التخطي إلى المحتوى الرئيسي

سريالية 2.0



ربما كانت «أبشع» لوحة تشكيلية هي تلك التي رسمها الفنان سلفادور دالي وتمثل ملامحه الشخصية وهو حمل «السكرفاج» وعوض أن يعصر حبة طماطم أو بصل يفعل ذلك مع يده التي تكاد تنتصف والدم يتدفق على الإناء الذي أمامه.


الخير شوار
هو الفن السوريالي الذي جعله يتجاوز المعقول ليصبح المخلوق بثلاث أيدي حيث أن اليد الثالثة ترسم بالدم بعضا من ملابسه أو هكذا يبدو.
وما أشبه تلك اللوحة الفنية بالصورة «الفوتوشوبية» التي أبدعها أحد الفنانين المجهولين (وما أكثرهم في عصرنا هذا)، وأقصد بها تلك التي لا تخرج عن أجواء المطبخ حيث الموسى التي قت البصل والفلفل إلى أجزاء صغيرة (يبدو أنه ستستغل في طبخة ما) لكنها امتدت إلى اليد الأخرى لتقطعها بدورها إلى أجزاء صغيرة واضحة جدا كأنها الحقيقة الفوتوغرافية، لكن المدهش هو أن تلك اليد التي تقطّع لا دم فيها، ولا ندري سر غياب الدم، هل هو من شدة غزارته يمكن أن يحجب التعبير عن الصورة كما رآها صاحبها أو أنه أراد القول إن تلك اليد من هذا الواقع لا تحوي في الأصل دما وقد سال مدرارا في الحروب التي وقعت.
لقد عجز العقل زمن ما بين الحربين العالميتين على تفسير الرغبة في التدمير والقتل فجاء المذهب السوريالي (فوق الواقعي) تعبيرا عن ذلك الحال وربما كانت لوحة دالي تلك تلخيصا له، حيث الدماء التي تسيل في الحروب تبدع الفن الإنساني في أبدع صوره وأكثرها بشاعة. واعتقد الإنسان أن الثورات لتكنولوجية المتواصلة من شأنها أن يبعد الإنسان عن غريزة الشر والانتقام التي رافقته في تاريخه الطويل، لكن الوقائع أثبتت عكس ذلك والإنسان في عصره الرقمي ما يزال يتصرف لأسلافه البدائيين بل أكثر قسوة منهم إلى درجة أنه فقد ماء حيائه وفقد مع دمه وراح في صورة رقمية تنقلها الوسائط الحديثة يقطع يده لا ليرسم بخلاصتها لوحة فنية كما فعل دالي زمن ما بين الحربين العالميتين بل ليصنع منها طبيخا يذكّرنا بأكلة لحوم البشر الذين اعتقدنا مخطئين أن عصرهم قد انقضى.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

لعنة كريستوف كلومب التي أصابت أجيال الجزائريين: كشف الغمّة في تاريخ الشمّة

لم يكن الرحالة المستكشف كريستوف كلومب، وهو يبحث عن طريق غربية نحو الهند، أن اسمه سيرتبط إلى الأبد بأمريكا (العالم الجديد)، وبالتبغ وبـ ''الشمة'' أيضا التي غزت الجزائر منذ قرون، ومازالت تسيطر على عقول الناس عندنا، مثلما سيطر ''القات'' ويسيطر على عقول اليمنيين · عندما اكتشف الرحالة الإسباني من أصل إيطالي كريسوف كلومب القارة الأمريكية، اكتشف معها مادة التبغ التي كان يُعتقد بأنها دواء شافي لبعض الأمراض، ومع بدايات القرن السادس عشر الميلادي بدأت تنتشر عادة استهلاك هذه المادة في شكل سجائر انطلاقا من إسبانيا والبرتغال قبل أن تكتسح السيجارة العالم وتعود من جديد إلى بلد الهنود الحمر في شكلها الجديد· وغير بعيد عن إسبانيا انتشرت في الضفة الجنوبية للمتوسط عادة من نوع آخر·· التبغ لا يحرق في سجل سجائر وإنما تعاد معالجته إضافة إلى مواد أخرى ليوضع في الفم ويسمى ''الشمة''، أو يسحق تماما ليشم على طريقة الكوكايين والهيروين ويسمى في هذه الحالة ''النفة''، ولئن كانت النفة محصورة إلى حد ما لدى فئة محدودة من الناس، فإن شقيقتها الشمة كثير

زوكربيرغ و"الربعة دورو أنتاع الكبش"

الخير شوار لا يملّ الكثير من الجزائريين من مرتادي شبكات التواصل الاجتماعي من إعادة نسخ صورهم القديمة التي تعود إلى زمن الأبيض والأسود وإعادة نشرها من جديد، مثلما "يبدعون" في نشر كل ما له علاقة بطفولتهم أو ماضيهم البعيد نسبيا، من علب حليب "لحظة"، وعلب السجائر مثل "الأفراز" و"الصافي" و"النسيم"، وعلبة "الهقار" التي تمثل جماعة من التوارق جالسين وأحدهم واقف، التي تذكّر بنكتة مفادها أن أحدهم قال إنه لن يقلع عن التدخين حتى يجلس ذلك "التارقي الواقف"، حتى الأوراق والقطع النقدية على غرار ورقة الخمس دنانير "أنتاع الثعلب" وورقة العشر دنانير الكبير، أو حتى ورقة الخمسمائة دينار التي سُحبت بشكل مفاجئ من التداول سنة 1982 وكشفت حينها عن متسولين وفقراء يمتلكون الأكياس منها. ولا يتردد البعض في نشر روابط من اليوتيوب تمثل مسلسلات ذلك الوقت مثل "ستارسكي وأتش" والمسلسل الموسيقي الأمريكي "فايم" وغيرها كثير. أشكال كثيرة منشورة تملأ الفيسبوك، ربما لا تعرفها الأجيال الجديدة التي تعتمد لغة "العربيز

الباحث فوزي سعد الله: الفنانون اليهود غنوا التراث الجزائري الذي كان تراثهم بحكم انتمائهم للجزائر

يرى الباحث فوزي سعد صاحب كتاب ''يهود الجزائر•• مجالس الغناء والطرب'' الصادر حديثا عن منشورات ''قرطبة'' بالجزائر، أن علاقة يهود الجزائر بالغناء المحلي الجزائري، لم تكن طابو، لكنها تحولت إلى ذلك بفعل أسباب تاريخية معقدة، ويرى أن عودة بعض الفنانين اليهود إلى الغناء بعد انقطاع طويل يعود إلى أسباب كثيرة لا تخلو من التجارة، بعد أن أصبح هذا النوع من الغناء موضة في أوروبا، ويؤكد أن ارتباطهم بهذا النوع من الغناء وجداني ولا علاقة له بالسياسة: منتجين وإن نبغ بعضهم حاوره: الخير شوار وأنت الباحث في علاقة يهود الجزائر بـ ''مجالس الطرب'' المحلي، لماذا تحوّل هذا الموضوع إلى طابو؟ هل هي جناية السياسة على الفن؟ علاقة اليهود بمجالس الطرب الجزائرية لم تولد طابو كما تقول، بل تحولت إلى طابو لأسباب تاريخية • اليهود والمسلمون كانوا يغنون مع بعض في نفس المجالس، في نفس الأجواق الموسيقية، في نفس المدارس والجمعيات الموسيقية على غرار ''المطربية'' و''الأندلسية'' و''الجزائرية - الموصلية''، وحتى في جوق الإذاعة