الأمر يتعلق بأغرب وأعجب كتاب في تاريخ (وخيال البشرية)، الرواية التي لا يمكن لعبقري كتابتها، تضم عددا لا يحصى من الشخصيات وفي كل لحظة تتطور الأحداث في كل الاتجاهات المتشابكة، إنه كتاب التراب الذي لا يمكن الإحاطة به
.لقد
ذهب خيال متطرف، هو خيال خورخي لويس بورخيس
، لتصور الأمر وتحدى بخياله التكنولوجيا
الرقمية التي انفجرت بعد موتته بسنين، ورأى أن الأمر يتعلق بـ"كتاب الرمل"،
حيث فصّل يقول: «صفحات هذا الكتاب غير متناهية بشكل واضح، لا واحدة منها هي الأولي
ولا واحدة منها هي الأخيرة، لكنني لا أعرف لماذا تم ترقيمها بهذه الطريقة، ربما لإفهام
الآخرين بأن السلسلة اللامتناهية تقبل أي ترقيم ما دامت غير متناهية»، وسماه صاحبه
«كتاب الرمل» لأن « الرمل والكتاب معا ليست لهما بداية ولا نهاية».
ولم
يكن بورخيس يفعل أكثر ممن يحاول إعادة اكتشاف البارود من جديد، وكتابه العجيب، كتاب
الرمل، موجود على أرض الواقع منذ لا ندري من السنين، إنها المعادل الموضوعي للكتب الورقية،
وكتب الرقوق الجلدية القديمة وحتى المنقوشة على الأحجار والألواح وتلك الرقمية التي
تزاحمنا في عصرننا. الأمكنة، أقدم الكتب على الإطلاق والمفتوحة على القراءات التي لا
تنتهي، وهي المتحولة في كل لحظة ومن المستحيل على قارئها مهما كانت عبقرية الإحاطة
بكل محتوياتها وإن حاول فإن التجديد اللامتناهي الذي يميزها يجعله يدخل متاهة لا مخرج
منها، تماما مثل المتاهات البورخيسية الشهيرة.
هذه
النوعية الأخيرة من الكتب العجيبة يمكن أن تصنف كنصوص مفتوحة أو كتب اجتماعية أو سياسية
أو اقتصادية أو غيرها من التصنيفات ويمكن أن تشمل كل التصنيفات في الوقت نفسه وتتجاوزها
باستمرار، هي ليست كتب رمل فقط، مع أن الرمل أحد مكوناتها، بل أن مكونها الرئيس هو
التراب، وإن صنفنا بعضها كرواية مثلا، فهي الرواية التي لا يمكن لعبقري كتابتها، فيها
عدد لا يحصى من الشخصيات وفي كل لحظة تتطور الأحداث في كل الاتجاهات المتشابكة، إنه
كتاب التراب الذي لا يمكن الإحاطة به.
الخير
شوار
تعليقات