التخطي إلى المحتوى الرئيسي

هل ينقذ الأدباء الدراما التلفزيونية الجزائرية من محنتها؟


بعدما كانت الكتابة الدرامية التلفزيونية في الجزائر حكرا على المخرجين، بدأ بعض الروائيين والشعراء يقتحمون هذا المجال في السنين الأخيرة، وأخذت تتعدد التجارب في هذا المجال.
الكاتب عيسى شريط مع الممثلة بختة بن ويس

الخير شوار
هل سيتحول الأمر إلى ظاهرة، وهل سيتمكن الأدباء من إخراج الدراما التلفزيونية من محنتها؟ عيسى شريط، أحد الأصوات الروائية التي ظهرت في السنين الماضية، وعرف على نطاق واسع إثر فوزه بجائزة مالك حداد للرواية سنة 2003 عن نصه «لاروكاد» الذي صدر بعد ذلك عن منشورات «الاختلاف»، ثم أصدر مجموعة من الروايات، منها: «الجيفة»، «الحواجز المزيفة» وبعض المجموعات القصصية. عندما تسأل شريط عن جديده الإبداعي، يكلمك حتما عن «ساعد القط» وهو ليس بالرواية، وإنما سلسلة تلفزيونية ساخرة تعرض حاليا على التلفزيون الجزائري بمناسبة شهر رمضان. وجاء «ساعد القط» في 15 حلقة ليتناول ظواهر من المجتمع الجزائري بأسلوب ساخر، وأخرجه الفنان يحيى مزاحم. وعن هذه التجربة يقول الروائي عيسى شريط إن «ساعد القط» هو الشخص الذي يعطي بعض الأشياء أكثر مما تستحق. وحلقات المسلسل منفصلة - متصلة، تتناول في كل منها موضوعا محددا يعالج ظاهرة بعينها. ويلعب الدور الرئيسي في المسلسل، الفنان الساخر محمد بوشايب، الذي عرفه الجمهور الجزائري على نطاق واسع من خلال سلسلة «جمعي فاميلي» الناجحة، وعرف على نطاق أوسع من خلال فيلم «مسخرة» للمخرج إلياس سالم الذي حصد الكثير من الجوائز الدولية والإقليمية.
وعلى غرار السينما الجزائرية منذ نشأتها الأولى، يعاني التلفزيون من غياب كتّاب سيناريو محترفين. ومن هنا ولدت ظاهرة المخرج - الكاتب التي سميت بـ«سينما المؤلف»، ويمكن أن تسمى على الشاشة الصغيرة بـ«دراما المؤلف» أو «تلفزيون المؤلف». ومعظم كتّاب السيناريو التلفزيوني في السابق هم المخرجون أنفسهم غير المتخصصين، ومن هنا جاءت المشكلة؛ المخرجون يؤكدون أنهم لم يجدوا نصوصا تصلح للدراما وهو ما اضطرهم للكتابة بأنفسهم، في حين أن الأدباء والكتاب في كثير من الأحيان يشتكون من «غيرة» المخرجين و«جشعهم» مما دفع بهم إلى الاستحواذ على الأضواء والأموال في هذا المجال، وعملوا على إقصاء الأدباء من هذه الدائرة التي أصبحت حكرا عليهم.
ومع السنين الأخيرة بدأت تتكسر تلك القاعدة، مع بعض الاستثناءات التي تريد أن تتحول إلى قاعدة، من خلال بعض الأدباء والشعراء الذين اقتحموا الكتابة للتلفزيون. ولم يكن «ساعد القط» استثناء في تجربة الروائي عيسى شريط التلفزيونية، فقد سبق أن خاض عدة تجارب في هذا المجال. وسبق لأدباء آخرين أن خاضوا تجارب مشابهة، مثل الروائي المعروف مرزاق بقطاش، الذي عرف بعد ذلك بمسلسل «العودة» الفائز بجائزة «الفنك الذهبي» لأحسن سيناريو منذ سنوات. ويعرض، حاليا، على التلفزيون الجزائري، مسلسل «مصطفى بن بولعيد» للكاتب والروائي الصادق بخوش، ويتناول سيرة حياة أحد قادة الثورة التحريرية. ومن التجارب الناجحة للروائيين في كتابة السيناريو ما كتبه بقاسم رواش، وهو كاتب مفرنس عرفه الجمهور في بعض المسلسلات التلفزيونية مثل «شهرة»، وقبلها «ماكانش القازوز يا عزوز»، ويجب ألا ننسى تجربة الشاعر عز الدين ميهوبي، الذي كتب للتلفزيون بعض حلقات مسلسل «جحا» ذي الأجزاء المتعددة، إضافة إلى مسلسل «عذراء الجبل» من بطولة بعض نجوم الدراما السورية والدراما الجزائرية، وهو من إنتاج جزائري - سوري مشترك. وعلى الرغم من تعدد هذه التجارب في التلفزيون الجزائري، فإن الكاتب والناقد التلفزيوني، علاوة حاجي، لا يعتبر أن الأمر وصل إلى درجة الظاهرة، لأنه «لم يتجاوز بعض التجارب الفردية التي لم تتكرر كثيرا»، خاصة أن «مجال الإنتاج التلفزيوني والسينمائي في الجزائر، يتميز بالندرة والموسمية والارتجالية». ويضيف الكاتب علاوة حاجي لـ«الشرق الأوسط» معتبرا أن تجربة الروائي عيسى شريط «كانت موفقة إلى حد ما، مع (عمارة الحاج لخضر) في جزئه الأول الذي كان محكما ومحبوكا، لكن غياب شريط عنه بسبب خلافات، جعل هذا العمل يسقط في الارتجالية والتهريج، إضافة إلى عمل سينمائي مع المخرج عبد القادر مرباح ولخضر بوخرص، وسلسلة (ساعد القط) التي تعرض على التلفزيون الجزائري في رمضان الحالي». أما عن اهتمام الأدباء بالكتابة للتلفزيون فيرجعه علاوة حاجي إلى سببين: «إما رغبة في النهوض بالقطاع السمعي - البصري المتعثر بالجزائر، أو الاستفادة من ميزات السيناريو الذي يبقى أكثر ربحية مقارنة بالكتاب الذي لا يدر على صاحبه شيئا». ويخلص الناقد علاوة حاجي إلى القول إنه: «رغم ذلك تبقى مشكلة السيناريو مطروحة في غياب التكوين في هذا المجال، مما يخضعه للاجتهاد الفردي العصامي والمرتجل. كما أن (ندرة) الإنتاج السينمائي في الجزائر لا تتعلق فقط بهذه النقطة، بل ببعض الحيثيات التي يعرفها جيدا المشتغلون في هذا القطاع الذي ما زالت الدولة تحتكره بشكل أو بآخر، وترفض فتحه للخواص».

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

لعنة كريستوف كلومب التي أصابت أجيال الجزائريين: كشف الغمّة في تاريخ الشمّة

لم يكن الرحالة المستكشف كريستوف كلومب، وهو يبحث عن طريق غربية نحو الهند، أن اسمه سيرتبط إلى الأبد بأمريكا (العالم الجديد)، وبالتبغ وبـ ''الشمة'' أيضا التي غزت الجزائر منذ قرون، ومازالت تسيطر على عقول الناس عندنا، مثلما سيطر ''القات'' ويسيطر على عقول اليمنيين · عندما اكتشف الرحالة الإسباني من أصل إيطالي كريسوف كلومب القارة الأمريكية، اكتشف معها مادة التبغ التي كان يُعتقد بأنها دواء شافي لبعض الأمراض، ومع بدايات القرن السادس عشر الميلادي بدأت تنتشر عادة استهلاك هذه المادة في شكل سجائر انطلاقا من إسبانيا والبرتغال قبل أن تكتسح السيجارة العالم وتعود من جديد إلى بلد الهنود الحمر في شكلها الجديد· وغير بعيد عن إسبانيا انتشرت في الضفة الجنوبية للمتوسط عادة من نوع آخر·· التبغ لا يحرق في سجل سجائر وإنما تعاد معالجته إضافة إلى مواد أخرى ليوضع في الفم ويسمى ''الشمة''، أو يسحق تماما ليشم على طريقة الكوكايين والهيروين ويسمى في هذه الحالة ''النفة''، ولئن كانت النفة محصورة إلى حد ما لدى فئة محدودة من الناس، فإن شقيقتها الشمة كثير

زوكربيرغ و"الربعة دورو أنتاع الكبش"

الخير شوار لا يملّ الكثير من الجزائريين من مرتادي شبكات التواصل الاجتماعي من إعادة نسخ صورهم القديمة التي تعود إلى زمن الأبيض والأسود وإعادة نشرها من جديد، مثلما "يبدعون" في نشر كل ما له علاقة بطفولتهم أو ماضيهم البعيد نسبيا، من علب حليب "لحظة"، وعلب السجائر مثل "الأفراز" و"الصافي" و"النسيم"، وعلبة "الهقار" التي تمثل جماعة من التوارق جالسين وأحدهم واقف، التي تذكّر بنكتة مفادها أن أحدهم قال إنه لن يقلع عن التدخين حتى يجلس ذلك "التارقي الواقف"، حتى الأوراق والقطع النقدية على غرار ورقة الخمس دنانير "أنتاع الثعلب" وورقة العشر دنانير الكبير، أو حتى ورقة الخمسمائة دينار التي سُحبت بشكل مفاجئ من التداول سنة 1982 وكشفت حينها عن متسولين وفقراء يمتلكون الأكياس منها. ولا يتردد البعض في نشر روابط من اليوتيوب تمثل مسلسلات ذلك الوقت مثل "ستارسكي وأتش" والمسلسل الموسيقي الأمريكي "فايم" وغيرها كثير. أشكال كثيرة منشورة تملأ الفيسبوك، ربما لا تعرفها الأجيال الجديدة التي تعتمد لغة "العربيز

الباحث فوزي سعد الله: الفنانون اليهود غنوا التراث الجزائري الذي كان تراثهم بحكم انتمائهم للجزائر

يرى الباحث فوزي سعد صاحب كتاب ''يهود الجزائر•• مجالس الغناء والطرب'' الصادر حديثا عن منشورات ''قرطبة'' بالجزائر، أن علاقة يهود الجزائر بالغناء المحلي الجزائري، لم تكن طابو، لكنها تحولت إلى ذلك بفعل أسباب تاريخية معقدة، ويرى أن عودة بعض الفنانين اليهود إلى الغناء بعد انقطاع طويل يعود إلى أسباب كثيرة لا تخلو من التجارة، بعد أن أصبح هذا النوع من الغناء موضة في أوروبا، ويؤكد أن ارتباطهم بهذا النوع من الغناء وجداني ولا علاقة له بالسياسة: منتجين وإن نبغ بعضهم حاوره: الخير شوار وأنت الباحث في علاقة يهود الجزائر بـ ''مجالس الطرب'' المحلي، لماذا تحوّل هذا الموضوع إلى طابو؟ هل هي جناية السياسة على الفن؟ علاقة اليهود بمجالس الطرب الجزائرية لم تولد طابو كما تقول، بل تحولت إلى طابو لأسباب تاريخية • اليهود والمسلمون كانوا يغنون مع بعض في نفس المجالس، في نفس الأجواق الموسيقية، في نفس المدارس والجمعيات الموسيقية على غرار ''المطربية'' و''الأندلسية'' و''الجزائرية - الموصلية''، وحتى في جوق الإذاعة