التخطي إلى المحتوى الرئيسي

في وداع أفعى

كان الخوف كل الخوف من أن تلتهم تلك الأفعى التي زارت عالمنا منذ نحو سنة ما تبقى من أحلامنا، لكن موعد رحيلها يقترب دون أن يحدث ذلك، وفي غمرة الرحيل هذه لم ننتبه إلا إلى الجانب المخيف من هذا المخلوق العجيب.

الخير شوار
ذلك الحيوان الزاحف الذي لم يُقطع رأسه منذ البداية، يستعد الآن للرحيل ولا يأبه بمن يحاول قطع ذيله. هي بالفعل حيوان بدم بارد لم تتردد في قتل كثير من الأحلام في هذه السنة التي ارتبطت بها دون أي تردد.
ورغم صورتها القاتمة في مخيال الشعوب فهي رمز للحقيقة العارية، حيث لا ينفع معها سحر الساحرين، وعصى النبي موسى عليه السلام لتحوّلت بمعجزة إلهية إلى ثعبان ابتلع حيّات سحرة فرعون، وهي العصا التي كان يهش بها على غنمه ويتوكأ عليه وكانت له فيها مآرب أخرى.

والأفعى التي تحمل في لسانها السم القاتل، قد تتحول في لحظة ما إلى الطبيب المداوي، والميثولوجيا اليونانية تركد لنا أن الشفاء عادة ما يكون في سمّها ولا عجب إن وجدنا كل الصيدليات وسيارات الإسعاف في عالمنا المعاصر تحمل رمز الأفعى، وقد أثبت العلم أن سم الأفعى والثعبان القاتل يمكن أن يتحوّل إلى دواء يحيي الميكروبات ويحيي الأجسام العليلة، لكن ذلك يتوقف على مهارة الطبيب والعالم في عالم لم يعد يستمع لصوت العلم بقدر ما أصبح ينصت لأصوات لا تتردد في إشعال الحروب ونيران الفتن في كل مكان. كان يمكن أن نستغل مرور الأفعى في محاولة لمداواة هذا العالم المريض بعقده وأمراضه، لكن الفرصة يبدو أنها تضيع مرة أخرى لننتظر سنين أخرى حتى تتكرر عودتها من جديد ورأس هذا المخلوق المخيف يتجه نحو الغياب ولا يرينا الآن إلا ذيله الذي لا ينفع ولا يضر، فهو يختفى شيئا فشيئا ومع اختفائه نسمع صهيل الحصان الذي لا نعرف إن كان أبيض من الأحلام أو أحمر من دماء الحروب وفي كل الحالات فهو قادم بسرعة ليأخذ معه هذا العالم بالسرعة نفسها إلى مجاهيل المستقبل.        

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

لعنة كريستوف كلومب التي أصابت أجيال الجزائريين: كشف الغمّة في تاريخ الشمّة

لم يكن الرحالة المستكشف كريستوف كلومب، وهو يبحث عن طريق غربية نحو الهند، أن اسمه سيرتبط إلى الأبد بأمريكا (العالم الجديد)، وبالتبغ وبـ ''الشمة'' أيضا التي غزت الجزائر منذ قرون، ومازالت تسيطر على عقول الناس عندنا، مثلما سيطر ''القات'' ويسيطر على عقول اليمنيين · عندما اكتشف الرحالة الإسباني من أصل إيطالي كريسوف كلومب القارة الأمريكية، اكتشف معها مادة التبغ التي كان يُعتقد بأنها دواء شافي لبعض الأمراض، ومع بدايات القرن السادس عشر الميلادي بدأت تنتشر عادة استهلاك هذه المادة في شكل سجائر انطلاقا من إسبانيا والبرتغال قبل أن تكتسح السيجارة العالم وتعود من جديد إلى بلد الهنود الحمر في شكلها الجديد· وغير بعيد عن إسبانيا انتشرت في الضفة الجنوبية للمتوسط عادة من نوع آخر·· التبغ لا يحرق في سجل سجائر وإنما تعاد معالجته إضافة إلى مواد أخرى ليوضع في الفم ويسمى ''الشمة''، أو يسحق تماما ليشم على طريقة الكوكايين والهيروين ويسمى في هذه الحالة ''النفة''، ولئن كانت النفة محصورة إلى حد ما لدى فئة محدودة من الناس، فإن شقيقتها الشمة كثير

زوكربيرغ و"الربعة دورو أنتاع الكبش"

الخير شوار لا يملّ الكثير من الجزائريين من مرتادي شبكات التواصل الاجتماعي من إعادة نسخ صورهم القديمة التي تعود إلى زمن الأبيض والأسود وإعادة نشرها من جديد، مثلما "يبدعون" في نشر كل ما له علاقة بطفولتهم أو ماضيهم البعيد نسبيا، من علب حليب "لحظة"، وعلب السجائر مثل "الأفراز" و"الصافي" و"النسيم"، وعلبة "الهقار" التي تمثل جماعة من التوارق جالسين وأحدهم واقف، التي تذكّر بنكتة مفادها أن أحدهم قال إنه لن يقلع عن التدخين حتى يجلس ذلك "التارقي الواقف"، حتى الأوراق والقطع النقدية على غرار ورقة الخمس دنانير "أنتاع الثعلب" وورقة العشر دنانير الكبير، أو حتى ورقة الخمسمائة دينار التي سُحبت بشكل مفاجئ من التداول سنة 1982 وكشفت حينها عن متسولين وفقراء يمتلكون الأكياس منها. ولا يتردد البعض في نشر روابط من اليوتيوب تمثل مسلسلات ذلك الوقت مثل "ستارسكي وأتش" والمسلسل الموسيقي الأمريكي "فايم" وغيرها كثير. أشكال كثيرة منشورة تملأ الفيسبوك، ربما لا تعرفها الأجيال الجديدة التي تعتمد لغة "العربيز

الباحث فوزي سعد الله: الفنانون اليهود غنوا التراث الجزائري الذي كان تراثهم بحكم انتمائهم للجزائر

يرى الباحث فوزي سعد صاحب كتاب ''يهود الجزائر•• مجالس الغناء والطرب'' الصادر حديثا عن منشورات ''قرطبة'' بالجزائر، أن علاقة يهود الجزائر بالغناء المحلي الجزائري، لم تكن طابو، لكنها تحولت إلى ذلك بفعل أسباب تاريخية معقدة، ويرى أن عودة بعض الفنانين اليهود إلى الغناء بعد انقطاع طويل يعود إلى أسباب كثيرة لا تخلو من التجارة، بعد أن أصبح هذا النوع من الغناء موضة في أوروبا، ويؤكد أن ارتباطهم بهذا النوع من الغناء وجداني ولا علاقة له بالسياسة: منتجين وإن نبغ بعضهم حاوره: الخير شوار وأنت الباحث في علاقة يهود الجزائر بـ ''مجالس الطرب'' المحلي، لماذا تحوّل هذا الموضوع إلى طابو؟ هل هي جناية السياسة على الفن؟ علاقة اليهود بمجالس الطرب الجزائرية لم تولد طابو كما تقول، بل تحولت إلى طابو لأسباب تاريخية • اليهود والمسلمون كانوا يغنون مع بعض في نفس المجالس، في نفس الأجواق الموسيقية، في نفس المدارس والجمعيات الموسيقية على غرار ''المطربية'' و''الأندلسية'' و''الجزائرية - الموصلية''، وحتى في جوق الإذاعة