التخطي إلى المحتوى الرئيسي

العربية و"العربيزي"



الخير شوار
ظل السجال الذي صاحب "مشروع النهضة العربية الحديثة" محصورا بين دعاة الفصحى ودعاة لهجاتها المحلية، فتوقع البعض أن يحدث للعربية ما حدث للاتينية عندما ولدت كثيرا اللغات الأوربية الحديثة، لكن تلك اللهجات بدا أن بقيت محصورة في الانتاجات التلفزيونية التي تصعد ثم تنزل مع صعود او نزول أي دراما محلية، وعوضا عن ذلك ظهرت "لغة جديدة" مزاحمة هي "العربيزي".
لا أحد يعلم كيف انطلقت شرارة نشأة هذه "اللغة" الوليدة التي تختلط فيها الأحرف اللاتينية بالأرقام العربية وتستحمل في الرسائل النصية القصيرة وفي دردشات الأنترنيت، لكنها أصبحت واقعا بالفعل منذ نهاية تسعينيات القرن الماضي، واعتمدت رسميا السنة الماضية من قبل محرك بحث "غوغل" الشهير.
لقد تحولت إلى أمر واقع مع بروز جيل جديد لا يحسن أي "لغة رسمية"، لكنه "يبدع" في هذه اللغة ويكتبها بشكل تلقائي ويقرأها بأكثر تلقائية كأنه تعلمها سنين طويلة في المدارس.
وتماما مثلما حدث قبل قرون مع الرواج المنقطع النظير لحكايات "ألف ليلة وليلة" مع أن مؤلفها مجهول، فإن هذه اللغة الجديدة تنتشر بقوة ولا احد يعرف من وضع "نحوها" و"صرفها" لأول مرة، وجاءت مؤلف مجهول آخر لموسوعة ويكيبيديا الإلكترونية الشهيرة ليعرّفها بقوله إنها: "أبجدية مستحدثة غير رسمية ظهرت منذ بضعة سنوات، تستخدم هذه على نطاق ضيق بين الشباب في الكتابة عبر الدردشة على الإنترنت في المنطقة العربية، وتٌنطق هذه اللغة مثل العربية، إلا أن الحروف المستخدمة في الكتابة هي الحروف والأرقام اللاتينية بطريقة تشبه الشيفرة".   
لكن شركة "غوغل" التي اعتمدت هذه اللغة لدواعي "واقعية"، يرى بعض الخبراء أنها "تفضل" اللغة العربية الفصحى عليها، بدليل أنها وضع "العبيزي" كلغة إدخال فقط على شبكتها الاجتماعية "غوغل بلاس"، دون أن تعتمدها بشكل كلي كلغة بديلة وهي ترى النسخة العربية "الفصحى" من منتوجها تتطور باستمرار وتلقى الرواج المطلوب. لكن كل هذه المعطيات قد تكون مؤقتة في سوق إلكترونية متحركة باستمرار ومفتوحة على كل الاحتمالات، إنها معركة جديدة للغة العربية لا ضد لغات أجنبية بل ضد هذا الخليط الهجين الذي يسمى "عربيزي" الذي يطمح لأن يكون لغة بديلة.   

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

لعنة كريستوف كلومب التي أصابت أجيال الجزائريين: كشف الغمّة في تاريخ الشمّة

لم يكن الرحالة المستكشف كريستوف كلومب، وهو يبحث عن طريق غربية نحو الهند، أن اسمه سيرتبط إلى الأبد بأمريكا (العالم الجديد)، وبالتبغ وبـ ''الشمة'' أيضا التي غزت الجزائر منذ قرون، ومازالت تسيطر على عقول الناس عندنا، مثلما سيطر ''القات'' ويسيطر على عقول اليمنيين · عندما اكتشف الرحالة الإسباني من أصل إيطالي كريسوف كلومب القارة الأمريكية، اكتشف معها مادة التبغ التي كان يُعتقد بأنها دواء شافي لبعض الأمراض، ومع بدايات القرن السادس عشر الميلادي بدأت تنتشر عادة استهلاك هذه المادة في شكل سجائر انطلاقا من إسبانيا والبرتغال قبل أن تكتسح السيجارة العالم وتعود من جديد إلى بلد الهنود الحمر في شكلها الجديد· وغير بعيد عن إسبانيا انتشرت في الضفة الجنوبية للمتوسط عادة من نوع آخر·· التبغ لا يحرق في سجل سجائر وإنما تعاد معالجته إضافة إلى مواد أخرى ليوضع في الفم ويسمى ''الشمة''، أو يسحق تماما ليشم على طريقة الكوكايين والهيروين ويسمى في هذه الحالة ''النفة''، ولئن كانت النفة محصورة إلى حد ما لدى فئة محدودة من الناس، فإن شقيقتها الشمة كثير

زوكربيرغ و"الربعة دورو أنتاع الكبش"

الخير شوار لا يملّ الكثير من الجزائريين من مرتادي شبكات التواصل الاجتماعي من إعادة نسخ صورهم القديمة التي تعود إلى زمن الأبيض والأسود وإعادة نشرها من جديد، مثلما "يبدعون" في نشر كل ما له علاقة بطفولتهم أو ماضيهم البعيد نسبيا، من علب حليب "لحظة"، وعلب السجائر مثل "الأفراز" و"الصافي" و"النسيم"، وعلبة "الهقار" التي تمثل جماعة من التوارق جالسين وأحدهم واقف، التي تذكّر بنكتة مفادها أن أحدهم قال إنه لن يقلع عن التدخين حتى يجلس ذلك "التارقي الواقف"، حتى الأوراق والقطع النقدية على غرار ورقة الخمس دنانير "أنتاع الثعلب" وورقة العشر دنانير الكبير، أو حتى ورقة الخمسمائة دينار التي سُحبت بشكل مفاجئ من التداول سنة 1982 وكشفت حينها عن متسولين وفقراء يمتلكون الأكياس منها. ولا يتردد البعض في نشر روابط من اليوتيوب تمثل مسلسلات ذلك الوقت مثل "ستارسكي وأتش" والمسلسل الموسيقي الأمريكي "فايم" وغيرها كثير. أشكال كثيرة منشورة تملأ الفيسبوك، ربما لا تعرفها الأجيال الجديدة التي تعتمد لغة "العربيز

الباحث فوزي سعد الله: الفنانون اليهود غنوا التراث الجزائري الذي كان تراثهم بحكم انتمائهم للجزائر

يرى الباحث فوزي سعد صاحب كتاب ''يهود الجزائر•• مجالس الغناء والطرب'' الصادر حديثا عن منشورات ''قرطبة'' بالجزائر، أن علاقة يهود الجزائر بالغناء المحلي الجزائري، لم تكن طابو، لكنها تحولت إلى ذلك بفعل أسباب تاريخية معقدة، ويرى أن عودة بعض الفنانين اليهود إلى الغناء بعد انقطاع طويل يعود إلى أسباب كثيرة لا تخلو من التجارة، بعد أن أصبح هذا النوع من الغناء موضة في أوروبا، ويؤكد أن ارتباطهم بهذا النوع من الغناء وجداني ولا علاقة له بالسياسة: منتجين وإن نبغ بعضهم حاوره: الخير شوار وأنت الباحث في علاقة يهود الجزائر بـ ''مجالس الطرب'' المحلي، لماذا تحوّل هذا الموضوع إلى طابو؟ هل هي جناية السياسة على الفن؟ علاقة اليهود بمجالس الطرب الجزائرية لم تولد طابو كما تقول، بل تحولت إلى طابو لأسباب تاريخية • اليهود والمسلمون كانوا يغنون مع بعض في نفس المجالس، في نفس الأجواق الموسيقية، في نفس المدارس والجمعيات الموسيقية على غرار ''المطربية'' و''الأندلسية'' و''الجزائرية - الموصلية''، وحتى في جوق الإذاعة