كأننا في عجلة من أمرنا، لا نكاد نستوعب «موضة» فنية حتى
يتجاوزها الزمن، والمذاهب الفنية والفلسفية تكاد تظهر وتختفي في كل حين وكان بعضها
في السابق يسود عشريات طويلة.
الخير شوار
مع ثورة الفضائيات، ظهرت ثقافة الكتابة للصورة وبرز فيها
من يبدع في المزج بين الادب والصحافة، لكن الثورة الرقمية المتجددة أفرزت اتجاها
آخر هو الكتابة بالصورة لا الكتابة لها، وأصبحت الشبكات الاجتماعية (الفيسبوك
وتويتر) كلاسيكية بالفعل وهو تستند لشبكات جديدة مثل «آنستاغرام» المتخصص في
التدوين بالصورة بالدرجة الأولى ولا يحتاج الامر إلا إلى هاتف ذكي لتلتقط وتتبادل
مختلف مواقف الحياة في شكل صور مع أصدقاء متوزعين في مختلف أرجاء المعمورة. ولأن
حركة الزمن لا ترحم فقد امتدت يد «الفيسبوك» لتشتري شبكة الصورة الرقمية هذه
بمليار من الدولارات الأمريكية لعلها تبقى في واجهة السباق. وتستعد الشبكات
المنافسة لمعركة المستقبل وغوغل التي سبق وأن اشترت «بيكاسا» طورته ودمجته في
شبكتها غوغل بلس بشكل أكثر حيوية، وتحتفظ ياهو بموقع «فليكر» الذي اشترته هي
الأخرى وهو يخوض معركته الكبرى ضد انستاغرام في انتظار ظهور شبكات جديدة من هذا
النوع او متجاوزة له.
إنها الصورة التي أبدع فيها مغمورون من الناس، فحوّلوا
فيها بتقنية الفوتوشوب إلى درجة لا يعرف المشاهد من خلالها أين تقف الحقيقة وأين
يبدأ الخيال، وهل يصدّق عينه ام يصدق منطقه عن بقي له منطق.
لقد بدأ الوعي البشري من التجسيد إلى التجريد
ليعود إلى التجسيد مرة اخرى في حالة كأنها التقدم أو كأنها النكوص، فمن رسومات
الكهوف على غرار ما حدث في التاسيلي إلى الكتابات المسمارية والهيروغرليفية التي
تتراوح بين التجسيد والتجريد ثم الكتابة الحديثة المجردة، التي لم تشف غليل
الإنسان وراح يتمسك بالصورة في النحت وفي الخيال الشعري، يتطور الأمر إلى الصورة
الفوتوغرافية ثم السينمائية ثم التلفزيونية، ينفجر الطوفان الرقمي الجديد ويتجاوز
شيئا فشيئا الكتابة الصرفة إلى الكتابة المتكئة على الصورة وربما نصل قريبا إلى
الحديث بالصورة وحدها دون كلمات، ولا نردي ساعتها هل البشرية بلغت غاية تقدمها أم
عادت إلى ما قبل الحضارة وهي تحاكي رسومات الكهوف البدائية؟
تعليقات