التخطي إلى المحتوى الرئيسي

أدونيس ودرويش بلسان الأمازيغ لأول مرة

أحمد سليم آيت وعلي


تمكن أخيرا شاعر جزائري يكتب باللغة الأمازيغية واللغة العربية، من ترجمة بعض أعمال أدونيس ومحمود درويش الشعرية إلى الأمازيغية، في تجربة غير مسبوقة.
الخير شوار
أحمد سليم آيت وعلي، كاتب صحفي وشاعر باللغة العربية واللغة الأمازيغية، وفي تجربة غير مسبوقة اختار نقل بعض أشعار أدونيس ومحمود درويش إلى اللغة الأمازيغية بلهجتها القبائلية، وشكّل ذلك حدثا ثقافيا طريفا عندما ألقى نماذج من تلك التجربة في المسرح الوطني الجزائري على هامش احتفاليات "القدس عاصمة أبدية للثقافة العربية" التي تنظمها الجزائر على مدار سنة كاملة. وينتظر أن تصدر تلك التجارب قريبا في شكل كتب مما يسهم في تأسيس "مكتبة أمازيغية" أدبية ظلت إلى وقت قريبا أقرب إلى اللغة المحكية منها إلى المكتوبة، ولم تنل الاعتراف بها كلغة "وطنية" في الجزائر إلا مع بداية هذه الألفية الجديدة بعد نضال ثقافي وسياسي كبيرين. ومازال الجدل قائما حول طريقة كتابتها بين مفضّل للأحرف العربية ومفضل للأحرف اللاتينية أو "كتابة تفناغ" القديمة التي وجدت ضمن آثار التاسيلي بمناطق الطوارق.
وتكمن أهمية هذه الترجمات التي قام بها أحد الشعراء الذين جمعوا بين الثقافتين العربية والأمازيغية، في إذابة الحاجز بين الثقافتين، بعد السجال الذي دام طويلا والذي تطور من ثقافي إلى سياسي قبل أن يتوارى قليلا في السنين الأخيرة. ويأتي إنجاز الشاعر أحمد سليم آيت وعلي هذا في إطار التجربة التي بدأها سنة 2006 ضمن برنامج "الطريق يتذكر" التي يعدها ويقدمها كل أسبوع على أمواج القناة الإذاعية الجزائرية الثانية الناطقة باللغة الأمازيغية، ففي إطار هذا البرنامج بدأت أشعار الهندي طاغور والفرنسي شارل بودلير والفارسي القديم عمر الخيام تدخل الثقافة الأمازيغية التي كانت في السابق منطوية على ذاتها ولا تعرف إلا الشعراء الناطقين بها على غرار سي محند أومحند ولونيس آيت منقلات ومعطوب الوناس الذي اغتيل في ظروف غامضة سنة 1998م، وجاءت ترجمات ممدوح عدوان وجبران خليل جبران، قبل ترجمة بعض أعمال محمود درويش وأدونيس في الآونة الأخيرة.
وحول هذه التجربة يقول أحمد سليم آيت وعلي لـ"الشرق الأوسط" أنه وجد صعوبة بالغة في تحويل أشعار أدونيس إلى الأمازيغية، ويقول أن أحد أصدقائه خاطبه مازحا عندما علم بترجمة بعض أشعاره أن أدونيس يحتاج إلى ترجمة إلى اللغة العربية أولا قبل أن يترجم إلى الأمازيغية أو إلى أي لغة أخرى. ويضيف أنه أصيب بصداع كبير وهو يشتغل على أشعار أدونيس وكان يسهر معه إلى الساعة الرابعة صباحا في بعض المرات حتى يقترب من روح تلك النصوص وكم كانت فرحته كبيرة وهو يكسب التحدي وينجح في تحويل أشعار أدونيس بمحمولها الفلسفي إلى اللغة الأمازيغية. وعن محمود درويش فهو اختار نصوصه الأولى "الثورية" "لأسباب نضالية" كما يؤكد ومعروف عن الشاعر أحمد سليم آيت وعلي في الجزائر ميوله النضالية الأقرب إلى اليسار بمفهومه الواسع. ويؤكد آيت وعلي أنه يمتلك قاموسا (عربي – أمازيغي)، وكان يفترض أن يستعيد به على الترجمة لكنه وجد نفسه بعيدا عنه، فالعملية الفنية التي كان بصددها وهو يغوص في لغتين ويعيد إنتاج العملية الشعرية بين لسانين، جعلته يكتشف محدودية القاموس ويلجأ إلى الإبداع الحر بعيدا عنه.
جاءت ترجمة بعض أشعار أدونيس ومحمود درويش إلى اللغة الأمازيغية تتويجا لجهد كبير وحلم أكبر رواد صاحبه الذي كان يتمزق وهو يرى ذلك الصراع المفتعل بين ثقافة نشأ في كنفها وأخرى عشقها وكتب بها لسنين طولية، وينتظر أن يتجسد هذا الحلم أكثر مع صدور تلك الترجمات في كتب تزيل بشكل عملي وملموس ذلك الجدار الوهمي الذي يفصل الثقافة العربية والثقافة الأمازيغية وهما وجهان لثقافة واحدة في الجزائر وشمال إفريقيا.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

لعنة كريستوف كلومب التي أصابت أجيال الجزائريين: كشف الغمّة في تاريخ الشمّة

لم يكن الرحالة المستكشف كريستوف كلومب، وهو يبحث عن طريق غربية نحو الهند، أن اسمه سيرتبط إلى الأبد بأمريكا (العالم الجديد)، وبالتبغ وبـ ''الشمة'' أيضا التي غزت الجزائر منذ قرون، ومازالت تسيطر على عقول الناس عندنا، مثلما سيطر ''القات'' ويسيطر على عقول اليمنيين · عندما اكتشف الرحالة الإسباني من أصل إيطالي كريسوف كلومب القارة الأمريكية، اكتشف معها مادة التبغ التي كان يُعتقد بأنها دواء شافي لبعض الأمراض، ومع بدايات القرن السادس عشر الميلادي بدأت تنتشر عادة استهلاك هذه المادة في شكل سجائر انطلاقا من إسبانيا والبرتغال قبل أن تكتسح السيجارة العالم وتعود من جديد إلى بلد الهنود الحمر في شكلها الجديد· وغير بعيد عن إسبانيا انتشرت في الضفة الجنوبية للمتوسط عادة من نوع آخر·· التبغ لا يحرق في سجل سجائر وإنما تعاد معالجته إضافة إلى مواد أخرى ليوضع في الفم ويسمى ''الشمة''، أو يسحق تماما ليشم على طريقة الكوكايين والهيروين ويسمى في هذه الحالة ''النفة''، ولئن كانت النفة محصورة إلى حد ما لدى فئة محدودة من الناس، فإن شقيقتها الشمة كثير

زوكربيرغ و"الربعة دورو أنتاع الكبش"

الخير شوار لا يملّ الكثير من الجزائريين من مرتادي شبكات التواصل الاجتماعي من إعادة نسخ صورهم القديمة التي تعود إلى زمن الأبيض والأسود وإعادة نشرها من جديد، مثلما "يبدعون" في نشر كل ما له علاقة بطفولتهم أو ماضيهم البعيد نسبيا، من علب حليب "لحظة"، وعلب السجائر مثل "الأفراز" و"الصافي" و"النسيم"، وعلبة "الهقار" التي تمثل جماعة من التوارق جالسين وأحدهم واقف، التي تذكّر بنكتة مفادها أن أحدهم قال إنه لن يقلع عن التدخين حتى يجلس ذلك "التارقي الواقف"، حتى الأوراق والقطع النقدية على غرار ورقة الخمس دنانير "أنتاع الثعلب" وورقة العشر دنانير الكبير، أو حتى ورقة الخمسمائة دينار التي سُحبت بشكل مفاجئ من التداول سنة 1982 وكشفت حينها عن متسولين وفقراء يمتلكون الأكياس منها. ولا يتردد البعض في نشر روابط من اليوتيوب تمثل مسلسلات ذلك الوقت مثل "ستارسكي وأتش" والمسلسل الموسيقي الأمريكي "فايم" وغيرها كثير. أشكال كثيرة منشورة تملأ الفيسبوك، ربما لا تعرفها الأجيال الجديدة التي تعتمد لغة "العربيز

الباحث فوزي سعد الله: الفنانون اليهود غنوا التراث الجزائري الذي كان تراثهم بحكم انتمائهم للجزائر

يرى الباحث فوزي سعد صاحب كتاب ''يهود الجزائر•• مجالس الغناء والطرب'' الصادر حديثا عن منشورات ''قرطبة'' بالجزائر، أن علاقة يهود الجزائر بالغناء المحلي الجزائري، لم تكن طابو، لكنها تحولت إلى ذلك بفعل أسباب تاريخية معقدة، ويرى أن عودة بعض الفنانين اليهود إلى الغناء بعد انقطاع طويل يعود إلى أسباب كثيرة لا تخلو من التجارة، بعد أن أصبح هذا النوع من الغناء موضة في أوروبا، ويؤكد أن ارتباطهم بهذا النوع من الغناء وجداني ولا علاقة له بالسياسة: منتجين وإن نبغ بعضهم حاوره: الخير شوار وأنت الباحث في علاقة يهود الجزائر بـ ''مجالس الطرب'' المحلي، لماذا تحوّل هذا الموضوع إلى طابو؟ هل هي جناية السياسة على الفن؟ علاقة اليهود بمجالس الطرب الجزائرية لم تولد طابو كما تقول، بل تحولت إلى طابو لأسباب تاريخية • اليهود والمسلمون كانوا يغنون مع بعض في نفس المجالس، في نفس الأجواق الموسيقية، في نفس المدارس والجمعيات الموسيقية على غرار ''المطربية'' و''الأندلسية'' و''الجزائرية - الموصلية''، وحتى في جوق الإذاعة