التخطي إلى المحتوى الرئيسي

العام الرابع بعد الطاهر وطار

لقد مرّت ثلاث سنوات ونحن ندخل السنة الرابعة لما بعد الطاهر وطار. ثلاث سنوات غاب عنها «حسه» وغابت مشاكساته مع مختلف الأجيال، لكننا عندما نستعيده نشعر كأن الزمن ثابت في لحظة معينة وعمي الطاهر يحافظ على تجدده كأنه بيننا.
الطاهر وطار

الخير شوار
عندما نقرأ حواراته الكثيرة، نكتشف أننا أمام راء، يقرأ المستقبل لا في الكف ولا في الفنجان، وإنما ببصيرة نادرة. ولأنه مقيم في المستقبل فقد شيّد بوسائله الخاصة «قبرا رقميا» هو عبارة عن موقع إلكتروني صمّمه باسم وقد كان متحكما حد الدهشة في اللغة الرقمية، وعندما انتهى منه كتب على «شاهده»: «أشعر وأنا انهمك في إعداد هذا المزار، أني أعّد قبرا شبيها بقبور الفراعنة الغاية أن نتواصل مع الآخرين عبر الزمن»، وقد كتب هذه العبارات سنوات قبل أن يفاجئه المرض سنة 2008. والموقع الإلكتروني لعمي الطاهر وإن كانت التقنية التي أنجزها به، قد تجاوزها الزمن، إلا أنه يحافظ على هيبته تماما «كقبور الفراعنة» كما قال هو، وعندما أفتحه أكاد أكلمه وأقول «مساء الخير عمي الطاهر» واستعد لجلسة نقاش معه قد تطول وقد تقصر، وقد يفاجئني خلالها بأفكار مثل تلك التي كان يطرحها وأنا أزوره في مقامه الأول في شارع رضا حوحو وهو يعرض عليّ كأس شاي من يدي «عمك السعيد» على حد تعبيره.

لقد كان عمي الطاهر كائنا رقميا بامتياز، يتواصل عن طريق «الأم. أس. أن» الذي أٌغلق بعده، لكنه للأسف لم يواكب الفيسبوك الذي ظهر في أواخر حياته وقد بدأت عليه أعراض المرض. فماذا لو أمهل الموت قليلا عمي الطاهر وانخرط في المجتمع الفيسبوكي؟ في هذا الزمن الذي عرف فيه العالم العربي عواصف لم تكن تخطر على بال أحد منا؟ من المؤكد أنها ستكون له معارك لا أول لها ولا آخر، وهو الذي كان مهوسا بمثل تلك السجلات التي كان يقتحمها منذ العصر «البدائي» للصحافة التي امتهنها وعاش مختلف مراحل تطورها. إنه عمي الطاهر الذي غادرنا قبل ثلاث سنوات لكنه يحافظ على تجدده مثل الفراعنة.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

لعنة كريستوف كلومب التي أصابت أجيال الجزائريين: كشف الغمّة في تاريخ الشمّة

لم يكن الرحالة المستكشف كريستوف كلومب، وهو يبحث عن طريق غربية نحو الهند، أن اسمه سيرتبط إلى الأبد بأمريكا (العالم الجديد)، وبالتبغ وبـ ''الشمة'' أيضا التي غزت الجزائر منذ قرون، ومازالت تسيطر على عقول الناس عندنا، مثلما سيطر ''القات'' ويسيطر على عقول اليمنيين · عندما اكتشف الرحالة الإسباني من أصل إيطالي كريسوف كلومب القارة الأمريكية، اكتشف معها مادة التبغ التي كان يُعتقد بأنها دواء شافي لبعض الأمراض، ومع بدايات القرن السادس عشر الميلادي بدأت تنتشر عادة استهلاك هذه المادة في شكل سجائر انطلاقا من إسبانيا والبرتغال قبل أن تكتسح السيجارة العالم وتعود من جديد إلى بلد الهنود الحمر في شكلها الجديد· وغير بعيد عن إسبانيا انتشرت في الضفة الجنوبية للمتوسط عادة من نوع آخر·· التبغ لا يحرق في سجل سجائر وإنما تعاد معالجته إضافة إلى مواد أخرى ليوضع في الفم ويسمى ''الشمة''، أو يسحق تماما ليشم على طريقة الكوكايين والهيروين ويسمى في هذه الحالة ''النفة''، ولئن كانت النفة محصورة إلى حد ما لدى فئة محدودة من الناس، فإن شقيقتها الشمة كثير

زوكربيرغ و"الربعة دورو أنتاع الكبش"

الخير شوار لا يملّ الكثير من الجزائريين من مرتادي شبكات التواصل الاجتماعي من إعادة نسخ صورهم القديمة التي تعود إلى زمن الأبيض والأسود وإعادة نشرها من جديد، مثلما "يبدعون" في نشر كل ما له علاقة بطفولتهم أو ماضيهم البعيد نسبيا، من علب حليب "لحظة"، وعلب السجائر مثل "الأفراز" و"الصافي" و"النسيم"، وعلبة "الهقار" التي تمثل جماعة من التوارق جالسين وأحدهم واقف، التي تذكّر بنكتة مفادها أن أحدهم قال إنه لن يقلع عن التدخين حتى يجلس ذلك "التارقي الواقف"، حتى الأوراق والقطع النقدية على غرار ورقة الخمس دنانير "أنتاع الثعلب" وورقة العشر دنانير الكبير، أو حتى ورقة الخمسمائة دينار التي سُحبت بشكل مفاجئ من التداول سنة 1982 وكشفت حينها عن متسولين وفقراء يمتلكون الأكياس منها. ولا يتردد البعض في نشر روابط من اليوتيوب تمثل مسلسلات ذلك الوقت مثل "ستارسكي وأتش" والمسلسل الموسيقي الأمريكي "فايم" وغيرها كثير. أشكال كثيرة منشورة تملأ الفيسبوك، ربما لا تعرفها الأجيال الجديدة التي تعتمد لغة "العربيز

الباحث فوزي سعد الله: الفنانون اليهود غنوا التراث الجزائري الذي كان تراثهم بحكم انتمائهم للجزائر

يرى الباحث فوزي سعد صاحب كتاب ''يهود الجزائر•• مجالس الغناء والطرب'' الصادر حديثا عن منشورات ''قرطبة'' بالجزائر، أن علاقة يهود الجزائر بالغناء المحلي الجزائري، لم تكن طابو، لكنها تحولت إلى ذلك بفعل أسباب تاريخية معقدة، ويرى أن عودة بعض الفنانين اليهود إلى الغناء بعد انقطاع طويل يعود إلى أسباب كثيرة لا تخلو من التجارة، بعد أن أصبح هذا النوع من الغناء موضة في أوروبا، ويؤكد أن ارتباطهم بهذا النوع من الغناء وجداني ولا علاقة له بالسياسة: منتجين وإن نبغ بعضهم حاوره: الخير شوار وأنت الباحث في علاقة يهود الجزائر بـ ''مجالس الطرب'' المحلي، لماذا تحوّل هذا الموضوع إلى طابو؟ هل هي جناية السياسة على الفن؟ علاقة اليهود بمجالس الطرب الجزائرية لم تولد طابو كما تقول، بل تحولت إلى طابو لأسباب تاريخية • اليهود والمسلمون كانوا يغنون مع بعض في نفس المجالس، في نفس الأجواق الموسيقية، في نفس المدارس والجمعيات الموسيقية على غرار ''المطربية'' و''الأندلسية'' و''الجزائرية - الموصلية''، وحتى في جوق الإذاعة