة اليهود بمجالس الطرب الجزائرية لم تولد طابو كما تقول، بل تحولت إلى طابو لأسباب تاريخية • اليهود والمسلمون كانوا يغنون مع بعض في نفس المجالس، في نفس الأجواق الموسيقية، في نفس المدارس والجمعيات الموسيقية على غرار ''المطربية'' و''الأندلسية'' و''الجزائرية - الموصلية''، وحتى في جوق الإذاعة