بعد طول ترحال بين مختلف الوسائط الإعلامية، وجد له قبل سنين مكانا «مثاليا»، على شبكات التواصل الاجتماعي، واحتل الكثير من «الجدران» والكثير من الصفحات. ورغم تجاوزه الخمسين بسنوات، يبقى ذلك الفتى بملامحه الطفولية، يرتدي تبّانا وبعض الألبسة المرقعة، ويدير ظهره منذ سنة 1973 دون كلل أو ملل، ولا أحد يعرف الآن إن كان وجهه قد تغيّر وهل أصبح بشارب كث، أو لحية طويلة أم غزاها الشيب؟
هو حنظلة، ولاسمه
من مذاق طعم لحمه نصيب، قيل إنه من مواليد سنة 1969، لم يولد في مصحة ولا مستشفى
ولا حتى في البيت أو سيارة الإسعاف، وإنما من أنامل الفنان الكاريكاتوري ناجي
العلي.
الفتى وعلى غير
العادة، ولد طفلا في العاشرة تقريبا من عمره، بملابسه تلك التي عرفه بها الناس،
وبرجيله الحافيتين، وبشعره الشوكي، الذي يشبه شوك القنافذ، وذلك هو سلاحه الوحيد.
ويذكر البعض أن
حنظلة عندما ولد لأول مرة، لم يكن يدير ظهره، بل كان يستقبل الناس، تماما مثلما
استقبل الدنيا، وأهله من تشرد إلى آخر، لكنه اضطر سنة 1973 إلى «إعطاء» ظهره
للناس، وهو على ذلك الحال إلى يومنا هذا، وقيل بأنه لم يتحرك من تلك الوضعية إلا
في حالات معدودة جدا، عندما اضطر إلى حمل الحجارة، ومرة عندما حمل الطبشور وكتب
بعض الشعارات على حيطان مخيمات المنفى التي عاشها.
وعندما اضطر مبتكره ناجي العلي لمغادرة هذا
العالم سنة 1987 في لندن، توقّع الكثيرون أن يهلك مثل صاحبه، لكنه بقي على حاله.
قيل إنه بكى
بكاء مرا، كما لم يفعل قبل ذلك عند وفاة والده بتلك الطريقة، وقد سمع له البعض
شهيقا، ورأوا الدمع يبلل الأرضية التي بقي يقف عليها، ولم تؤثر فيه التسويات
والنزاعات التي حدثت بعد ذلك، وقد أصبح ينفر من الشعارات السياسية دون أن يتخندق
مع هذا ضد ذاك، ولم يغره أحد، وظل على حاله التي بقي عليها طيلة تلك السنين.
كان يتمنى أن
يدير وجهه للمشاهد، لكن الواقع يزداد سوءا ليستمر مديرا ظهره متسلحا بالشوك الذي
على رأسه، شاهدا على الأخبار السيئة التي يتلقاها في كل حين.
الخير شوار
تعليقات