التخطي إلى المحتوى الرئيسي

«حنظلة» يزور الجزائر في ذكرى ميلاده الأربعين

حنظلة كما أبدعه ناجي العلي 



بعد أربعين سنة على «ميلاد» شخصية حنظلة، ذلك الطفل الكاريكاتيري صاحب الملابس الرثة والشعر الشوكي، وبعد أكثر من عشرين سنة على رحيل مبدعه الفنان الفلسطيني ناجي العلي، يقتحم هذا الطفل المشهد الثقافي الجزائري بشكل غير مسبوق في عدد من الأعمال الفنية التي تتنوع بين المسرح والكتاب والألبوم والمعرض الفني.

الخير شوار 
المسرح الوطني الجزائري الذي يحمل اسم الفنان الراحل محيي الدين باشتارزي، وفي إطار برنامجه «صدى الأقلام»، الذي ينشطه الشاعر عبد الرزاق بوكبة، استضاف الشاعر الشاب سعيد حمودي، الوجه الإعلامي الذي أصدر منذ أكثر من سنة مجموعته الشعرية الأولى «أغرق فيك»، وبالمناسبة قرأ سعيد نصا مسرحيا كتبه منذ فترة، عنوانه «حنظلة». وينتظر أن يصدر النص في كتاب قريبا جدا عن منشورات «دار الحكمة» في الجزائر. كما وعد الفنان محمد بن قطاف «مدير المسرح الوطني» الجزائري أن يقدم النص مسرحيا، وقد تمت برمجته بالفعل وسيبصر النور على الخشبة خلال عام 2009. لا يخفي سعيد حمودي في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن أساس فكرة كتابة النص بدأت تتبلور مع إعلان مدينة القدس عاصمة للثقافة العربية للعام 2009، فأراد من موقعه كشاعر تقديم هذا النص، الذي يقترب من السيرة الذاتية لفنان الكاريكاتير الفلسطيني الراحل ناجي العلي، لكنه لا يتقيد بالسيرة حرفيا، بل يحاول أن يتحاور جماليا مع شخصية «حنظلة»، ذلك الطفل الذي ولد في مخيلة الفنان الراحل قبل أربعين سنة، وما زال طفلا صغيرا لا يكبر، رغم المحن التي مر بها. ثم إن سعيد يقول إنه ليس غريبا عن فن الكاريكاتير الذي نشأت فيه شخصية حنظلة، فقد سبق له وهو الصحافي الشاب عندما كان يشتغل في صحيفة «الخبر» الجزائرية، أن قام بكتابة مقدمة لكتاب فنان الكاريكاتير الجزائري الشهير «أيوب»، والذي اختاره دون غيره من الصحافيين والكتّاب، لأن الفنان المخضرم أراد أن يقدمه شاب من الجيل الجديد، بنظرة غير تقليدية عنه. وبعد تلك التجربة التي يعتز بها، أراد الشاعر سعيد حمودي أن يعيد الكرّة على صعيد آخر مختلف تماما، فكتب هذا النص المسرحي اقترابا من فنان الكاريكاتير الفلسطيني الراحل ناجي العلي.
ولا تنتهي حكاية «حنظلة» في المشهد الثقافي للموسم الحالي عند هذا الحد، فللحكاية فصل آخر بمسمى «ربيع حنظلة»، وهو عنوان لمعرض فني يتناول بعض لوحات الفنان ناجي العلي، الذي ينطلق مع بداية شهر أبريل (نيسان)، حسبما يؤكد الشاعر أبو بكر زمال رئيس «جمعية البيت»، الذي يضيف في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن جمعيته هي الجهة المنظمة لـ«ربيع حنظلة» بالتعاون مع وزارة الثقافة الجزائرية، وخالد ناجي العلي وهو نجل الفنان الراحل، وقد تكفل بإرسال مائة لوحة فنية إلى الجزائر هي عدد لوحات المعرض الفني. ويضيف زمال قائلا: «إن فكرة المعرض لا تكتمل إلا بالألبوم الذي يصدر بالتزامن معه ويضم كل رسومات الفنان ناجي العلي في الفترة الممتدة بين سنة 1985 وصيف 1987 عندما اغتيل رميا بالرصاص في أحد شوارع لندن، وإن عائدات مبيعات ذلك الألبوم ستوجه إلى قطاع غزة، في شكل مساعدات إنسانية». حنظلة، الذي ولد طفلا بشعر «شوكي» قبل أربعين سنة، وبقي يدير ظهره للمتلقي العربي، حافي القدمين، رث الثياب، لم يمت كما توقع له البعض عند رحيل مبدعه ناجي العلي قبل أكثر من عشرين سنة، وظل يتعدد في أشكال فنية مختلفة، وفي هذا الموسم يحضر بقوة في المشهد الثقافي الجزائري، كما لم يحدث من قبل.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

لعنة كريستوف كلومب التي أصابت أجيال الجزائريين: كشف الغمّة في تاريخ الشمّة

لم يكن الرحالة المستكشف كريستوف كلومب، وهو يبحث عن طريق غربية نحو الهند، أن اسمه سيرتبط إلى الأبد بأمريكا (العالم الجديد)، وبالتبغ وبـ ''الشمة'' أيضا التي غزت الجزائر منذ قرون، ومازالت تسيطر على عقول الناس عندنا، مثلما سيطر ''القات'' ويسيطر على عقول اليمنيين · عندما اكتشف الرحالة الإسباني من أصل إيطالي كريسوف كلومب القارة الأمريكية، اكتشف معها مادة التبغ التي كان يُعتقد بأنها دواء شافي لبعض الأمراض، ومع بدايات القرن السادس عشر الميلادي بدأت تنتشر عادة استهلاك هذه المادة في شكل سجائر انطلاقا من إسبانيا والبرتغال قبل أن تكتسح السيجارة العالم وتعود من جديد إلى بلد الهنود الحمر في شكلها الجديد· وغير بعيد عن إسبانيا انتشرت في الضفة الجنوبية للمتوسط عادة من نوع آخر·· التبغ لا يحرق في سجل سجائر وإنما تعاد معالجته إضافة إلى مواد أخرى ليوضع في الفم ويسمى ''الشمة''، أو يسحق تماما ليشم على طريقة الكوكايين والهيروين ويسمى في هذه الحالة ''النفة''، ولئن كانت النفة محصورة إلى حد ما لدى فئة محدودة من الناس، فإن شقيقتها الشمة كثير

زوكربيرغ و"الربعة دورو أنتاع الكبش"

الخير شوار لا يملّ الكثير من الجزائريين من مرتادي شبكات التواصل الاجتماعي من إعادة نسخ صورهم القديمة التي تعود إلى زمن الأبيض والأسود وإعادة نشرها من جديد، مثلما "يبدعون" في نشر كل ما له علاقة بطفولتهم أو ماضيهم البعيد نسبيا، من علب حليب "لحظة"، وعلب السجائر مثل "الأفراز" و"الصافي" و"النسيم"، وعلبة "الهقار" التي تمثل جماعة من التوارق جالسين وأحدهم واقف، التي تذكّر بنكتة مفادها أن أحدهم قال إنه لن يقلع عن التدخين حتى يجلس ذلك "التارقي الواقف"، حتى الأوراق والقطع النقدية على غرار ورقة الخمس دنانير "أنتاع الثعلب" وورقة العشر دنانير الكبير، أو حتى ورقة الخمسمائة دينار التي سُحبت بشكل مفاجئ من التداول سنة 1982 وكشفت حينها عن متسولين وفقراء يمتلكون الأكياس منها. ولا يتردد البعض في نشر روابط من اليوتيوب تمثل مسلسلات ذلك الوقت مثل "ستارسكي وأتش" والمسلسل الموسيقي الأمريكي "فايم" وغيرها كثير. أشكال كثيرة منشورة تملأ الفيسبوك، ربما لا تعرفها الأجيال الجديدة التي تعتمد لغة "العربيز

الباحث فوزي سعد الله: الفنانون اليهود غنوا التراث الجزائري الذي كان تراثهم بحكم انتمائهم للجزائر

يرى الباحث فوزي سعد صاحب كتاب ''يهود الجزائر•• مجالس الغناء والطرب'' الصادر حديثا عن منشورات ''قرطبة'' بالجزائر، أن علاقة يهود الجزائر بالغناء المحلي الجزائري، لم تكن طابو، لكنها تحولت إلى ذلك بفعل أسباب تاريخية معقدة، ويرى أن عودة بعض الفنانين اليهود إلى الغناء بعد انقطاع طويل يعود إلى أسباب كثيرة لا تخلو من التجارة، بعد أن أصبح هذا النوع من الغناء موضة في أوروبا، ويؤكد أن ارتباطهم بهذا النوع من الغناء وجداني ولا علاقة له بالسياسة: منتجين وإن نبغ بعضهم حاوره: الخير شوار وأنت الباحث في علاقة يهود الجزائر بـ ''مجالس الطرب'' المحلي، لماذا تحوّل هذا الموضوع إلى طابو؟ هل هي جناية السياسة على الفن؟ علاقة اليهود بمجالس الطرب الجزائرية لم تولد طابو كما تقول، بل تحولت إلى طابو لأسباب تاريخية • اليهود والمسلمون كانوا يغنون مع بعض في نفس المجالس، في نفس الأجواق الموسيقية، في نفس المدارس والجمعيات الموسيقية على غرار ''المطربية'' و''الأندلسية'' و''الجزائرية - الموصلية''، وحتى في جوق الإذاعة