لوحة بيكاسو الخالدة «غارنيكا»، المستوحاة من مأساة اسبانيا في حربها الأهلية ثلاثينيات القرن الماضي، لم يبدعها بابلو (بيكاسو) لوحده، بل شارك فيها الجنرال فرانكو وجيوشه، بصناعة تلك المأساة الإنسانية التي لولاها لما جاءت تلك اللوحة، فمن قال إن أباطرة الحرب أناس غير مبدعين؟
رسم الفنان أمجد رسمي مستوحى من لوحة بيكاسو الشهيرة |
إنهم
يطلقون عناوين روائية وشعرية ساحرة على حروبهم التي لا تنتهي، والتي يكتبون من
خلالها كتب أمجادهم بدماء الأطفال وعظام المسكين من الناس، فمن «النسر النبيل» إلى
«التمساح الوفي»، مرورا بـ"السلحفاة الفسفورية"، وليس انتهاء عند "الدبابة
الحنون"، تبدأ ملاحمهم، وتنتهي أحلام الشعراء والمثاليين في رؤية عالم بلا
حرب ولا حقد ولا كراهية.
للحرب
مؤرخ يجمّلها، ويعلمها للأجيال، ويسوّقها بتعليب إنساني، ولها ملكات جمال من لحم
ودم، وهن فتيات فتكت بهن تلك المعارك وألغامها.
ومن أطرف المسابقات في هذا السياق ما تنظّم في
دولة أنغولا الأفريقية التي أنهكتها الحروب الطويلة، فأنغولا التي استقلت عن
البرتغال منتصف سبعينيات القرن الماضي دخلت في حرب أهلية مدمرة لم تنتهي إلا مع
مطلع الألفية الجديدة كانت حصيلتها مليون ونصف مليون قتيل وألغام لا تحصى ولا تعد،
زرعت في أرضها، وأكلت سيقان الناس بما في ذلك الفتيات الجميلات بلا رحمة ولا شفقة.
والأنغوليون
الذين ما زالوا يتجرعون ثمار تلك الحرب الذاتية، ولدت عندهم فكرة يبدو مجنونة
تتمثل في تنظيم مسابقة لـ"ملكة جمال الألغام الأرضية"، وتتنافس على ذلك
اللقب فتيات فقدن سيقانهن وسط تلك الألغام المزروعة في أحشاء الأرض.
والفتيات شوهت الحرب أجسادهن الغضة تتنافسن على
عرض ملكة جمال الألغام كنوع من التحدي لمبدعي الحروب العدمية، حتى تستمر الحياة،
مثلما استمرت طويلا والأرض مزروعة ألغاما عند خطي شال وموريس وما بينهما وخارطتها
عند المحتل الفرنسي الذي لم يسلّمها إلا بعد أن «أتت أكلها كاملة».
الحروب
مستمرة وأباطرتها يبدعون فيها باستمرار رغم أنف المثاليين ودعاة السلام، والحياة
بالمقبل تتواصل رغم كيد مبدعي المآسي الذين يبحثون عن النهاية، تلك التي تبدو
بعيدة، ويبقى الجدل مستمرا بين الحياة ونقيضها.
الخير
شوار
تعليقات