هل سمعتم يوما عن
مرض "هستيريا سيبيريا"؟ لقد قرأت عنه في رواية "جنوب الحدود.. غرب
الشمس" ولا ادري إن كان الامر حقيقة أم محض اختلاق من كاتبها الياباني هاروكي
موراكامي.
الخير شوار
يقول المؤلف على
لسان بعض شخوصه إن هناك مرضا يصيب الفلاحين في تلك المنطقة الباردة المتجمدة قرب
روسيا، عندما لا يرى الفلاح مع شروق الشمس إلا الأفق في كل الاتجاهات ولا تزول
حيرته عندما تصبح الشمس عمودية ليعود إلى بيته. ويتوقف الفلاح عن عمله في الشتاء
البارد وعندما يأتي الربيع يصبح هم الواحد مراقبة حركة الشمس تلك في مدارها
اليومي، ليلقي بمحراثه ثم يبدأ مسيرة نحو غرب الشمس أو هكذا يُخيل له ويواصل
المسير إلى أن يموت منهارا.
ما أشبه ذلك
الفلاح السيبيري المسكين بدون كيشوت دو لامانشا حسبما رواه جدنا الروائي الأول سيرفانتيس
دولامانشا عن رجل مغاربي لا ندري إن كان حقيقة أو من خياله هو أحمد بن الإيلي، وهو
يصور الوقائع المأساوية ذلك الشخص الذي "جفّ عقله" من كثرة قراءاته
لحكايات الفروسية، وراح رفقة حماره وتابعه سانشو يصارع طواحين الهواء وهو يتصورها
جيوشا جبارة. وما أشبه نهاية ذلك الفارس المزعوم بنهاية الفلاح السيبيري المسكين
وهو يموت في طريقه إلى ما اعتقد أنه غرب الشمس.
ولأن التاريخ لم
يثبت وجودا لابن الأيلي المزعوم في حكاية سيرفانتيس، فمن المرجح أنه اختلق تلك
الشخصية اختلاقا من أجل تمرير نكبته الشخصية ليتحول دون كيشوت نفسه إلى مؤلف
الحقيقي وهو يسرد وقائع خيبته الحياته الطويلة التي تشبه تماما ما ادّعاه حفيده
"موراكامي" وهو يتحدث عن هيستيريا سبيريا، ويمكن في هذا المجال أن نتصور
ذلك الفلاح السيبيري المسكين يركب حماا ويسير إلى جانب تابعه يحمل سيفا خشبيا
متجها إلى غرب الشمس وهو يتصور نفيه يقود جيشا جبارا، وكأن الحكاية واحدة والخيبة
واحدة و"الهستيريا واحدة" تؤدي في النهاية إلى الهلاك.
إنها الحكاية
المركبة التي تجمع سيرفانتيس في ذكرى ميلاده الـ 466 وموراكامي في أوج مجده الأدبي
وهو يكتسح السوق برواية جديدة ويأتي على رأس المرشحين لجائزة نوبل لهذه السنة.
تعليقات