التخطي إلى المحتوى الرئيسي

زايدي سقية.. ''ياباني'' الصحافة الجزائرية

مشــوار:
1960الميلاد بـ ''سرج الغول''، ولاية سطيف
1983تخرج من جامعة الجزائر
1988ماجستير في العلوم السياسية من جامعة بريسطول البريطانية، ويلتحق بالصحافة
2007الوفاة بالجزائر العاصمة
 
زايدي سقية
بعضهم كان يشبّهه باليابانيين، لأنه كان يشبههم في الشكل قليلا، ويشبههم في حب العمل والاستغراق فيه كثيرا، ورغم همومه الأكاديمية الكبيرة، إلا أنه ظل وفيا للكتابة الصحفية إلى غاية وفاته المفاجئة، وقت مباراة المولودية والاتحاد في نهائي كأس الجمهورية التي كان ينوي الكتابة عنها بطريقته الخاصة، لكن الموت لم يمهله وغادر عالمنا مساء ذلك اليوم، وقبل أن تنتهي المباراة·

الخير شوار
عند وفاة زايدي سقية كان عمره 47 سنة، لكن شكله وطريقة عمله وكتاباته كانت توحي بأنه شاب في بداية العقد الثالث من عمره، ورغم رحيله في هذا السن المبكرة نسبيا إلا أن رصيده من الكتابات الصحفية غزير ومتنوع إلى درجة أنه يشكل ظاهرة قائمة بذاتها وتحتاج إلى دراسة· ويمكن القول بأن تجربة زايدي الصحفية التي بدأت مع عودته إلى البلاد من بريطانيا بشهادة ماجستير في العلوم السياسية حول موضوع الصراع الدولي في منطقة القرن الإفريقي، قبيل أحداث أكتوبر 1988م، هي خلاصة تجربة الجزائر في الصحافة المستقلة، فقد أسس وساهم في تأسيس أكثـر من يومية وأسبوعية، وكتب في مختلف الأقسام من المحلي إلى الاجتماعي إلى السياسي وحتى الرياضي، ورأس تحرير يوميتين هما ''الخبر'' و''الفجر''· كانت له في ''الخبر'' تجربة مريرة عندما كان يرأس تحريرها، ألغي المسار الانتخابي سنة ,1992 وتنشر الجريدة بيانا لرئيس الهيئة التنفيذية، الجبهة الإسلامية للإنقاذ حينها، الراحل عبد القادر حشاني، ليعتقل رفقة زميليه عبد الحكيم بلبطي الذي كان نائبا لرئيس التحرير، ومحمد سلامي ومدير نشر الجريدة، ولم يسترح من تلك القضية إلا بعد أن برأته المحكمة· وبعد تجربة قصيرة في أسبوعية ''الجيل'' مع توفيق رباحي وآخرين، رأى أن يغادر الصحافة ملتحقا بجامعة باتنة كأستاذ، لكن الوضع الأمني المتدهور حينها جعله ينقع عن التدريس ويعود مرة أخرى إلى الصحافة مع مغامرة أخرى تمثلت في أسبوعية ''الحدث'' رفقة زملاء صحفيين منهم زميله السابق في ''الخبر'' محمد سلامي واحميدة عياشي وآخرين، وكان للأسبوعية جرأة إلى درجة توقفها الاضطراري، وحينها انتقل إلى أسبوعية أخرى جريئة في طرحها وهي ''الحرية'' التي اشتهر فيها بإمضائه المميز (س· يزيد)· وعندما عاد إلى الجامعة لم ينقطع عن الصحافة التي عاد إليها مجددا بعد إيقاف تجربة ''الحرية'' سنة ,1996 ليساهم بقوة في تأسيس يومية ''اليوم''، ومحررا ومسؤولا لقسم المراسلين والمجتمع ونائبا لرئيس التحرير، وقد عرف حينها بإمضاءين مختلفين، وكأنه يجمع صحفيين مختلفين تماما في كيان واحد، أحدمها (س· يزيد) بمقالاته السياسية القوية، والآخر (س· عزيز) بروبورتاجاته ومواضيعه الاجتماعية العميقة، التي تعتبر مدرسة في الصحافة الاجتماعية الحية· لكن التجربة لم تستمر طويلا بفعل عوامل تعرفها التجربة الصحافية الجزائرية المستقلة، ليؤسس مع زملاء آخرين يومية ''الفجر'' التي رأس تحريرها، إلا إنه لم يستمر فيها طويلا، لكنه استمر في الصحافة من خلال عمله في جريدة ''أخبار الأسبوع'' بمقالاته السياسية العميقة التي تناولت المشهد السياسي الجزائري في تحولاته، ثم قرر فجأة مغادرة الصحافة على ألا يعود إليها إطلاقا، مكتفيا بعمله الأكاديمي في جامعة الجزائر كباحث وأستاذ، لكنه تراجع عن قراره مرة أخرى وعاد بقوة إلى الصحافة من خلال مساهماته المتميزة في ''الجزائر نيوز'' بمقالاته الأسبوعية في ملحق ''زوايا'' في البداية، ثم عموده الأسبوعي ''تنبيه الغافل'' في الصفحة الأخيرة من الجريدة، وكان لا يبخل بتحليلاته ومساهماته المتنوعة في كل المواضيع التي تحتاجه الجريدة فيها·
محمود بلحيمر، رئيس التحرير الحالي ليومية ''الخبر'' ورفيق الراحل في أكثـر من عنوان وأكثر من مؤسسة، يؤكد بأنه عرف زايدي في يومية ''الخبر'' عندما التحق فيها مع البداية في نوفمبر ,1990 فكان محمود متربصا وكان زايدي رئيسا للقسم الدولي قبل أن تسند له مهمة رئيس التحرير· يختصر محمود كلامه في زايدي قائلا: ''كان حيويا، متكونا في شتى ميادين المعرفة وكان متواضعا للغاية، كان يقدم ويعمل كثيرا في صمت دون أن يلفت إليه الانتباه وظل على تلك السيرة إلى غاية رحيله المفاجئ''·
أما محمد بوازدية، رئيس تحرير ''الخبر الأسبوعي'' الذي تعرّف عليه مع بداية مغامرة الصحافة الخاصة ثم في أسبوعية ''الجيل''، فيؤكد بأنه اتصل به قبل وفاته يريد هاتف المدير السابق لأسبوعيتي ''الحرية'' و''لاناسيون'' عمر عطية الذي كان في المستشفى، لكن بوازدية يتأسف لأنه لم يره، وقد ذهب بمفرده هناك وقد كان المستشفى قريبا من بيته· وبخصوص زايدي يقول بوازدية: ''كان له طابع خاص في كل شيء، في الحديث والقراءة والكتابة وحتى الجلوس، وكان يعشق شارع طنجة بمطاعمه الشعبية إلى درجة كبيرة''· أما ياسين معلومي، مدير أسبوعية ''الشباك'' الذي تعرّف على زايدي في جريدة ''اليوم''، فيؤكد بأنه كان مناصرا وفيا لمولودية قسنطينة رغم نشأته العاصمية وأصوله السطايفية· من آخر إنجازاته روبورتاج ''مولودية شعب الجزائر'' الذي نشره باسم مستعار في أسبوعية ''الشباك'' وكان ينوي تنظيم دورة تكوينية لصحافيي أسبوعيته هذا الصيف، لكن الموت كان سباقا·

رحل زايدي بطريقة تشبهه تماما، وهو المتواضع الذي يعمل في صمت وينجز أشياءه الجميلة في صمت، رحل بالمقابل في صمت في يوم كانت فيه شوارع العاصمة لا تنام و''الداربي'' العاصمي كان يسيطر على كل الأذهان·

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

لعنة كريستوف كلومب التي أصابت أجيال الجزائريين: كشف الغمّة في تاريخ الشمّة

لم يكن الرحالة المستكشف كريستوف كلومب، وهو يبحث عن طريق غربية نحو الهند، أن اسمه سيرتبط إلى الأبد بأمريكا (العالم الجديد)، وبالتبغ وبـ ''الشمة'' أيضا التي غزت الجزائر منذ قرون، ومازالت تسيطر على عقول الناس عندنا، مثلما سيطر ''القات'' ويسيطر على عقول اليمنيين · عندما اكتشف الرحالة الإسباني من أصل إيطالي كريسوف كلومب القارة الأمريكية، اكتشف معها مادة التبغ التي كان يُعتقد بأنها دواء شافي لبعض الأمراض، ومع بدايات القرن السادس عشر الميلادي بدأت تنتشر عادة استهلاك هذه المادة في شكل سجائر انطلاقا من إسبانيا والبرتغال قبل أن تكتسح السيجارة العالم وتعود من جديد إلى بلد الهنود الحمر في شكلها الجديد· وغير بعيد عن إسبانيا انتشرت في الضفة الجنوبية للمتوسط عادة من نوع آخر·· التبغ لا يحرق في سجل سجائر وإنما تعاد معالجته إضافة إلى مواد أخرى ليوضع في الفم ويسمى ''الشمة''، أو يسحق تماما ليشم على طريقة الكوكايين والهيروين ويسمى في هذه الحالة ''النفة''، ولئن كانت النفة محصورة إلى حد ما لدى فئة محدودة من الناس، فإن شقيقتها الشمة كثير

زوكربيرغ و"الربعة دورو أنتاع الكبش"

الخير شوار لا يملّ الكثير من الجزائريين من مرتادي شبكات التواصل الاجتماعي من إعادة نسخ صورهم القديمة التي تعود إلى زمن الأبيض والأسود وإعادة نشرها من جديد، مثلما "يبدعون" في نشر كل ما له علاقة بطفولتهم أو ماضيهم البعيد نسبيا، من علب حليب "لحظة"، وعلب السجائر مثل "الأفراز" و"الصافي" و"النسيم"، وعلبة "الهقار" التي تمثل جماعة من التوارق جالسين وأحدهم واقف، التي تذكّر بنكتة مفادها أن أحدهم قال إنه لن يقلع عن التدخين حتى يجلس ذلك "التارقي الواقف"، حتى الأوراق والقطع النقدية على غرار ورقة الخمس دنانير "أنتاع الثعلب" وورقة العشر دنانير الكبير، أو حتى ورقة الخمسمائة دينار التي سُحبت بشكل مفاجئ من التداول سنة 1982 وكشفت حينها عن متسولين وفقراء يمتلكون الأكياس منها. ولا يتردد البعض في نشر روابط من اليوتيوب تمثل مسلسلات ذلك الوقت مثل "ستارسكي وأتش" والمسلسل الموسيقي الأمريكي "فايم" وغيرها كثير. أشكال كثيرة منشورة تملأ الفيسبوك، ربما لا تعرفها الأجيال الجديدة التي تعتمد لغة "العربيز

الباحث فوزي سعد الله: الفنانون اليهود غنوا التراث الجزائري الذي كان تراثهم بحكم انتمائهم للجزائر

يرى الباحث فوزي سعد صاحب كتاب ''يهود الجزائر•• مجالس الغناء والطرب'' الصادر حديثا عن منشورات ''قرطبة'' بالجزائر، أن علاقة يهود الجزائر بالغناء المحلي الجزائري، لم تكن طابو، لكنها تحولت إلى ذلك بفعل أسباب تاريخية معقدة، ويرى أن عودة بعض الفنانين اليهود إلى الغناء بعد انقطاع طويل يعود إلى أسباب كثيرة لا تخلو من التجارة، بعد أن أصبح هذا النوع من الغناء موضة في أوروبا، ويؤكد أن ارتباطهم بهذا النوع من الغناء وجداني ولا علاقة له بالسياسة: منتجين وإن نبغ بعضهم حاوره: الخير شوار وأنت الباحث في علاقة يهود الجزائر بـ ''مجالس الطرب'' المحلي، لماذا تحوّل هذا الموضوع إلى طابو؟ هل هي جناية السياسة على الفن؟ علاقة اليهود بمجالس الطرب الجزائرية لم تولد طابو كما تقول، بل تحولت إلى طابو لأسباب تاريخية • اليهود والمسلمون كانوا يغنون مع بعض في نفس المجالس، في نفس الأجواق الموسيقية، في نفس المدارس والجمعيات الموسيقية على غرار ''المطربية'' و''الأندلسية'' و''الجزائرية - الموصلية''، وحتى في جوق الإذاعة