ربما كانت «أبشع» لوحة تشكيلية هي تلك التي رسمها الفنان
سلفادور دالي وتمثل ملامحه الشخصية وهو حمل «السكرفاج» وعوض أن يعصر حبة طماطم أو بصل
يفعل ذلك مع يده التي تكاد تنتصف والدم يتدفق على الإناء الذي أمامه.
الخير شوار
هو الفن السوريالي الذي جعله يتجاوز المعقول ليصبح المخلوق
بثلاث أيدي حيث أن اليد الثالثة ترسم بالدم بعضا من ملابسه أو هكذا يبدو.
وما أشبه تلك اللوحة الفنية بالصورة «الفوتوشوبية» التي أبدعها
أحد الفنانين المجهولين (وما أكثرهم في عصرنا هذا)، وأقصد بها تلك التي لا تخرج عن
أجواء المطبخ حيث الموسى التي قت البصل والفلفل إلى أجزاء صغيرة (يبدو أنه ستستغل في
طبخة ما) لكنها امتدت إلى اليد الأخرى لتقطعها بدورها إلى أجزاء صغيرة واضحة جدا كأنها
الحقيقة الفوتوغرافية، لكن المدهش هو أن تلك اليد التي تقطّع لا دم فيها، ولا ندري
سر غياب الدم، هل هو من شدة غزارته يمكن أن يحجب التعبير عن الصورة كما رآها صاحبها
أو أنه أراد القول إن تلك اليد من هذا الواقع لا تحوي في الأصل دما وقد سال مدرارا
في الحروب التي وقعت.
لقد عجز العقل زمن ما بين الحربين العالميتين على تفسير الرغبة
في التدمير والقتل فجاء المذهب السوريالي (فوق الواقعي) تعبيرا عن ذلك الحال وربما
كانت لوحة دالي تلك تلخيصا له، حيث الدماء التي تسيل في الحروب تبدع الفن الإنساني
في أبدع صوره وأكثرها بشاعة. واعتقد الإنسان أن الثورات لتكنولوجية المتواصلة من شأنها
أن يبعد الإنسان عن غريزة الشر والانتقام التي رافقته في تاريخه الطويل، لكن الوقائع
أثبتت عكس ذلك والإنسان في عصره الرقمي ما يزال يتصرف لأسلافه البدائيين بل أكثر قسوة
منهم إلى درجة أنه فقد ماء حيائه وفقد مع دمه وراح في صورة رقمية تنقلها الوسائط الحديثة
يقطع يده لا ليرسم بخلاصتها لوحة فنية كما فعل دالي زمن ما بين الحربين العالميتين
بل ليصنع منها طبيخا يذكّرنا بأكلة لحوم البشر الذين اعتقدنا مخطئين أن عصرهم قد انقضى.
تعليقات